بيزنس تبرعات الدم في مصر.. في كل شبر على الأسفلت
الثلاثاء 13/يونيو/2017 - 10:14 م
مديحة عبد الوهاب
طباعة
لا يكاد يخلو شارع هذه الأيام، من أحد عربات وزارة الصحة، ومكبر صوتي يدعوك للتبرع بالدم، لأجل المرضى، وأن من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، هكذا يصر مسجل الصوت على التكرار، بينما يعزف كثيرين عن التبرع، إما شكًا في مصير هذه الدماء الكثيرة، أو كونها عرضة للتجارة والاستغلال.
"المواطن" تحاول العثور على الحلقة المفقودة بين كل هذه الحلقات غير معقولة النتائج.
البداية..
ما إن تذهب لتزور مريضًا لك بمستشفي ما حتى تفاجئ، بمن يطلب منك أن تدفع 100 جنيه قيمة كيس الدم وتأتي بمتبرع آخر كي يضع كيسًا غير الذي أخذت، تصر أنت على التبرع، وإنهاء الأمر للإسراع في علاج المريضة، لكن ذلك يطرح سؤالا هاما، إلي أين تذهب الدماء التي تحملها عشرات السيارات المجهزة التي تحمل شعار وزارة الصحة المصرية، ولماذا لا تكفي المستشفيات.
"المواطن" استعانت في رحلتها بقصص لكثيرين في محافظات مختلفة ربما دفعوا القيمة وجلبوا متبرعا، لكن المستشفى لم تمنحهم الدماء الكافية لعلاج ذويهم.
تروي «م. م .ع» أنهم احتجزوا زوجها بمستشفى صيدناوى للتأمين الصحى وقالوا أنه يحتاج الى كيسين دم فصيلة AB وأن حالته متأخرة جدا، إذ لا يجد المستشفى هذه الفصيلة وأنه يصارع آلامه بين الحياة والموت، وتطلب منى إنقاذ زوجها بأى طريقة، ولحسن الحظ تصادف أن فصيلة دمى A تتطابق مع فصيلة زوجها ويمكننى التبرع لإنقاذه، اتخذت قرار التبرع وأبلغتها أننى سأتجه للمستشفى لهذا الغرض.
إعدام الكيس
ذهبت الى المستشفى الموجود فى شارع الجمهورية وسلمت ذراعى طواعية إلى مسئول التمريض ليسحب منى ما شاء من الدماء، وذلك بعد أن أنهيت الإجراءات والفحوصات اللازمة قبل التبرع للتأكد من سلامة صحتى ومن وسلامة الدماء التى سأتبرع بها، وقام الطبيب بتسجيل البيانات بالدفتر الخاص ببنك الدم التابع لمستشفى صيدناوى للتأمين الصحى برمسيس وكتب البيانات.
بعد التبرع أبلغنى الطبيب بأنه سيصرف كيس دم للمريض حتى الانتهاء من التحاليل اللازمة للدم، وطلب منى الحضور يوم السبت 1 نوفمبر لاستلام نتيجة التحاليل.
فى اليوم الثانى الأحد 26 أكتوبر فوجئت باتصال المريض يبلغنى بأن كيس الدم تم إعدامه والمستشفى رفض إعطاءه الكيس، انتابنى قلق شديد وتوجهت الى المستشفى لمعرفة أسباب إعدام الكيس، تقابلت مع مدير بنك الدم الذى أبلغنى أننى لم أكمل إجراءات التبرع وكانت حجته إصابتى بهبوط أثناء التبرع؟
طالبت مدير البنك بالتحفظ على الكيس، لأننى تبرعت بالكمية كاملة أمام شهود، فكان رده لقد أعدمنا الكيس والدفتر مدرج به ذلك.
اكتشفت أن كلمة السر فى سرقة الدم هى كتابة «إعدام الكيس» فى دفتر التبرعات وبهذه الكلمة يفلت القائمون على بنوك الدم من العقاب حيث لا توجد رقابة أو لجان تتولى عملية إعدام الدم أو الإشراف عليها، وتخضع لضمير الأطباء والفنيين.. مما يجعل دماء المصريين تجارة رابحة لعديمى الضمير.
