إذا أردت "خمرًا" فلن تحتاج إلّا أن تكون من سكان "وسط البلد"
الخميس 20/أبريل/2017 - 08:41 م
علي مجدي
طباعة
لا يَحار السكارى في مصر كثيراً في اختيارات الذهاب إلى البارات في نهاية يومهم، أو ليلة الخميس، سهرتهم المقدسة، فتقودهم الخطى دون تفكير إلى منطقة وسط البلد، التي ترسم خريطة أي نشاط يحدث في العاصمة، إلّا أن خريطة البارات قد تدفعك إلى مغامرة الخروج من قلب المدينة.
الحرية، الجريون، ستيلا، هابي سيتي، كاب دور، أستوريل... أسماء لبارات مصرية معروفة تاريخياً وإعلامياً وشعبياً، شكلت جزءً كبيراً من الذاكرة التاريخية للسُكر في مصر، نظراً لنوع الطبقات الاجتماعية التي تقصدها، سواء كانوا من المثقفين أو السياسيين، لكن الهامش دائماً يصنعه المهمشون الباحثون عن الكأس خارج هذه البقعة المعروفة.
الدقى.. "الخمارات جنب المخابز في زقاق صغير مسدود من أحد تفريعات شارع التحرير بمنطقة الدقي، تختلط روائح الخبز الطازج بالكحول المنبعثة من المخبز البلدي وكافتيريا الدقي، اللذين يصنعان ثنائية متناقضة، ألفها سكان الحي خلال العقود الخمسة الأخيرة".
لافتة معدنية صفراء تحمل شعار "ستيلا"، وأخرى من النوع نفسه لاسم المحل "كافتيريا الدقي"، تقودكم إلى أحد أقدم بارات الدقي، الذي تأسس في 1961، وهو العام الذي شهد الطفرة الإنشائية للبارات في مصر، لكن هذا البار يتفرد بتفاصيل لن تجدها في بار آخر في الحي المشهور بالأسطح الفاخرة.
باب موارب تعبر من خلاله الكراسي المتراصة خلفه مباشرة، بشكل يوحي بتكدسه في فترة الظهيرة، لكن تصميم المكان يجعلك تستمر في السير لمشاهدة طبيعة الزبائن الذين بالكاد انتهوا من العمل، وفي الخلفية تصدح الست أم كلثوم من الراديو المتهالك المعلق جوار البار.
هنا رجل أربعيني يرتدي بدلة ويضع حقيبة "المحاماة" أعلى الطاولة، وهناك رجل أشيب منكب على الزجاجة والسيجارة، وفي الزاوية الهادئة البعيدة يجلس آخر بجلباب مهترئ، وفي الوسط مجموعة من الشباب يتسامرون ويرفعون الكؤوس في صمت، حفاظاً على هدوء المكان.
لم يتغير البار كثيراً عن فترة الستينيات باستثناء طلائه بالألوان الممتزجة بين الأصفر والبني الداكن، هذا ما يوضحه شريف وحيد، مدير كافتيريا الدقي، الذي يحجز مقعده أمام هرم زجاجات البيرة والويسكي المحلية.
للبار ميزة في موقعه الجانبي لاقتصاره على زبائنه القدامى، فلن تعثروا عليه إلا بالصدفة أو من خلال كلام الآخرين عنه.
"البار له طبيعة خاصة في وسط البلد، مخصص لكبار السن من جميع الفئات مثل الصناعيين والموظفين والمحامين، والفنانين من عازفي أوركسترا الأوبرا"، يتحدث وحيد عن طبيعة زبائنه، مشيراً إلى أنه يسمح للزبون الجديد بالجلوس مرة واحدة فقط لملاحظة سلوكه قبل قراره بمنعه أو الترحيب به.
يقدم البار أسعاراً خاصة مختلفة عن أسعار نظرائه في وسط المدينة، إذ لا يزيد سعر زجاجة البيرة عن 23 جنيهاً بـ"المزة" "نحو دولار واحد"، وهو العرض الذي لم يعد موجودًا إلا في أماكن محدودة بسبب زيادة الجمارك المفروضة على أسعار الكحوليات.
وفى الزمالك.. بينما تزيغ عيونكم على المقاهي الزاهية التى ترص كراسيها فى شارع 26 يوليو، تنعطف قليلاً إلى المنطقة الأقل بريقاً في حي الزمالك، عند شارع بابا شارو، الذي يبدأ بمقهى شعبي ذاع صيته في السنوات الأربع الأخيرة باسم "الحارة المزنوقة"، وهو المصطلح الذي أطلقه الرئيس المعزول محمد مرسي عليه، في وصفه لمجموعة السياسيين والصحافيين الذين يجلسون في المقهى للتخطيط لإزاحته من حكم مصر.
بضعة أمتار، هي كل المساحة التي يقام عليها بار "فرحات"، الواقع بين العقارات التاريخية والقصور الفخمة والمحال الأنيقة المتكدسة بأبناء الذوات من حي الزمالك الأرستقراطي، فلا تتعجبوا إذا صادفتم رجلاً ستينياً يجلس أمام ثلاجة مياه غازية، يرحب بكم لاحتساء الجعة.
على بعد أمتار من المقهى، صنع "فرحات" عالماً خاصاً به مكوناً من ثلاجات عرض المياه الغازية والجعة ماركة ستيلا المصرية، و3 أرائك خشبية قديمة تحيطها الكراسي والطاولات المتهالكة. كل هذا يدور تحت السماء المفتوحة، فتحتمي زاوية "فرحات" التي تتجاوز مساحتها 3 أمتار بالعقارين المتلاصقين دون سقف.
