في ذكرى رحيل "موسيقار الأجيال".. عشاقه يناشدون ماسبيرو بإنقاذ تراثه من التشويه
الخميس 04/مايو/2017 - 05:59 م
نورجيهان صلاح
طباعة
عندما رحل الموسيقار عبد الوهاب، قرأنا عدة تصريحات لبعض المقربين منه، ذكروا فيها أنه قد كلف الموسيقار أحمد فؤاد حسن بإعادة توزيع بعض أغانيه القديمة، مثل كيلوباترا، والجندول، والحبيب المجهول، وحياتى انت، والنهر الخالد، ثم تركيب صوته على التوزيعات الجديدة، وقيل بالفعل إنها جاهزة وقد استمع عبد الوهاب إليها، وأمر فؤاد بتنفيذها ولم يتبقَ سوى التسجيل.
ومن بين ما قرأنا حديثا للموسيقار أحمد فؤاد حسن، قال فيه إن التوزيعات جاهزة وهو يبحث عن الماستر الاصلي لضمان نقاء صوت الأستاذ، ولكن انتقل الأستاذ فؤاد إلى جوار ربه ولم تظهر هذه الأعمال ‘لى النور ولم نسمع عنها شيئا، وقد رفع بعض عشاقه بعض هذه التوزيعات التى كان من المقرر دمجها مع صوت عبد الوهاب، ولا ندرى سبب عدم إتمام هذا المشروع، خاصة أنه كان بتكليف من الموسيقار عبدالوهاب قبل رحيله، وكان يقول إن هذا هو أجمل ختام لحياته كفنان.
نتطرق لنقطة مهمة أخرى، وهي ما ترتكبه شركات الإسطوانات والإذاعات في حق موسيقار الأجيال من تشويه لصوته.
من أراد أن يستمع إلى عبدالوهاب الحقيقي فليستمع إلى أغانيه من الإسطوانات القديمة، وليس من خلال الكاسيتات أو السيديهات أو حتى الإذاعة، حينها يعلم أن ما تعودنا الإستماع اليه هو صوت آخر لا علاقة له بصوت عبد الوهاب، ويدرك حجم التشويه الذي أصاب صوت الأستاذ بسبب ابطاء سرعة التسجيلات عند نقل هذه الأعمال من الإسطوانات الى شرائط الكاسيت والسيديهات، فالإبطاء الذى يؤدى الى زيادة مدة الأغنية ولو ثانيتين وثلاث ثوان عن المدة الحقيقية، ويؤثر تأثيرا واضحا على جمال صوت المطرب، فما بالك بأغانى زاد طولها 30 أو 40 ثانية واحيانا دقيقة أو دقيقتين عن الطول الأصلي.
ونلاحظ أن البومات شركة صوت الفن تحتوى على كثير من الأعمال التى أصابها التشويه بسبب إبطاء سرعة التسجيلات سواء الشرائط التى طبعت في السبعينات او الوطنيات التى طرحت في الأسواق عام 1985، او غيرها من الألبومات الحديثة، وعلى سبيل المثال: "قصيدة الروابي الخضر، التى يظهر فيها تشويه صوت الأستاذ واضحا جدا في تسجيلات الإذاعة وفي جميع إصدارات شركة صوت الفن، سواء الألبوم القديم الذى يضمها مع قصيدة لا تكذبي، وموسيقى حياتى، او ضمن مجموعة الوطنيات،فهذه القصيدة طولها الأصلي 10دقائق، بينما طولها في البوم لاتكذبي 11 دقيقة، وقد زاد الأمر سوءا عند طبعها ضمن الوطنيات وزاد البطء بشكل لا تخطئه الأذن، وأصبح طولها 11 دقيقة.
وأغنية "انده على الأحرار" أذيعت مشوهة في الإذاعة، وكذلك طبعت بسرعة بطيئة في الشريط الثالث من الوطنيات، وهذه الأغنية طولها الأصلي 10 دقائق، بينما طولها في الشريط المذكور 11 دقيقة.
ايضًا "أغنية الصبر والإيمان" مشوهة في ألبوم أجمل أغنيات عبد الوهاب، كما شمل البطء والتشويه باقي أغنيات الألبوم، وكذلك الأمر عند طبعها في الشريط الثانى من الوطنيات.
اما في ألبوم ذكريات الصادر عن شركة كايروفون، فقد كان صوت الموسيقار طبيعيا وفي غاية الروعة والجمال، غير أن هذا التسجيل مبتورا وليس كاملا، ولا يكرر فيه الأستاذ كوبليه "افتكري ياجدران" مع الموسيقى الممهدة له، كما في تسجيلات صوت الفن.
