شاهد| وزير الخارجية: الحروب في الدول عربية نتاج مشكلات داخلية وإقليمية
الخميس 14/أبريل/2016 - 01:46 م
قال سامح شكري، وزير الخارجية المصري اليوم الخميس، أن مصر بذلت ومازالت تبذل كافة الجهود، والمساعي المستطاعة عبر التواصل والتنسيق المستمر مع الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، والدول الأعضاء حول أنسب السبل لمواجهة مشكلات العالم الإسلامي إعلاء لمصالح الدول الإسلامية من خلال عضويتها بالمنظمة وعضويتها باللجنة التنفيذية.
جاء ذلك في كلمة مصر بالجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة عشرة للقمة الإسلامية المنعقدة في اسطنبول باعتبارها رئيس الدورة المنقضية التي أشار شكري إلى أن مصر تعتز برئاستها (الدورة 12).
وفيما يلي نص كلمة وزير الخارجية سامح شكري خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة عشرة للقمة الإسلامية المنعقدة في اسطنبول:
” ليس من المبالغة أن نقول عن النظام الدولي أنه بات مختلا، لاسيما في عالمنا العربي والإسلامي، فمعظم الأزمات الطاحنة التى يروح ضحيتها الآلاف قائمة في النطاق الجغرافي لدولنا، كما أن الكثير من متطرفي وإرهابيي عصرنا هذا ينتمون مع الآسف إلى جنسيات دولنا أولهم أصول فيها وإن كانوا لا يمثلون حقيقة تلك الثقافة الإسلامية المتسامحة الداعية إلى السلام حتى عند مجرد تحية السلام عليكم، ولمعالجة ذلك الوضع المعتل”.
وأضاف “علينا أن نعترف ونتعرف على أسبابه فما يحدث اليوم من قتل وتدمير وإرهاب ليس وليد اللحظة، وليس كذلك نتيجة تفاعلات محلية وإقليمية فحسب، ولا شك أن الحروب، والاضطرابات في سوريا وليبيا واليمن أو حتى العراق هي نتاج مشكلات على مستويات داخلية وإقليمية ودولية”.
وتابع:” لنبدأ بالمستوى الأخير فقد استقرت منذ ما يزيد على ثلاثة قرون مبادىء مهمة في تنظيم العلاقات بين الدول، ومن أهمها مبدأ توازن القوى الذى توصل إليه الأوروبيون منعا لاستمرار الحروب بين شعوبهم وهو المبدأ الذى لا يسمح لدولة أو لتحالف عدد من الدول بالطغيان على الدول الأخرى ويوفر ردعا متبادلا يحول دون اندلاع صراعات مسلحة”.
وجاء نص كلمة وزير الخارجية سامح شكري أمام الدورة الثالثة عشرة لقمة منظمة المؤتمر الإسلامي التي ألقاها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية كالتالي” يشرفني أن أقرأ لكم نص كلمة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية ورئيس الدورة الثانية عشرة للقمة الإسلامية، نيابة عن فخامته، وهي: أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، معالي الدكتور إياد أمين مدني الأمين العام للمنظمة، السيدات والسادة أود في البداية أن أعرب عن تقديرنا الكبير لمنظمة التعاون الإسلامي، تلك المنظمة العريقة التي تلعب دورا مهما وبناء لدعم قضايا الأمة الإسلامية، كما أحيي جهود أمينها العام الدكتور إياد مدني في الدفاع عن مصالح الدول الإسلامية، والتجمعات المسلمة في مختلف الدول، والنهوض بالعمل الإسلامي المشترك في شتي الأصعدة.
وتؤكد مصر أرض الكنانة اعتزازها برئاستها للدورة الثانية عشر لمؤتمر القمة الإسلامية، التى بذلت خلالها الجهود المستطاعة عبر التواصل والتنسيق المستمر مع الأمانة العامة للمنظمة، الدول الأعضاء، حول أنسب السبل لمواجهة مشكلات العالم الإسلامي.
