إن كنا نؤمن أن القرآن كلام الله وتؤمن أنه كتاب نزل للبشرية جمعاء وليس للعرب فقط، فالذي أنزل الكتاب حي لا يموت، وهذا الكتاب حي ويخاطب أحياء لا يخاطب الأموات، لذلك إن كان هذا الكتاب صالح لكل زمان ومكان، فهذا يعني أننا يجب أن نتدبر آياته بعيوننا نحن وليس بعيون الأموات، هذا الكتاب قال عنه الذي أنزله إنه الرسالة الخاتمة للبشرية، لذلك هو يخاطب البشر في كل زمان ومكان وليس فقط لعصر الرسول والصحابة عندما نزل في عصرهم هم فهموا منه ما فهموه، واليوم نحن بعد 1400 سنة يجب علينا أن نعيد قراءته بعيوننا، نحن لا بعيون من سبقونا لأنه أيضًا صالح لنا وموجه لنا، وليس لهم فقط والذين سيأتون بعدنا بـ10 آلاف عام أيضًا سيقرؤنه بعيونهم هم لا بعيوننا نحن، وسنصبح أنا وأنت بالنسبة لهم تراث، لذلك في القرن السابع عندما كان الصحابة أحياء تعاملوا معه وتفاعلوا معه حسب علومهم ومعارفهم والأرضية المعرفية في زمنهم.
ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين في زمن أكثر تطور منهم وفي عصر وعلوم أكثر تطور منهم ويجب علينا أن نقرأه ونفهمه بحسب معارفنا وعلومنا نحن وحاجاتنا نحن والذي سيأتي بعدنا بآلاف السنين سيتعامل معه بحسب الأرضية المعرفية لهم هم، لأنه لم ينزل لزمن معين أو عصر معين ولم ينزل للعرب فقط ، أول عصر الصحابة، لذلك من يقول هل أنت تفهم أكثر من "الشافعي" مثلاً أو من ابن حنبل أو ابن تيمية وابن فلان وابن فلان من السابقين، أقول له نعم أنا أفهم أكثر منهم وأنت والبقية يفهمون أكثر منهم، فإن كنتم لم تعتادوا على هذا الجواب ستعتادون عليه شئتم أم أبيتم هذا الكتاب أنزله الحي الذي لا يموت وأنزله للأحياء وليس للأموات، وكما كان يحق لهم أن يتفاعلوا معه في زمنهم نحن سنتفاعل معه بزمننا وعصرنا وعلومنا وسنقرأه بعيوننا نحن لا بعيونهم هم.
الأصنام والجهلة الذين يريدون منا العودة في الزمن إلى القرن السابع هؤلاء البشر عقولهم تحتاج إلى تسليك مجاريها، الحياة سائرة إلى الأمام والحياة تتطور مع مرور الزمن ولا تعود للخلف وكوننا كنا في جهل وتخلف وسمحنا بجهلنا لكم أن تعيدونا إلى العصور الحجرية بسبب تخلفكم وجهلكم وتعطيل عقولكم.
إن لم تقتلوا أصنامكم التي تعشعش في جماجمكم ستطأكم الأمم تحت أحذيتها، كنا خير أمة عندما أخرجنا للناس وبفضلكم اليوم عندما عطلتم عقولنا عبدتمونا، أصنام تراثكم وعاداتكم وتقاليدكم وحولتم التاريخ والتراث إلى دين مقدس وعطلتم العقل والفكر، بحجة أن خير القرون قرن الرسول، والذي يليه إلى أن حولتمونا من خير الأمم إلى أسفل وأرذل وأجهل الأمم.
أيها المسلمين، التاريخ وماحصل فيه من أحداث ورجال هو تاريخ وتراث وليس دين الدين هو كتاب ربكم وهذا الكتاب جاء لكم ولمن سيأتي بعدكم لا تخافوا عليه ولا تخافوا منه أقرؤه بعيونكم أنتم لا بعيون من سبقوكم، إن كنتم تريدون الخروج من القاع ومنافسة الأمم أخرجوا من تقديس التراث لتعلموا كتابكم وربكم ومن يجركم لتبقوا في القاع، أقطعوا أيديهم لا تسمحوا لهم أن يجروكم إلى مجاهلهم وتحجر عقولهم لا يخدعوكم بقولهم هل أنت أفهم من الصحابة هل أنت أفهم من الإمام فلان والعالم فلان.
نعم أنت من كل هؤلاء أنت في عصر أكثر تطور منهم، أنت في عصر ما بعد الرسالة، ربك قرر أنك لا تحتاج لرسول، لذلك اختارك أن تعيش في زمن ما بعد الرسالة، ربك أعلم بك منهم أنت لست غبي ولست جاهل ولست بحاجة لمن يفكر عنك ولست بحاجة لصاحب لحية، كي يخبرك عن دينك أنت تستطيع معرفة دينك لوحدك، لا تحتاج كتبهم لا تحتاج فقههم لا تحتاج تراثهم، انظر إلى البشرية في شتى بقاع الأرض، هل يحتاج الروسي والصيني والهندي والأمريكي والكوري أن يعرف تاريخ العرب أو تراثهم أو شخصياتهم أو كتبهم كي يعرف الله أو يعرف دين الله هل يحتاج هؤلاء لروايات وعلماء الذين يسمون أنفسهم حراس العقيدة؟
هؤلاء الذين جعلوا مئات الآلاف من البشر يلحدون بسبب جهلهم وتفسيراتهم وآراءهم المتفحمة.