ويتابع محمود حسن قائلاً: تم حجز والدي فى الرعاية المركزة وطلب مني الأطباء إحضار كيسى دم أو إحضار 5 أشخاص للتبرع ولا أعرف أين أجده ووالدي لم يكن يحتاج سوى كيسى دم فأين تذهب بقية هذه الدماء؟!
عبدالرحمن، عم نادى عبدالمجيد المحجوز فى معهد القلب بإمبابة قال إن ابن شقيقه سيجرى جراحة ثقب فى القلب والأطباء طلبوا منه 6 أكياس دم والمتوفر من المتبرعين ثلاثة فقط، فاضطررت لشراء 3 أكياس بسعر 250 جنيها للكيس.
خبراء القانون
ويوضح حسين مصطفى حمودة المحامى بالنقض: أنه إعمالا لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة التى تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فإن مقتضى هذا المبدأ أنه لا يعد الفعل مجرما إلا اذا نص عليه القانون صراحة، فإذا لم ينص عليه فلا يعد مجرما حتى لو كان الفعل متعارضا مع الأخلاق والمثل فى المجتمع.
وأضاف «حمودة» أنه لا يوجد قانون صريح يتحدث عن بيع الدم المتبرع به إلا قوانين بالية لا تواكب التقدم العلمى والطبى مر عليها 60 عاما، وليس بها التوصيف القانونى الذى ينطبق على الجريمة سالفة الذكر، وأرى أن المشرع اهتم بإصدار قوانين قليلة الأهمية وأعطى لها من وقته وجهده، فى حين أنه تجاهل قضية شديدة الأهمية مثل الإتجار بدم المتبرعين والتى تتطلب من المشرع عناية خاصة، هو ما نأمله من المجلس التشريعى القادم بإصداره تشريعات تتناسب مع التقنيات العلمية الحديثة من ناحية ونقترن بعقوبة مشددة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التى تفشت فى الآونة الأخيرة.
أشهر قضايا سرقة الدم
إن أشهر قضايا سرقة الدم فى مصر تلك القضية التى وقعت فى 21 ابريل 2012، عندما ضبطت مباحث القاهرة تشكيلا عصابيا لسحب أكياس الدم من أطفال الشوارع فى محافظتى القاهرة والجيزة، واعترف المتهمون بسحبهم 5 أكياس دم من الأطفال بواقع كيسين من كل طفل أمام مسجد السيدة زينب، وأشار المتهمون الى أن من ساعدهم أحد العاملين بمستشفى طنطا، حيث كان يمدهم بأكياس الدم الفارغة مقابل 85 جنيها للكيس.
وأضاف شاب يدعى حسام، سمسار دم، لا أعلم باقى بياناته، قال لى وعدد من الأطفال كانوا بصحبتى تتبرعوا بالدم وتاخدوا فلوس؟، وافقنا على الفور، وعندما سألناه عن ثمن الكيس، قال كيسين ونصف بـ60 جنيهاً، تبرعت أكثر من 13 مرة فى أقل من 6 شهور، وأطفال كثيرون كانوا يسقطون على الأرض، لأنهم تبرعوا بكميات كبيرة، وأنا لم أستطع صعود السلم أو حمل أى شىء أو السير، بسبب كثرة تبرعى بالدم، والمتهمون كانوا يعطوننا برشام (هوموتون وحقن لوهيموجت)، وكانوا يؤكدون لنا أنها تعوض نسبة الحديد فى الدم
وتبين أن المتهمين كانوا يبيعون أكياس الدم لمستشفيات كبيرة ومعروفة، والموضوع وصل للشرطة عن طريق طفل تبرع بكيسين لدكتور اسمه مصطفى فى منطقة المواردى، وطلب التبرع بكيس ثالث، لكن الدكتور رفض فخرج الطفل، وأعلن عن مكان التشكيل والمتبرعين.
وفى قضية أخرى باشرتها نيابة المنتزه بالاسكندرية فى أكتوبر الماضى تقرر حبس مسعف 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة الإتجار فى أكياس الدم بعد سرقتها من مستشفى المعمورة العام.
