العراق....صوت الانفجارات ورائحة البارود تغيب أجواء رمضان الروحانية
الأربعاء 31/مايو/2017 - 10:39 ص
وكالات
طباعة
رغم مرور نحو 14 عاما علي سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين ، لم يشعر المواطن العراقي بأقل مقومات الحياة ومن بينها الأمن والاستقرار والاحتفال بمناسباته الدينية والوطنية ، وخلال هذه الفترة التي شهد فيها العراق مختلف ألوان الخراب والدمار ، لم يحتفل العراقيون بشهر رمضان المبارك كما اعتادوا في السابق، وزادت وتيرة عمليات العنف والارهاب خلال الشهر الفضيل.
ورغم مرور أيام قليلة علي قدوم شهر الصوم لهذا العام، عادت الانفجارات لتدوي وكأنها مدفع الإفطار الذي ينبه الصائمين لموعد الافطار، أو مدفع الإمساك الذي يبدأون الصيام عليه .. ففي أقل من 24 ساعة شهدت بلاد الرافدين 3 عمليات إرهابية ما بين هجوم بسيارة وتفجير وهجوم مسلح في العاصمة بغداد وضواحيها ومحافظة الأنبار غربي البلاد، حيث انفجرت سيارة ملغومة في حي الكرادة التجاري وسط بغداد في الساعات الأولى من صباح أمس الثلاثاء مما أسفر عن سقوط 13 قتيلا على الأقل وإصابة 40 آخرين، وبعد ساعات قليلة قتل تفجير ثان 10 أشخاص وأصاب 44 آخرين على مقربة من مكتب حكومي في حي الكرخ في العاصمة أيضا، فيما كانت محافظة الأنبار علي موعد مع تفجير انتحاري في نهاية اليوم أسفر عن سقوط أكثر من 35 عراقيا ما بين قتيل وجريح. وأفسدت هذه الهجمات الثلاث احتفالات العراقيين بحلول شهر رمضان خصوصا في ظل تاريخ طويل مع الانفجارات في هذا الشهر الكريم ، وكان انفجار الكرادة العام الماضي قبل العيد بأيام قليلة شاهد عيان علي ذلك.
"الصراع السياسي وقرب الانتخابات"...عاملان رأت الدكتورة زينة الكربولي أستاذ الاعلام والعلاقات العامة في العراق أنهما السبب وراء تصاعد حدة الانفجارات خلال الأيام الأخيرة، مشيرة إلي أن قيادات سياسية سابقة تريد إرسال رسالة بأن الحكومة الحالية غير جادة وغير قادرة علي تحقيق الاستقرار المنشود للشعب العراقي.
وأكدت الكربولي، في إتصال هاتفي مع وكالة أنباء الشرق الأوسط من القاهرة، أن قرب الإنتخابات ورغبة كل طيف سياسي في الوصول إلي السلطة انعكست علي الوضع الأمني، موضحة أن تضارب المصالح ما بين من بيده السلطة ومن يسعي للعودة إلي السلطة أو الوصول إليها جعلت من الشارع العراقي ميدانا لتصفية الحسابات مما أدي إلي أن تغطي صوت الانفجارات ورائحة البارود وربما تلغي أجواء رمضان الروحانية في العراق.
وفسر هادي جلو مرعي رئيس المرصد العراقي للحريات الصحفية إرتفاع وتيرة العمليات الإرهابية خلال الفترة الماضية بعبارة "الحسم والانتصارات".
وأوضح أن هذه التفجيرات تأتي بعد ساعات من زيارة رئيس الحكومة حيدر العبادي الى الموصل والتي أعلن خلالها قرب موعد الحسم مع تقدم القوات في آخر أحياء المدينة القديمة. وأضاف أن تنظيم داعش يبدو أنه يلجأ إلى أسلوب معتاد وهو الانتقام من المدنيين وضرب العاصمة بغداد لكن هذا الاسلوب لم ينتج شيئا في المرات السابقة وهو ذو صبغة إنتقامية أكثر من كونه لتغيير معادلة عسكرية أو سياسية، مشيرا إلي أن هذا لايعني عدم وجود أهداف لعلها تتحقق منها شغل المؤسسة الأمنية وإرباك المشهد العام وإثارة الخلافات السياسية ومحاولة إثارة الشارع.
ورغم التفجيرات ، رأي جلو مرعي أن الحياة شبه طبيعة في الشارع العراقي وأن هناك تأثيرا بالفعل علي أجواء رمضان ولكنه ليس كبيرا بحكم أن الشعب العراقي قد اعتاد علي هذه العمليات الإجرامية، مؤكدا في الوقت ذاته أن القضية أكبر من ضعف أمني لأن التطرف الديني عقيدة تلف العالم ويجب مواجهتها فكريا في المقام الأول وإلا لن يوجد حل قريب. ويرى منير أديب الخبير في شئون الحركات الإسلامية أن "قرب تحرير الموصل وشهر رمضان" مؤشران علي ارتفاع وتيرة العنف والعمليات الإرهابية في العراق وغيره من البلدان العربية.متوقعا المزيد من العمليات الإرهابية في عدد من البلدان العربية خلال شهر رمضان.
وأشار أديب في تصريح صحفي إلي أن التنظيمات التكفيرية وبخاصة الأكثر عنفا، والتي يقع تنظيم "داعش" في مقدمتها، يعتقد مقاتلوها أنهم سوف يحوزون النصر في موسم التفجيرات في شهر رمضان بمزيد من القتل والتفجير ويستثمرون في ذلك روحانيات هذا الشهر وتأثير ذلك على مقاتليهم عملا بفكرة "إما النصر أو الشهادة".
ولفت إلي أن تفسيرهم الخاطىء للدين الاسلامي والسيرة النبوية يجعلهم يصعدون عملياتهم . مضيفا أن إنتصار المسلمين في معركة بدر في 17 رمضان ومعركة حطين التي إنتصر فيها صلاح الدين على الصليبين خلال الشهر الكريم جعلتهم يرون أنه شهر الانتصارات بمزيد من التفجيرات. والمؤكد أن الارهاب الذي يتخذ من الاسلام ستارا له يعمل علي تأجيج المجتمعات عبر استغلال المناسبات الدينية لتحقيق انتصارات وهمية يدفع ثمنها المواطن البسيط..وعلى هذا الأساس فإن تجديد الخطاب الديني والمواجهة الفكرية للتنظيمات الإرهابية بالتزامن مع المواجهة الأمنية كخطين متوازيين لا يتعارضان مع بعضهما البعض يعد من أهم السبل المؤثرة والفاعلة للقضاء علي الإرهاب ووقف نزيف الدم العربي.