تحتل بعض من بلادنا العربية مراكز متقدمة فى الكثير من الأشياء المخجلة, مثل التحرش الجنسي أو تصفح المواقع الجنسية, وهذا يعكس واقع مرير تحيا به منطقتنا العربية بأكملها, فتلك البقاع الخالدة من الأرض, لطالما كانت مؤثرة فى التاريخ البشرى والحضارة الأنسانية, ولكن هذا من زمن الماضى الجميل, الذى لم نستفيد منها شيئاً سوى أنتاج المزيد من الأغانى أو الكتب أو الأفلام التى ترصد أمجاد الماضى, غافلة عن الحاضر البائس الذى نحيا به, فكيف أنتجنا كل تلك الحضارات والثقافات ووصل بنا الحال الى هذه الدرجة؟!
لا عاراً علينا فى الأعتراف بخطايانا الكبرى لتصحيح مسارنا, بل قمة العار تكمن فى أن نظل متجاهلين عن كل سلبيات مجتمعاتنا ونكابر فلا نصلح شيئاً بل نستمر فى السير للوراء, والعالم حولنا يسير بقوة الى الأمام, ولهذا يرصد حق المواطن بالتجربة العمليه, كيف نتعامل مع التطبيقات الجديدة للتواصل الأجتماعى, وكيف كنا بارعين فى تحويلها الى تجارة رائجة للجنس وبيع الهوى, الأمر الذى رسخ فى أذهان الأجانب صورة سلبية عن العرب.
فى أحد المقاهى بوسط القاهرة, كان يجلس بعض الشباب الذين لا يتعدى عمر أكبرهم 19 عاماً, وكانوا يتحدثون عن مغامراتهم العاطفية والجنسية أحياناً على بعض تطبيقات التواصل الأجتماعى الجديدة, فحاولت الدخول فى الحوار لأعرف الكثير عن تلك التطبيقات, ولماذا يلجأ شباب صغار اليها لأشباع رغباتهم, فذكروا أسماء 4 تطبقيات ربما تكون هى الأشهر, وهم mico, Twoo, wechat و waplog, فجميعها تطبيقات تتيح للمشتركين بها التواصل بسهولة ووضع أى معلومات شخصية عنهم أو صور تعبر عن رغباتهم أو هواياتهم دون حظر نشر أو غلق حساب, مثلما يحدث فى فيس بوك, الذى يحذف أى صور جنسية أو أى محتوى مسئ يتم الأبلاغ عنه.
أحمد فى الصف الثانى الثانوى, أكثر الشباب الجالسين حديثاً, يرى أن أنشاء حساب على تلك التطبيقات للقيام بتجربة التعرف على أناس جديدة تحت أى مسمى ولأجل أى هدف, هو نجاح كبير له, حيث أن تطبيقات ومواقع التواصل الأجتماعى أصبحت عالم أفتراضى غير أفتراضى, فهذا العالم الفسيح الذى يحتوى على مئات الملايين من البشر, التواجد به أصبح واقع لكل الأجيال الجديدة, فهو أختبار حقيقي لقدرتهم على مواكبة العصر, بحسب فكر أحمد والشباب الجالسين معه, فهو مقتنع أن التواصل مع أشخاص جديدة عبر مواقع التواصل الأجتماعى أصبح عادة يومية وهدف يملئ أركان حياتهم الشخصية.
بينما تحدث يوسف عن تجاربه مع البنات أو السيدات على تطبيقات التواصل الأجتماعى الجديدة بكل فخر وزهو, فهو يرى فى هذا الفعل شئ جيد لا عيب ولا ريب فيه, وإن كان حتى بهدف الجنس أو متابعه الصور الساخنه, حيث أرانا محادثات بينه وبين بعض البنات من دول مختلفة لأثبات قدرته على الأقناع أو التباهى بقدرته على ممارسة ما يريد دون حواجز أو رهبة.
كان لابد من دخول هذا العالم الجديد, لخوض تجربة الشباب الصغير فى البحث عن متنفس لهم أو أرضاء لرغباتهم, فأنشأت حساب وهمى للتواصل على كل التطبيقات الممكنة, فوجدنا داخل كل تلك التطبيقات عدد كبير من العرب الذين يرغبون فى معرفة أشخاص جديدة أو بعض منهم يبحث عن شئ لذاته, وما وجدناه مختلف فى تلك التطبيقات المعنيه بالتواصل الأجتماعى, أنها دون غيرها من مواقع التواصل الشهيرة مثل فيس بوك وتويتر, فأنت بأمكانك عرض أى صور أياً كان محتواها دون أى حظر أو منع نشر, بالاضافة الى وجود حسابات كثيرة جداً لعرض الجنس بمقابل مادى.