وتؤكد مصر أنها ستستمر في بذل كافة الجهود والمساعي في هذا الشأن إعلاء لمصالح الدول الإسلامية،من خلال عضويتها بالمنظمة، وكذلك عضويتها باللجنة التنفيذية.
السيدات والسادة، ليس من المبالغة أن نقول عن النظام الدولي إنه بات مختلا، لاسيما فى عالمنا العربي والإسلامي، فمعظم الأزمات الطاحنة التى يروح ضحيتها الآلاف قائمة فى النطاق الجغرافي لدولنا، كما أن الكثير من متطرفي وإرهابيي عصرنا هذا ينتمون مع الآسف إلى جنسيات دولنا أو لهم أصول فيها، وإن كانوا لا يمثلون حقيقة تلك الثقافة الإسلامية المتسامحة الداعية إلي السلام حتى عند مجرد إلقاء تحية “السلام عليكم”، ولمعالجة ذلك الوضع المعتل، علينا أن نتعرف على أسبابه، فما يحدث اليوم من قتل وتدمير وإرهاب، ليس وليد اللحظة، وليس كذلك نتيجة تفاعلات محلية وإقليمية فحسب. ولاشك أن الحروب والاضطرابات فى سوريا وليبيا واليمن أو حتى العراق هي نتاج مشكلات على مستويات، داخلية وإقليمية ودولية، ولنبدأ بالمستوى الأخير..فقد استقرت منذ ما يزيد على ثلاثة قرون مبادىء مهمة فى تنظيم العلاقات بين الدول، ومن أهمها، مبدأ “توازن القوى”،الذى توصل إليه الأوروبيون، منعا لاستمرار الحروب بين شعوبهم، وهو المبدأ الذى لا يسمح لدولة أو لتحالف عدد من الدول، بالطغيان على الدول الأخرى، ويوفر ردعا متبادلا، يحول دون اندلاع صراعات مسلحة. ولعل تاريخ العالم الحديث قد عرف خلال حقبة الحرب الباردة، رغم مثالبها، نوعا من التوازن فى القوى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حال دون نشوب صراع عسكري بينهما وبين الدول المنتمية إلى معسكريهما.
وقد شهد عقد التسعينيات وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي بزوغ نظريات عديدة اعتمدت منطق انتصار المعسكر الغربي ونموذج الحكم فيه، كما تعجلت بعض القوى الدولية التحرك لفرض ذلك النموذج على الآخرين دون مراعاة لخصوصياتها بل بما وصل إلى هدمها لإعادة بنائها، وقد شهدنا كيف كان لذلك أثر مدمر على تماسك مفهوم الدولة فى منطقتنا نتيجة السياسة المتبعة فى احتلال العراق على سبيل المثال، وحل مؤسساته وجيشه الذى بات بعض كوادره اليوم يشكلون العمود الفقري لقدرات تنظيم داعش العسكرية.
أما على المستوى الثانى، وهو الإقليمى، فقد أتاحت سيولة النظام الدولي بعد العام 1990 مجالا أوسع لبعض القوى المتوسطة فى ساحتها الإقليمية، للتدخل فى الشأن العربي، وهو ما نراه بوضوح علي سبيل المثال فى الأزمة بسوريا، والتى يدفع أطفالها ونساؤها اليوم قبل رجالها ثمن صراع يجري على أراضيها فى غياب هذا التوازن الرادع الذى يجعل محاولات سيطرة طرف على جيرانه، أو التدخل في شؤونه باستخدام الانتماءات الطائفية، أمرا مكلفا لا يتم الإقدام عليه.