اغانى فيلمي رصاصة في القلب وممنوع الحب، التى نشرت مع تعليقات بصوت الموسيقار، كلها بطيئة ومشوهة، ولولا الأفلام لما استمعنا اليها بصوت عبد الوهاب الطبيعي، ولسوء حظ هذه الأغنيات أن شركة كايروفون طبعتها بطيئة منذ عقود على اسطوانات، ثم على كاسيتات في اوائل السبعينات بالدرجة نفسها من البطء والتشويه.
قصيدة كيلوباترا، هذه الرائعة الوهابية لم نستمع اليها بصوت عبدالوهاب الطبيعى منذ كنا اطفالا وقد أصدرتها صوت الفن فى البومين مختلفين، الأول مع دعاء الشرق وهان الود وموسيقى حياتى، والآخر مع دعاء الشرق فكان طول الأغنية فى الألبوم الأول 24 دقيقة،51 ثانية، أما طولها فى الألبوم الثانى وهو القديم وقد طبع في اوائل السبعينات فهو 24 دقيقة.12 ثانية، وكيلوبترا طولها الصحيح حوالى 23 دقيقة و5 ثواني.
ومن أعمال عبد الوهاب التى لم نسمعها بسرعتها الطبيعة قط، التسجيلان المطولان لأغنيتى" الجندول، والحبيب المجهول"، سواء فى البومات صوت الفن او كايروفون، حيث يبدو واضحا تشوه صوت عبد الوهاب، بالمقارنة مع التسجيلين المختصرين
وشوهت صوت الفن كذلك، أغنيات "بفكر فى اللى ناسينى، واحبك وانت فاكرنى، ومن قد ايه كنا هنا، ووظلمونى، ومضناك،وهمسة حائرة "، التسجيل المطول وغيرها الكثير مما لا يتسع المجال لحصره.
وبعد فهذه مجرد أمثلة ذكرناها باختصار شديد وقد لا نكون مبالغين اذا قلنا، ان صوت عبد الوهاب قد اصابه التشويه في أكثر من 90 بالمئة من اصدارات صوت الفن.
اما شركة كايروفون فمعظم اعمال الموسيقار التى طبعتها على اسطوانات وكاسيتات، سليمة اذا استثنينا التسجيلين المطولين للجندول والحبيب المجهول، والألبوم الذى جمع أغنيات احبه مهما اشوف منه، وانسى الدنيا، ويللي نويت تشغلنى، فهذه الإصدارات اصابها ما اصاب اصدارات صوت الفن من بطء وتشويه، ولكن التسجيلات الجيدة عندما طبعتها على سيديهات رأيناها تفوق صوت الفن في تشويه صوت الاستاذ والدليل على ذلك ألبومات "القمح، ومن قد ايه كنا هنا، ومجنون ليلى"، فقد بدا البطء بها واضحًا، وشوه صوت عبد الوهاب تشويها كبيرا.
أما الإذاعات فهى تنافس الشركات فى إفساد أعمال عبد الوهاب، ويرجع ذلك الى سوء النقل من الإسطوانات او الشرائط الأصلية الى شرائط الإذاعة الحديثة، وقد استمعنا الى اغنية الشباب من برنامجى سلطنة، والحان زمان، فكانت فى غاية السوء من ناحية البطء الذى أفسد صوت عبد الوهاب، وكذلك أنشودة السودان " التسجيل المطول، وانده على الأحرار وانشودة الفن، وهذا الكلام يقال ايضًا على أغنية قابلته، سواء التسجيل الإسطوانى المبتور او الإذاعى الكامل، فأغنية قابلته تسجيلها المختصر طوله في الإسطوانة الأصلية 6دقائق و40 ثانية، وتبثه الإذاعات بطول 5دقائق و58 ثانية.
أما التسجيل الكامل، فطوله في الأصل 6 دقائق و5 ثوانى، ويذاع بطول 6 دقائق و16 ثانية، لذلك يناشد جمهور موسيقار الأجيال، السادة المسئولين فى الشركات المنتجة لأعمال الموسيقار بالإذاعة المصرية، اعادة نقل هذه الأعمال من الشرائط او الإسطوانات الأصلية بالطريقة الصحيحة، كى نضمن بقائها فى حالة جيدة قبل أن تنقرض أصولها ولن يبقى لنا وللاجيال القادمة سوى الأعمال المشوهة.
إلى متى يظل المسؤلين غافلين عن كل هذا الكم من التشويه الذي يلحق برواد الفن في مصر، لا سيما بعدما تم انشاء جمعية "أبناء فناني مصر"، لحفظ حق الأداء العلنى للفنانين وملكيتهم الفكرية.