تجارة الجنس على تلك التطبيقات لها شروطها الخاصة التى تتحكم بها كروت شحن الهواتف المحمولة, فإن كنت ترغب فى رؤية بعض الصور الخاصة عليك أرسال رقم كارت شحن بقيمة معينه, وتزداد تلك القيمة أن رغبت فى إجراء مكالمة تليفونية, وتتضاعف القيمة بالتأكيد أن رغبت فى إجراء مقابلة شخصية لقضاء ليلة مع بائعه الهوى, بعض التطبيقات تسمح ايضاً بوجود تسجيل صوتى على حسابك الخاص تعرف به نفسك أو تعرض أفكارك أو ربما اهدافك وطلباتك, لأختصار المجهود فى الكتابة أو الكلام.
على تطبيقات mico, badoo, Twoo, Wechat و waplog, تنوع الأستخدام وطريقة فتح حساب سواء عبر فيس بوك أو تويتر أو عبر أيميل خاص, ولكن كان المحتوى تقريباً واحد والمنتج واحد والسوق كله يتحدث عن تجارة الجنس أو بلغه الشباب (الشقط), فملايين المتصحفين أو المشتركين يدخلون مزاد علنى فى تلك التطبيقات على الأجساد العارية أو الصور الفاضحة, وبالدخول فى هذا المزاد العلنى, حاولت خوض التجربة مع أكثر من فتاه أو سيدة, وأكتشتف أن الأجانب لا يدخلون هذا المزاد, فما نراه نحن صور خليعه يرونه هم صور عادية جداً, والأختلاف فقط فى عين المتلقى, أما من يتحدثون العربية فهم يرفضون دائماً الحديث قبل أرسال رقم كارت شحن.
على تطبيق waplog هناك حساب بأسم سوما, تحدثت معها طالباً التعرف, فردت بجمله واحدة (سكس فون بكارت 50), بينما رشا على نفس التطبيق بعد القاء التحية عليها طلبت كارت شحن مباشرة ورفضت أستكمال الحديث بعدما عرضت عليها المال مقابل اللقاء.
على بقية التطبيقات يعرض الجميع كل الشروط لفرض نوع العلاقة وفحواها, فغير المصريين لا يطلبون كروت شحن ولكن يطلبون تحويلات مالية على أرصدة معينه خاصة بهم, والأجانب لا يعنيهم المال بقدر ما يعنيهم زيادة المتابعه لهم أو الحديث عبر مكالمات الفيديو وأرسال صور خاصة جداً لطالب التعارف.
تطبيق badoo قام بتحميله أكثر من 50 مليون شخص حول العالم, بينما قام بتحميل تطبيق Wechat اكثر من 100 مليون شخص, وعدد محملى تطبيقي mico وwaplog 10 ملايين شخص, بينما كان عدد محملى تطبيق Twoo 5 مليون شخص حول العالم, وهذا ما يعكس رواج كل تلك التطبيقات التى أصبحت تلفت الأنظار اليها أو ربما تحولت الى سوق اليكترونى كبير لتجارة الجنس والأبدان.
بعد أيام على تلك التطبيقات فى محاولة لحصر المراحل العمرية الباحثة عن الجنس فى تلك الطبيقات, كان الصادم أن نجد النسبة الأعلى من الباحثين عن الجنس من عمر 16 عاماً وحتى عمر 30 عاماً, وتقل تلك النسبة بأرتفاع عمر المشترك فى تلك التطبيقات, وهذا إن دل على شئ, فيدل على أننا نعيش واقع مرير جداً علينا البحث فيه ومحاولة أنقاذ ما يمكن أنقاذه, فالكثير من أبناء الجيل الحالى, سرقهم الأحتياج ونالت منهم عدم المعرفة أو الوعى, ولم يعد أمامنا سوى البحث فى حلول جذرية لأزمات نفسية وجنسية تجعل مجتمعاتنا اكثر وحشية وسادية, وتجعلنا نقف أمامنا ثابتين راسخين دون أى حراك أمام تغير العالم من حولنا وتطوره وأزدهاره.