ومع ذلك، فقد لاحت فى الأفق خلال الشهور الأخيرة مؤشرات على إدراك متجدد بأن استمرار اتساع الصراعات، وتجذرها ستكون له تداعيات خطيرة، تكاد تمثل تهديدا للجنس البشري، مع احتمالات خروج أشد أنواع التطرف، والإرهاب من رحمها، ومن ثم فإن إرادة الحل السياسي المشترك التي أبدتها الولايات المتحدة، وروسيا معا، وما بدأنا نلمسه من تعاون فيما بينهما باتجاه إيجاد تسوية للأزمة السورية، والتحسن النسبي على الأرض، من حيث وقف العدائيات، هو دليل عملي على أن استعادة قدر من التوازن على الساحة الدولية قد بات ضرورة ملحة، ونأمل أن ينسحب ذلك على الساحة الإقليمية، فتتراجع القوى الساعية إلى هيمنة قائمة على تدمير الآخر عن خططها، حتى يمكن رد الاعتبار لمنطق الدولة الوطنية، ومؤسساتها، على النحو الذي يعيد الاستقرار لدول المنطقة العربية والإسلامية، وبما يحقق مصالح جميع شعوب المنطقة التي ستعاني دون شك من فوضى ربما تكون أساهمت في إنشائها..فالنظام الإقليمي عليه أن يقوم على مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعلى المبادئ المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة بشكل عام.
ويجب ألا ننسى، في هذا السياق التوترات، والصراعات الناتجة عن تفاعلات على المستوى الثالث، أي الداخلي، فاستعادة توازن مفقود دوليا وإقليميا لن يكون كافيا لتسوية مشكلاتنا، فالمطلوب تحقيق الاستقرار الداخلي في دولنا، وهو ما يفرض على حكوماتنا بناء مجتمع سليم، قادر على مواكبة العصر، وتحقيق النمو عبر توزيع عادل للثروة، وإدارة رشيدة للحكم.
ونتيجة لتلك التحديات القائمة في واقعنا المعاصر، وبالتوازي مع عملية التصحيح المأمولة لوضعية النظام الدولي، تبرز أهمية العمل المشترك بين الدول الشقيقة، وضرورة تفعيل دور المنظمات الإقليمية، ومنها منظمة التعاون الإسلامي لتنظيم أحوال شعوبنا بإرادتنا، والوقوف أمام أية مخططات خبيثة تسعى لتأجيج الصراعات، ونشر الآفات في الجسد الإسلامي، وبما يؤدي إلي إعادة الأمل لدى شعوبنا، وإلى تعزيز إرادة التعاون المشترك فيما بينها.
السيدات والسادة: لا زالت القضية الفلسطينية، والتي كانت المحرك الأساس لإنشاء منظمتنا هذه، دون حل، وقد حرصت مصر في إطار عضويتها بفريق الاتصال المعني بالقدس على تفعيل خطة التحرك التي تم التوافق بشأنها في إطار المنظمة، حيث قام الفريق الذي تترأسه مصر بعدد من الزيارات للدول المعنية لعرض مختلف أوجه القضية الفلسطينية على المسؤولين المعنيين، وسيتم في القريب العاجل ترتيب زيارات أخرى لذات الغرض، ونأمل أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الأمم المتحدة والمرجعيات القانونية الدولية المعروفة،
ونشيد في هذا الإطار بجهود المنظمة لتسليط الضوء على تلك القضية، وآخرها عبر الدعوة لقمة استثنائية مخصصة لهذه القضية عقدت في جاكرتا يومي 6 و7 مارس 2016.
كما نعيد التأكيد على حرص مصر البالغ على مستقبل ليبيا الشقيقة، ونأمل في سرعة تجاوز هذا البلد للأزمة الراهنة، سعيا لتنفيذ الاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية، ونرحب في هذا السياق باستقرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وندعو مجلس النواب إلى الانعقاد لاعتماد حكومة الوحدة الوطنية لكي يتسنى للمسؤولين الليبيين تحمل مسؤولياتهم في إدارة شؤون البلاد وتحقيق تطلعات الشعب الليبى.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية المأساوية، والتي دخلت بكل أسف عامها السادس، فتؤكد مصر ضرورة التوصل عاجلا إلى حل سياسي يحقق طموحات الشعب السورى بالتغيير ويسمح بمواجهة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأراضى السورية، ونأمل أن يتم التوصل إلى نتائج إيجابية بالفعل خلال المحادثات التي استؤنفت أمس فى جنيف.