البار "المزنوق" تأسس عام 1960 بغرض بيع الكحول لأهالي الزمالك والعابرين، إلى أن صار بشكله الحالي استراحة للباحثين عن زاوية هادئة، تندر فيها الأحاديث، وتخلو من الهمسات وقهقهات البارات، بسبب سكونها وظلامها ووجودها فى منطقة سكنية.
الحرية، الجريون، ستيلا، هابي سيتي، كاب دور، أستوريل... أسماء لبارات مصرية معروفة تاريخياً وإعلامياً وشعبياً، شكلت جزءً كبيراً من الذاكرة التاريخية للسُكر في مصر، نظراً لنوع الطبقات الاجتماعية التي تقصدها، سواء كانوا من المثقفين أو السياسيين، لكن الهامش دائماً يصنعه المهمشون الباحثون عن الكأس خارج هذه البقعة المعروفة.
الدقى.. "الخمارات جنب المخابز في زقاق صغير مسدود من أحد تفريعات شارع التحرير بمنطقة الدقي، تختلط روائح الخبز الطازج بالكحول المنبعثة من المخبز البلدي وكافتيريا الدقي، اللذين يصنعان ثنائية متناقضة، ألفها سكان الحي خلال العقود الخمسة الأخيرة".
لافتة معدنية صفراء تحمل شعار "ستيلا"، وأخرى من النوع نفسه لاسم المحل "كافتيريا الدقي"، تقودكم إلى أحد أقدم بارات الدقي، الذي تأسس في 1961، وهو العام الذي شهد الطفرة الإنشائية للبارات في مصر، لكن هذا البار يتفرد بتفاصيل لن تجدها في بار آخر في الحي المشهور بالأسطح الفاخرة.
باب موارب تعبر من خلاله الكراسي المتراصة خلفه مباشرة، بشكل يوحي بتكدسه في فترة الظهيرة، لكن تصميم المكان يجعلك تستمر في السير لمشاهدة طبيعة الزبائن الذين بالكاد انتهوا من العمل، وفي الخلفية تصدح الست أم كلثوم من الراديو المتهالك المعلق جوار البار.
هنا رجل أربعيني يرتدي بدلة ويضع حقيبة "المحاماة" أعلى الطاولة، وهناك رجل أشيب منكب على الزجاجة والسيجارة، وفي الزاوية الهادئة البعيدة يجلس آخر بجلباب مهترئ، وفي الوسط مجموعة من الشباب يتسامرون ويرفعون الكؤوس في صمت، حفاظاً على هدوء المكان.
لم يتغير البار كثيراً عن فترة الستينيات باستثناء طلائه بالألوان الممتزجة بين الأصفر والبني الداكن، هذا ما يوضحه شريف وحيد، مدير كافتيريا الدقي، الذي يحجز مقعده أمام هرم زجاجات البيرة والويسكي المحلية.
للبار ميزة في موقعه الجانبي لاقتصاره على زبائنه القدامى، فلن تعثروا عليه إلا بالصدفة أو من خلال كلام الآخرين عنه.
"البار له طبيعة خاصة في وسط البلد، مخصص لكبار السن من جميع الفئات مثل الصناعيين والموظفين والمحامين، والفنانين من عازفي أوركسترا الأوبرا"، يتحدث وحيد عن طبيعة زبائنه، مشيراً إلى أنه يسمح للزبون الجديد بالجلوس مرة واحدة فقط لملاحظة سلوكه قبل قراره بمنعه أو الترحيب به.
يقدم البار أسعاراً خاصة مختلفة عن أسعار نظرائه في وسط المدينة، إذ لا يزيد سعر زجاجة البيرة عن 23 جنيهاً بـ"المزة" "نحو دولار واحد"، وهو العرض الذي لم يعد موجودًا إلا في أماكن محدودة بسبب زيادة الجمارك المفروضة على أسعار الكحوليات.
وفى الزمالك.. بينما تزيغ عيونكم على المقاهي الزاهية التى ترص كراسيها فى شارع 26 يوليو، تنعطف قليلاً إلى المنطقة الأقل بريقاً في حي الزمالك، عند شارع بابا شارو، الذي يبدأ بمقهى شعبي ذاع صيته في السنوات الأربع الأخيرة باسم "الحارة المزنوقة"، وهو المصطلح الذي أطلقه الرئيس المعزول محمد مرسي عليه، في وصفه لمجموعة السياسيين والصحافيين الذين يجلسون في المقهى للتخطيط لإزاحته من حكم مصر.
بضعة أمتار، هي كل المساحة التي يقام عليها بار "فرحات"، الواقع بين العقارات التاريخية والقصور الفخمة والمحال الأنيقة المتكدسة بأبناء الذوات من حي الزمالك الأرستقراطي، فلا تتعجبوا إذا صادفتم رجلاً ستينياً يجلس أمام ثلاجة مياه غازية، يرحب بكم لاحتساء الجعة.
على بعد أمتار من المقهى، صنع "فرحات" عالماً خاصاً به مكوناً من ثلاجات عرض المياه الغازية والجعة ماركة ستيلا المصرية، و3 أرائك خشبية قديمة تحيطها الكراسي والطاولات المتهالكة. كل هذا يدور تحت السماء المفتوحة، فتحتمي زاوية "فرحات" التي تتجاوز مساحتها 3 أمتار بالعقارين المتلاصقين دون سقف.
البار "المزنوق" تأسس عام 1960 بغرض بيع الكحول لأهالي الزمالك والعابرين، إلى أن صار بشكله الحالي استراحة للباحثين عن زاوية هادئة، تندر فيها الأحاديث، وتخلو من الهمسات وقهقهات البارات، بسبب سكونها وظلامها ووجودها فى منطقة سكنية.