تؤكد الشواهد أن سوق الترامادول في رواج، وأن الوصول إليه بات أسهل من الحصول على رغيف العيش، فإذا جاعت البطون، تاهت العقول، وإذا تاهت العقول، اتخذت الدولة موضعًا من عنفوان شباب اجتاح هيبتها مرتين في 25 يناير و30 يونيو.. حق المواطن جال واشترى، ولو باع أو تعاطى، المخدرات التي حصل عليها من أسواقها، ما سألها سائل، ولا رد بيعتها مبتاع.
البحث في أسواق الكيف
كانت البداية من منطقة مصر القديمة وبالتحديد في شارع الجامع، فهناك تجد الديلرات على النواصي ينتظرون المتعاطي، وهم يستقبلون كل زائر أؤمر يا نجم.. عايز إيه ، وهنا حركة البيع تتم في سرعة ولا مجال للحديث أو الفصال، والسبب أن عمليات البيع تتم في الشارع وسط المواطنين.
هنا تجد جميع أنواع المخدرات من الحشيش إلى الهيروين، أما الأقراص المخدرة فيطلق عليها عضم أو عجل ، فهي متوفرة مع جميع الديلرات تقريبًا، والأسعار موحدة بـ60 جنيهًا لشريط الترامادول، ولا يوجد فصال.
بالترجل قليلاً، وجدنا أنفسنا أمام جامع عمرو بن العاص، وهنا يوجد عدد من دواليب المخدرات ولا يختلف الحال كثيرًا عن سابقه، فالجديد هنا، أن وجبة المتعاطي يطلق عليها العشاء ، وهو عبارة عن كمية من مخدر الحشيش مع قرصين ترامادول بـ30 جنيهًا، وهو يلقى رواجًا كبيرًا للمترددين على المكان، وبالاقتراب من أحد الديلرات وسؤاله عن نوع الأقراص المخدرة وجدنا ترامادول الأحمر وسعر الشريط 55 جنيهًا للكمية، في محاولة منه للتغلب على منافسيه تجار المخدرات.
حاولنا الفصال في السعر، فكان الرد يا نجم إحنا الأصل والباقي فستك وابعد عن المغشوش علشان كل الموجود صيني ومضروب لكن أنا معايا حاجة نضيفة .
وخلال جولتنا انتقلنا إلى دولاب سيد سردينة أمام باب مستشفى المطرية، وكانت المفاجأة قيام المرضى بشراء الأقراص المخدرة من تاجر المخدرات، والعودة مرة أخرى إلى المستشفى وهنا القرص بـ7 جنيهات.
عزبة رستم .. الباطنية الجديدة
تجول حق المواطن في منطقة عزبة رستم بشبرا الخيمة في القليوبية، وهنا تجد عملية شراء المخدرات أسهل من الخبز والطعام، بعد أن تركت مباحث القسم تجار المخدرات يعملون جهرًا في وضح النهار مقابل أموال لبعض أمناء المباحث والمخبرين المسئولين عن المنطقة، بل إن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى أن بعض تجار المخدرات يعملون بتكليفات مباشرة من فرد الشرطة مقابل اقتسام الأرباح وتوفير الحماية من الوقوع في الكلابشات.
قررنا شراء بعض الأقراص المخدرة من أحد الديلرات – الشخص الذي يبيع المخدرات - المتواجدين بالمنطقة (عب الخردة)، وهنا الأسعار منخفضة أكثر من باقي الأماكن، فالشريط المخدر بـ50 جنيهًا، ونوعه مصري، وهذا ما أكده الديلر قائلاً يا برنس أنت مش بتاخد حاجة مستوردة ولا مضروبة ده مصري ولو أنت بتفهم في الكيمياء هترجعلي تاني وثالث .
بالتواصل مع أحد الوسطاء بالمنطقة، قال لنا أحمد إدريس، 25 سنة، طالب بكلية الحقوق، إن الآونة الأخيرة شهدت تزايد عمليات السرقة بالإكراه والخطف والشرطة غائبة عن المنطقة في وقت أصبح فيه الحصول على المخدرات أسهل من الطعام، مشيرًا إلى أن نسبة تعاطي المخدرات تزايدت بشكل ملحوظ، وأن معظم الشباب يسرقون للحصول على الجرعة المخدرة.
مكافحة المخدرات: ضبطنا 96 مليون قرص
بدوره قال اللواء أحمد الخولي، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات، إن الترامادول الموجود مغشوش.
موضحًا أن كبار التجار يشترونه من مصانع بير السلم الموجودة في المناطق العشوائية، مشيرا إلى أن هذه المصانع تضيف موادا خطيرة أثناء عملية الصناعة مثل الجبس الأبيض واللون الأحمر الصناعي والنشا، ويكون سعره منخفضًا إلى حد ما، لكن في الفترة الحالية ارتفع سعر المغشوش، لأن كمية الإقبال على شراء الترامادول كبيرة جدا خاصة فئة الشباب والسائقين والطلبة أيضًا، بحيث يصل سعر الشريط الواحد الذي يحتوى على 10 أقراص إلى 140 جنيهًا مصريًا.
وأضاف الخولي أن الهند كانت محتلة سوق عقار الترامادول لفترة طويلة، وبعدها دخلت الصين في دائرة إنتاج هذا العقار، وهما المصدران الأساسيان للأقراص المخدرة لمصر، وذلك لعدم تجريمه عندهما، مما يتيح إنتاجه وتصديره.