كما أود أن أنتهز هذه الفرصة لأشيد بالجهود الكبيرة التي بذلتها منظمة التعاون الإسلامي خلال الشهور الماضية سعيا نحو إيجاد الحلول المطلوبة للعديد من الملفات والتي تهتم بها المنظمة، مثل الملف الأفغاني، والصومالي، وملف جنوب الفلبين، والوضع في أفريقيا الوسطي، والوضع في ميانمار، وفي مالي، وفي جامو وكشمير، وأؤكد أن مصر ستكون دوما علي استعداد لتقديم أية مساهمات أو جهود مطلوبة من شأنها التخفيف من حدة الأزمات التي تواجه العالم الإسلامي أو الأقليات المسلمة في شتي بقاع الأرض.
ونؤكد أهمية الدور الذي تقوم به منظمة التعاون الإسلامي في الحفاظ علي حقوق الأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء طبقا لميثاق المنظمة، وعلى أهمية استمرار المنظمة في سعيها إلى القيام بهذا الدور عبر التفاعل البناء مع هذه الدول، والتعبير عن مواقف المنظمة بشكل يدعم مصداقيتها لصالح التجمعات المسلمة هناك، وضمان احترام حقوقها وحرياتها، هناك عنصر مهم آخر لا يفوتني الحديث بشأنه، وهو المرتبط بانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، والمقترنة بالعديد من الانتهاكات العنصرية لحقوق الإنسان، وحماية حقوق الأقليات المسلمة في شتى بقاع الأرض، والتي تفرض تكثيف الدعوة الرامية إلى رفض التعرض لرموز الدين الإسلامي، ومقدساته، تحت ذريعة حرية التعبير، والمطالبة بوقف خطاب الكراهية، والتحريض ضد الإسلام والمسلمين.
وفي ذات الوقت يتعين العمل على خلق آليات للحوار لإعلاء قيم التسامح، والتعايش المشترك، والمبادىء السامية للأديان السماوية، وتسليط الضوء علي الدور الإيجابي للجاليات المسلمة في المجتمعات التي تنتشر بها ظاهرة الإسلاموفوبيا.
ومن المهم أن تسهم جهودنا في تفكيك الصورة النمطية السلبية التي قد تنجم عن ممارسات مجموعات متطرفة أو إرهابية، ويتعين في هذا الإطار النظر بجدية، وطرح حلول عملية لتصويب وإصلاح الخطاب الديني، وتصحيح الأفكار المغلوطة التي يتم نشرها والتي أسهمت في نمو ظاهرة الإرهاب خلال السنوات الماضية، ولعل القضاء الكامل على ظاهرة الإرهاب والقتل العشوائى لا يمكن أن يعتمد فحسب على المقاربات السياسية والأمنية، بل إن الفهم المتعمق والسليم للدين الإسلامي قد بات ملحا منعا لإقدام الشباب على قتل نفسه، وغيره دون سبب، ولإفهام غير المسلمين لحقيقة ديننا عبر تصرفات ومعاملات تعكس خلق الإسلام ومثله ومبادئه.
ولعلكم تتفقون معنا على أن هناك اشتراكا في المبادىء، والقيم الإنسانية التي تجمع بيننا، وبين الشعوب غير المسلمة، ومن ثم، يتعين تعزيز وتكريس تلك القيم، والمبادىء، والالتزام بها بشكل أمين ومتكامل ودون انتقائية سياسية وازدواجية في المعايير، وبما يتناسب مع ظروف كل حالة، والتوقف عن النهج الذي تتبعه بعض الدول بسعيها لتحقيق مصالحها الفردية على حساب المبادىء، والقواعد الدولية التي ارتضيناها، ولعل أبرز مثال على ذلك في الآونة الأخيرة هو تعامل المجتمع الدولي مع قضية اللاجئين، وخاصة السوريين منهم.
