إنّ القرآن الكريم ليس به كلمات مترادفة أبداً ، فعندما يذكر كلمة صـيام بحرف الياء ، فإنّه ﻻ يقصد بها كلمة صـوم بحرف الواو . إنّ كلمة الصـيام يقصد بها القرآن الكريم اﻻمتناع عن الطعـام و الشراب و باقي المفطرات من الفجر حتّى المغرب ، أي فريضة الصـيام المعروفة خلال شهر رمضان المبارك ، قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كـتب عليكم الصـيام ) البقرة 183 ، و لم يقل كـتب عليكم الصـوم.
أمّـا الصـوم : فيخصّ اللّسـان و ليس المعـدة ، و خاصّة قول الحقّ سـواء في رمضان أو غيره ، أي أنّ الصوم يأتي مع الصـيام و بعـده و الدليل على أنّ الصوم ليس لـه عﻼقة بالطعام و الشـراب ، ما ورد في القرآن الكريم : ( فـكلي و اشـربي و قـرّي عيناً و إمّـا تـرينّ من البشـر أحـداً فقولي إنّي نذرت للرحمن صـومـاً ) مريم 26 ، أي أنّ مريم عليها السلام قـد نذرت صـوماً و هي تأكل و تشـرب ، و الصـيام لوحده دون أنْ يُرافقـه الصـوم ﻻ يُؤدّي الغرض المطلوب تمـاماً لقولـه صلى الله عليه و على آله وصحبه وسلّم في حديثه الشريف: : ( مَـنْ لمْ يدعْ قول الزور و العمـل بـه فليس للـه حاجـة في أنْ يدع طعامـه و شـرابـه ) أيْ ﻻبـدّ من الصوم مع الصيام ، فمن السهل على اﻹنسان الجوع و العطش من الفجر للمغرب ، لكنّ من أشـدّ الصعوبات عليه قول الحقّ خاصّة إذا كان على نفسـه ، ﻷنّ الصبْر الحقيقي هو في مُعاملة اﻵخرين : ( و جعلْنا بعْضكُم لبعْضٍ فتنةً ، أتَصْبرون ) الفرقان 20 ، و اﻷهمّ ما في الموضوع هـو فهـم الحديث القدسـيّ جـيّداً و اﻻنتباه لكلماته بدقّة أيضاً : ( كـلّ عمـل ابن آدم لـه إﻻً الصـوم فإنّـه لـي و أنـا أجـزي بـه ) ، نلاحظ أنّـه ذكر الصـوم و لـم يقل الصـيام ، ﻷنـه بالصـوم تنتهي المشاكل و يخفّ الضـغط على المحـاكم ، أمّـا الصـيام مع سـوء الخلق فإنّـه يزيد عمـل المحاكم ، فصـوموا صـوماً و صـياماً ] لتعمّ الفائـدة .