مفتي الجمهورية يوضح الحكم الشرعي في عمل المسلم عند غير المسلمين
السبت 24/ديسمبر/2016 - 01:13 ص
قال الدكتور شوقي علام، مفتى الجمهورية، إن الأصل جواز عمل المسلم مع غير المسلم؛ لحديث ابن عباس رضى الله عنهما قال: "أصاب نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم خصاصة، فبلغ ذلك على رضى الله عنه، فخرج يلتمس عملاً يصيب فيه شيئًا ليغيث به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأتى بستانًا لرجل من اليهود، فاستقى له سبعة عشر دلوًا، كل دلو بتمرة، فخيره اليهودي من تمره سبع عشرة عجوة، فجاء بها إلى نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم". رواه البيهقي في "السنن الكبرى".
جاء ذلك ردًا على سؤال ورد إليه: "لي شقيقة تعيش فى أمريكا مع زوجها، وعندهم خمسة من الأولاد كلهم مسلمون ومحافظون على الدين الإسلامي ويعظمون أركانه، ويعيشون عيشة هادئة في مجتمع يتبادلون فيه مع من يتعاملون معهم من مجاملات وتهاني، إلى غير ذلك، فهل ما يتقاضونه من أجر نظير عملهم يعتبر حرامًا؟".
وأضاف مفتي الجمهورية، فى معرض رده على السؤال: قال العلامة الشوكاني في "نيل الأوطار": "تأجير النفس لا يعد دناءة وإن كان المستأجر غير شريف أو كافرًا والأجير من أشراف الناس وعظمائهم، وأورده المصنف للاستدلال به على جواز الإجارة معاددة؛ يعنى: أن يفعل الأجير عددًا معلومًا من العمل بعدد معلوم من الأجرة، وإن لم يبين فى الابتداء مقدار جميع العمل والأجرة".
وتابع: وقد نص الفقهاء على جواز عمل المسلم مع غير المسلم، مع الاشتراط على ألا يؤدي إلى نوع فساد كالزنا ونحوه، وعلى ألا يكون فيه إذلال لنفسه:
قال العلامة الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع": [ولو استأجر ذمي مسلمًا ليخدمه ذكر في الأصل أنه يجوز، وأكره للمسلم خدمة الذمي؛ أما الكراهة فلأن الاستخدام استذلال، فكان إجارة المسلم نفسه منه إذلالا لنفسه، وليس للمسلم أن يذل نفسه خصوصا بخدمة الكافر، وأما الجواز فلأنه عقد معاوضة فيجوز كالبيع].
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازى الشافعى فى "المهذب": [واختلفوا فى الكافر إذا استأجر مسلمًا إجارة معينة: فمنهم من قال: فيه قولان؛ لأنه عقد يتضمن حبس المسلم، فصار كبيع العبد المسلم منه.
ومنهم من قال: يصح قولاً واحدًا؛ لأن عليا كرم الله وجهه كان يستقى الماء لامرأة يهودية كل دلو بتمرة[.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلى فى "الكافى": [ولا بأس أن يؤجر نفسه من الذمى، نص عليه؛ «لأن عليا رضى الله عنه أجر نفسه يهوديا، يسقى له كل دلو بتمرة، وأخبر به النبى صلى الله عليه وآله وسلم فلم ينكره» وأكل أجرته، ولا يؤجر نفسه لخدمته؛ لأنه يتضمن إذلال المسلم للكافر فلم يجز، كبيعه إياه، ويتخرج الجواز؛ لأنه عاوضه عن منفعة، فجاز، كإجارته لعمل شىء[.
وعليه: فما يتقاضونه من أجر نظير عملهم يعد جائزًا، ما دام أنه برضا الطرفين، ولم يكن موضوعه يؤدى إلى نوع فساد كالزنا ونحوه، ولم يكن فيه إذلال المسلم لنفسه.