السيدات والسادة: فى الختام، أود أن أتوجه مرة أخرى بالتحية والتقدير إلى السيد إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي على الجهود الكبيرة التي يقوم بها، وأؤكد له دعم مصر الكامل له، وأوجه التحية لكافة الشعوب الإسلامية، داعيا الله عز وجل أن يعلي من شأن أمتنا، وأن يهدينا إلى طريق الحق والصواب بما يحقق رفعة وتقدم شعوبنا الشقيقة.
جاء ذلك في كلمة مصر بالجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة عشرة للقمة الإسلامية المنعقدة في اسطنبول باعتبارها رئيس الدورة المنقضية التي أشار شكري إلى أن مصر تعتز برئاستها (الدورة 12).
وفيما يلي نص كلمة وزير الخارجية سامح شكري خلال الجلسة الافتتاحية للدورة الثالثة عشرة للقمة الإسلامية المنعقدة في اسطنبول:
” ليس من المبالغة أن نقول عن النظام الدولي أنه بات مختلا، لاسيما في عالمنا العربي والإسلامي، فمعظم الأزمات الطاحنة التى يروح ضحيتها الآلاف قائمة في النطاق الجغرافي لدولنا، كما أن الكثير من متطرفي وإرهابيي عصرنا هذا ينتمون مع الآسف إلى جنسيات دولنا أولهم أصول فيها وإن كانوا لا يمثلون حقيقة تلك الثقافة الإسلامية المتسامحة الداعية إلى السلام حتى عند مجرد تحية السلام عليكم، ولمعالجة ذلك الوضع المعتل”.
وأضاف “علينا أن نعترف ونتعرف على أسبابه فما يحدث اليوم من قتل وتدمير وإرهاب ليس وليد اللحظة، وليس كذلك نتيجة تفاعلات محلية وإقليمية فحسب، ولا شك أن الحروب، والاضطرابات في سوريا وليبيا واليمن أو حتى العراق هي نتاج مشكلات على مستويات داخلية وإقليمية ودولية”.
وتابع:” لنبدأ بالمستوى الأخير فقد استقرت منذ ما يزيد على ثلاثة قرون مبادىء مهمة في تنظيم العلاقات بين الدول، ومن أهمها مبدأ توازن القوى الذى توصل إليه الأوروبيون منعا لاستمرار الحروب بين شعوبهم وهو المبدأ الذى لا يسمح لدولة أو لتحالف عدد من الدول بالطغيان على الدول الأخرى ويوفر ردعا متبادلا يحول دون اندلاع صراعات مسلحة”.
وجاء نص كلمة وزير الخارجية سامح شكري أمام الدورة الثالثة عشرة لقمة منظمة المؤتمر الإسلامي التي ألقاها نيابة عن الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية كالتالي” يشرفني أن أقرأ لكم نص كلمة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية ورئيس الدورة الثانية عشرة للقمة الإسلامية، نيابة عن فخامته، وهي: أصحاب الجلالة والفخامة والسمو ملوك ورؤساء وأمراء الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، معالي الدكتور إياد أمين مدني الأمين العام للمنظمة، السيدات والسادة أود في البداية أن أعرب عن تقديرنا الكبير لمنظمة التعاون الإسلامي، تلك المنظمة العريقة التي تلعب دورا مهما وبناء لدعم قضايا الأمة الإسلامية، كما أحيي جهود أمينها العام الدكتور إياد مدني في الدفاع عن مصالح الدول الإسلامية، والتجمعات المسلمة في مختلف الدول، والنهوض بالعمل الإسلامي المشترك في شتي الأصعدة.
وتؤكد مصر أرض الكنانة اعتزازها برئاستها للدورة الثانية عشر لمؤتمر القمة الإسلامية، التى بذلت خلالها الجهود المستطاعة عبر التواصل والتنسيق المستمر مع الأمانة العامة للمنظمة، الدول الأعضاء، حول أنسب السبل لمواجهة مشكلات العالم الإسلامي.