وبمواجهة المتهم أعترف أنه يقوم بسرقة أكياس الدم من بنك الدم بالمستشفى ويقوم ببيعه بعيدا عن المستشفى وبتفتيش مسكنه تم العثور على 18 كيس بلازما و 9 أكياس كرات دم حمراء و21 ألف جنيه حصيلة تربحه من بيع اكياس الدم المسروقة، وتم التحفظ على المتهم وعلى المضبوطات.
"المواطن" تحاول العثور على الحلقة المفقودة بين كل هذه الحلقات غير معقولة النتائج.
البداية..
ما إن تذهب لتزور مريضًا لك بمستشفي ما حتى تفاجئ، بمن يطلب منك أن تدفع 100 جنيه قيمة كيس الدم وتأتي بمتبرع آخر كي يضع كيسًا غير الذي أخذت، تصر أنت على التبرع، وإنهاء الأمر للإسراع في علاج المريضة، لكن ذلك يطرح سؤالا هاما، إلي أين تذهب الدماء التي تحملها عشرات السيارات المجهزة التي تحمل شعار وزارة الصحة المصرية، ولماذا لا تكفي المستشفيات.
"المواطن" استعانت في رحلتها بقصص لكثيرين في محافظات مختلفة ربما دفعوا القيمة وجلبوا متبرعا، لكن المستشفى لم تمنحهم الدماء الكافية لعلاج ذويهم.
تروي «م. م .ع» أنهم احتجزوا زوجها بمستشفى صيدناوى للتأمين الصحى وقالوا أنه يحتاج الى كيسين دم فصيلة AB وأن حالته متأخرة جدا، إذ لا يجد المستشفى هذه الفصيلة وأنه يصارع آلامه بين الحياة والموت، وتطلب منى إنقاذ زوجها بأى طريقة، ولحسن الحظ تصادف أن فصيلة دمى A تتطابق مع فصيلة زوجها ويمكننى التبرع لإنقاذه، اتخذت قرار التبرع وأبلغتها أننى سأتجه للمستشفى لهذا الغرض.
إعدام الكيس
ذهبت الى المستشفى الموجود فى شارع الجمهورية وسلمت ذراعى طواعية إلى مسئول التمريض ليسحب منى ما شاء من الدماء، وذلك بعد أن أنهيت الإجراءات والفحوصات اللازمة قبل التبرع للتأكد من سلامة صحتى ومن وسلامة الدماء التى سأتبرع بها، وقام الطبيب بتسجيل البيانات بالدفتر الخاص ببنك الدم التابع لمستشفى صيدناوى للتأمين الصحى برمسيس وكتب البيانات.
بعد التبرع أبلغنى الطبيب بأنه سيصرف كيس دم للمريض حتى الانتهاء من التحاليل اللازمة للدم، وطلب منى الحضور يوم السبت 1 نوفمبر لاستلام نتيجة التحاليل.
فى اليوم الثانى الأحد 26 أكتوبر فوجئت باتصال المريض يبلغنى بأن كيس الدم تم إعدامه والمستشفى رفض إعطاءه الكيس، انتابنى قلق شديد وتوجهت الى المستشفى لمعرفة أسباب إعدام الكيس، تقابلت مع مدير بنك الدم الذى أبلغنى أننى لم أكمل إجراءات التبرع وكانت حجته إصابتى بهبوط أثناء التبرع؟
طالبت مدير البنك بالتحفظ على الكيس، لأننى تبرعت بالكمية كاملة أمام شهود، فكان رده لقد أعدمنا الكيس والدفتر مدرج به ذلك.
اكتشفت أن كلمة السر فى سرقة الدم هى كتابة «إعدام الكيس» فى دفتر التبرعات وبهذه الكلمة يفلت القائمون على بنوك الدم من العقاب حيث لا توجد رقابة أو لجان تتولى عملية إعدام الدم أو الإشراف عليها، وتخضع لضمير الأطباء والفنيين.. مما يجعل دماء المصريين تجارة رابحة لعديمى الضمير.
ويتابع محمود حسن قائلاً: تم حجز والدي فى الرعاية المركزة وطلب مني الأطباء إحضار كيسى دم أو إحضار 5 أشخاص للتبرع ولا أعرف أين أجده ووالدي لم يكن يحتاج سوى كيسى دم فأين تذهب بقية هذه الدماء؟!