وتؤكد مصر أنها ستستمر في بذل كافة الجهود والمساعي في هذا الشأن إعلاء لمصالح الدول الإسلامية،من خلال عضويتها بالمنظمة، وكذلك عضويتها باللجنة التنفيذية.
السيدات والسادة، ليس من المبالغة أن نقول عن النظام الدولي إنه بات مختلا، لاسيما فى عالمنا العربي والإسلامي، فمعظم الأزمات الطاحنة التى يروح ضحيتها الآلاف قائمة فى النطاق الجغرافي لدولنا، كما أن الكثير من متطرفي وإرهابيي عصرنا هذا ينتمون مع الآسف إلى جنسيات دولنا أو لهم أصول فيها، وإن كانوا لا يمثلون حقيقة تلك الثقافة الإسلامية المتسامحة الداعية إلي السلام حتى عند مجرد إلقاء تحية “السلام عليكم”، ولمعالجة ذلك الوضع المعتل، علينا أن نتعرف على أسبابه، فما يحدث اليوم من قتل وتدمير وإرهاب، ليس وليد اللحظة، وليس كذلك نتيجة تفاعلات محلية وإقليمية فحسب. ولاشك أن الحروب والاضطرابات فى سوريا وليبيا واليمن أو حتى العراق هي نتاج مشكلات على مستويات، داخلية وإقليمية ودولية، ولنبدأ بالمستوى الأخير..فقد استقرت منذ ما يزيد على ثلاثة قرون مبادىء مهمة فى تنظيم العلاقات بين الدول، ومن أهمها، مبدأ “توازن القوى”،الذى توصل إليه الأوروبيون، منعا لاستمرار الحروب بين شعوبهم، وهو المبدأ الذى لا يسمح لدولة أو لتحالف عدد من الدول، بالطغيان على الدول الأخرى، ويوفر ردعا متبادلا، يحول دون اندلاع صراعات مسلحة. ولعل تاريخ العالم الحديث قد عرف خلال حقبة الحرب الباردة، رغم مثالبها، نوعا من التوازن فى القوى بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي حال دون نشوب صراع عسكري بينهما وبين الدول المنتمية إلى معسكريهما.
وقد شهد عقد التسعينيات وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي بزوغ نظريات عديدة اعتمدت منطق انتصار المعسكر الغربي ونموذج الحكم فيه، كما تعجلت بعض القوى الدولية التحرك لفرض ذلك النموذج على الآخرين دون مراعاة لخصوصياتها بل بما وصل إلى هدمها لإعادة بنائها، وقد شهدنا كيف كان لذلك أثر مدمر على تماسك مفهوم الدولة فى منطقتنا نتيجة السياسة المتبعة فى احتلال العراق على سبيل المثال، وحل مؤسساته وجيشه الذى بات بعض كوادره اليوم يشكلون العمود الفقري لقدرات تنظيم داعش العسكرية.
أما على المستوى الثانى، وهو الإقليمى، فقد أتاحت سيولة النظام الدولي بعد العام 1990 مجالا أوسع لبعض القوى المتوسطة فى ساحتها الإقليمية، للتدخل فى الشأن العربي، وهو ما نراه بوضوح علي سبيل المثال فى الأزمة بسوريا، والتى يدفع أطفالها ونساؤها اليوم قبل رجالها ثمن صراع يجري على أراضيها فى غياب هذا التوازن الرادع الذى يجعل محاولات سيطرة طرف على جيرانه، أو التدخل في شؤونه باستخدام الانتماءات الطائفية، أمرا مكلفا لا يتم الإقدام عليه.
ومع ذلك، فقد لاحت فى الأفق خلال الشهور الأخيرة مؤشرات على إدراك متجدد بأن استمرار اتساع الصراعات، وتجذرها ستكون له تداعيات خطيرة، تكاد تمثل تهديدا للجنس البشري، مع احتمالات خروج أشد أنواع التطرف، والإرهاب من رحمها، ومن ثم فإن إرادة الحل السياسي المشترك التي أبدتها الولايات المتحدة، وروسيا معا، وما بدأنا نلمسه من تعاون فيما بينهما باتجاه إيجاد تسوية للأزمة السورية، والتحسن النسبي على الأرض، من حيث وقف العدائيات، هو دليل عملي على أن استعادة قدر من التوازن على الساحة الدولية قد بات ضرورة ملحة، ونأمل أن ينسحب ذلك على الساحة الإقليمية، فتتراجع القوى الساعية إلى هيمنة قائمة على تدمير الآخر عن خططها، حتى يمكن رد الاعتبار لمنطق الدولة الوطنية، ومؤسساتها، على النحو الذي يعيد الاستقرار لدول المنطقة العربية والإسلامية، وبما يحقق مصالح جميع شعوب المنطقة التي ستعاني دون شك من فوضى ربما تكون أساهمت في إنشائها..فالنظام الإقليمي عليه أن يقوم على مبدأ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وعلى المبادئ المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة بشكل عام.
ويجب ألا ننسى، في هذا السياق التوترات، والصراعات الناتجة عن تفاعلات على المستوى الثالث، أي الداخلي، فاستعادة توازن مفقود دوليا وإقليميا لن يكون كافيا لتسوية مشكلاتنا، فالمطلوب تحقيق الاستقرار الداخلي في دولنا، وهو ما يفرض على حكوماتنا بناء مجتمع سليم، قادر على مواكبة العصر، وتحقيق النمو عبر توزيع عادل للثروة، وإدارة رشيدة للحكم.
ونتيجة لتلك التحديات القائمة في واقعنا المعاصر، وبالتوازي مع عملية التصحيح المأمولة لوضعية النظام الدولي، تبرز أهمية العمل المشترك بين الدول الشقيقة، وضرورة تفعيل دور المنظمات الإقليمية، ومنها منظمة التعاون الإسلامي لتنظيم أحوال شعوبنا بإرادتنا، والوقوف أمام أية مخططات خبيثة تسعى لتأجيج الصراعات، ونشر الآفات في الجسد الإسلامي، وبما يؤدي إلي إعادة الأمل لدى شعوبنا، وإلى تعزيز إرادة التعاون المشترك فيما بينها.
السيدات والسادة: لا زالت القضية الفلسطينية، والتي كانت المحرك الأساس لإنشاء منظمتنا هذه، دون حل، وقد حرصت مصر في إطار عضويتها بفريق الاتصال المعني بالقدس على تفعيل خطة التحرك التي تم التوافق بشأنها في إطار المنظمة، حيث قام الفريق الذي تترأسه مصر بعدد من الزيارات للدول المعنية لعرض مختلف أوجه القضية الفلسطينية على المسؤولين المعنيين، وسيتم في القريب العاجل ترتيب زيارات أخرى لذات الغرض، ونأمل أن يتحمل المجتمع الدولي مسؤولياته نحو إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وفقا لقرارات الأمم المتحدة والمرجعيات القانونية الدولية المعروفة،
ونشيد في هذا الإطار بجهود المنظمة لتسليط الضوء على تلك القضية، وآخرها عبر الدعوة لقمة استثنائية مخصصة لهذه القضية عقدت في جاكرتا يومي 6 و7 مارس 2016.
كما نعيد التأكيد على حرص مصر البالغ على مستقبل ليبيا الشقيقة، ونأمل في سرعة تجاوز هذا البلد للأزمة الراهنة، سعيا لتنفيذ الاتفاق السياسي بين الأطراف الليبية، ونرحب في هذا السياق باستقرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، وندعو مجلس النواب إلى الانعقاد لاعتماد حكومة الوحدة الوطنية لكي يتسنى للمسؤولين الليبيين تحمل مسؤولياتهم في إدارة شؤون البلاد وتحقيق تطلعات الشعب الليبى.