عبدالرحمن، عم نادى عبدالمجيد المحجوز فى معهد القلب بإمبابة قال إن ابن شقيقه سيجرى جراحة ثقب فى القلب والأطباء طلبوا منه 6 أكياس دم والمتوفر من المتبرعين ثلاثة فقط، فاضطررت لشراء 3 أكياس بسعر 250 جنيها للكيس.
خبراء القانون
ويوضح حسين مصطفى حمودة المحامى بالنقض: أنه إعمالا لمبدأ شرعية الجريمة والعقوبة التى تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، فإن مقتضى هذا المبدأ أنه لا يعد الفعل مجرما إلا اذا نص عليه القانون صراحة، فإذا لم ينص عليه فلا يعد مجرما حتى لو كان الفعل متعارضا مع الأخلاق والمثل فى المجتمع.
وأضاف «حمودة» أنه لا يوجد قانون صريح يتحدث عن بيع الدم المتبرع به إلا قوانين بالية لا تواكب التقدم العلمى والطبى مر عليها 60 عاما، وليس بها التوصيف القانونى الذى ينطبق على الجريمة سالفة الذكر، وأرى أن المشرع اهتم بإصدار قوانين قليلة الأهمية وأعطى لها من وقته وجهده، فى حين أنه تجاهل قضية شديدة الأهمية مثل الإتجار بدم المتبرعين والتى تتطلب من المشرع عناية خاصة، هو ما نأمله من المجلس التشريعى القادم بإصداره تشريعات تتناسب مع التقنيات العلمية الحديثة من ناحية ونقترن بعقوبة مشددة للقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التى تفشت فى الآونة الأخيرة.
أشهر قضايا سرقة الدم
إن أشهر قضايا سرقة الدم فى مصر تلك القضية التى وقعت فى 21 ابريل 2012، عندما ضبطت مباحث القاهرة تشكيلا عصابيا لسحب أكياس الدم من أطفال الشوارع فى محافظتى القاهرة والجيزة، واعترف المتهمون بسحبهم 5 أكياس دم من الأطفال بواقع كيسين من كل طفل أمام مسجد السيدة زينب، وأشار المتهمون الى أن من ساعدهم أحد العاملين بمستشفى طنطا، حيث كان يمدهم بأكياس الدم الفارغة مقابل 85 جنيها للكيس.
وأضاف شاب يدعى حسام، سمسار دم، لا أعلم باقى بياناته، قال لى وعدد من الأطفال كانوا بصحبتى تتبرعوا بالدم وتاخدوا فلوس؟، وافقنا على الفور، وعندما سألناه عن ثمن الكيس، قال كيسين ونصف بـ60 جنيهاً، تبرعت أكثر من 13 مرة فى أقل من 6 شهور، وأطفال كثيرون كانوا يسقطون على الأرض، لأنهم تبرعوا بكميات كبيرة، وأنا لم أستطع صعود السلم أو حمل أى شىء أو السير، بسبب كثرة تبرعى بالدم، والمتهمون كانوا يعطوننا برشام (هوموتون وحقن لوهيموجت)، وكانوا يؤكدون لنا أنها تعوض نسبة الحديد فى الدم
وتبين أن المتهمين كانوا يبيعون أكياس الدم لمستشفيات كبيرة ومعروفة، والموضوع وصل للشرطة عن طريق طفل تبرع بكيسين لدكتور اسمه مصطفى فى منطقة المواردى، وطلب التبرع بكيس ثالث، لكن الدكتور رفض فخرج الطفل، وأعلن عن مكان التشكيل والمتبرعين.
وفى قضية أخرى باشرتها نيابة المنتزه بالاسكندرية فى أكتوبر الماضى تقرر حبس مسعف 4 أيام على ذمة التحقيقات بتهمة الإتجار فى أكياس الدم بعد سرقتها من مستشفى المعمورة العام.
وبمواجهة المتهم أعترف أنه يقوم بسرقة أكياس الدم من بنك الدم بالمستشفى ويقوم ببيعه بعيدا عن المستشفى وبتفتيش مسكنه تم العثور على 18 كيس بلازما و 9 أكياس كرات دم حمراء و21 ألف جنيه حصيلة تربحه من بيع اكياس الدم المسروقة، وتم التحفظ على المتهم وعلى المضبوطات.