وفيما يتعلق بالأزمة السورية المأساوية، والتي دخلت بكل أسف عامها السادس، فتؤكد مصر ضرورة التوصل عاجلا إلى حل سياسي يحقق طموحات الشعب السورى بالتغيير ويسمح بمواجهة الإرهاب والحفاظ على وحدة الأراضى السورية، ونأمل أن يتم التوصل إلى نتائج إيجابية بالفعل خلال المحادثات التي استؤنفت أمس فى جنيف.
كما أود أن أنتهز هذه الفرصة لأشيد بالجهود الكبيرة التي بذلتها منظمة التعاون الإسلامي خلال الشهور الماضية سعيا نحو إيجاد الحلول المطلوبة للعديد من الملفات والتي تهتم بها المنظمة، مثل الملف الأفغاني، والصومالي، وملف جنوب الفلبين، والوضع في أفريقيا الوسطي، والوضع في ميانمار، وفي مالي، وفي جامو وكشمير، وأؤكد أن مصر ستكون دوما علي استعداد لتقديم أية مساهمات أو جهود مطلوبة من شأنها التخفيف من حدة الأزمات التي تواجه العالم الإسلامي أو الأقليات المسلمة في شتي بقاع الأرض.
ونؤكد أهمية الدور الذي تقوم به منظمة التعاون الإسلامي في الحفاظ علي حقوق الأقليات المسلمة في الدول غير الأعضاء طبقا لميثاق المنظمة، وعلى أهمية استمرار المنظمة في سعيها إلى القيام بهذا الدور عبر التفاعل البناء مع هذه الدول، والتعبير عن مواقف المنظمة بشكل يدعم مصداقيتها لصالح التجمعات المسلمة هناك، وضمان احترام حقوقها وحرياتها، هناك عنصر مهم آخر لا يفوتني الحديث بشأنه، وهو المرتبط بانتشار ظاهرة الإسلاموفوبيا، والمقترنة بالعديد من الانتهاكات العنصرية لحقوق الإنسان، وحماية حقوق الأقليات المسلمة في شتى بقاع الأرض، والتي تفرض تكثيف الدعوة الرامية إلى رفض التعرض لرموز الدين الإسلامي، ومقدساته، تحت ذريعة حرية التعبير، والمطالبة بوقف خطاب الكراهية، والتحريض ضد الإسلام والمسلمين.
وفي ذات الوقت يتعين العمل على خلق آليات للحوار لإعلاء قيم التسامح، والتعايش المشترك، والمبادىء السامية للأديان السماوية، وتسليط الضوء علي الدور الإيجابي للجاليات المسلمة في المجتمعات التي تنتشر بها ظاهرة الإسلاموفوبيا.
ومن المهم أن تسهم جهودنا في تفكيك الصورة النمطية السلبية التي قد تنجم عن ممارسات مجموعات متطرفة أو إرهابية، ويتعين في هذا الإطار النظر بجدية، وطرح حلول عملية لتصويب وإصلاح الخطاب الديني، وتصحيح الأفكار المغلوطة التي يتم نشرها والتي أسهمت في نمو ظاهرة الإرهاب خلال السنوات الماضية، ولعل القضاء الكامل على ظاهرة الإرهاب والقتل العشوائى لا يمكن أن يعتمد فحسب على المقاربات السياسية والأمنية، بل إن الفهم المتعمق والسليم للدين الإسلامي قد بات ملحا منعا لإقدام الشباب على قتل نفسه، وغيره دون سبب، ولإفهام غير المسلمين لحقيقة ديننا عبر تصرفات ومعاملات تعكس خلق الإسلام ومثله ومبادئه.
ولعلكم تتفقون معنا على أن هناك اشتراكا في المبادىء، والقيم الإنسانية التي تجمع بيننا، وبين الشعوب غير المسلمة، ومن ثم، يتعين تعزيز وتكريس تلك القيم، والمبادىء، والالتزام بها بشكل أمين ومتكامل ودون انتقائية سياسية وازدواجية في المعايير، وبما يتناسب مع ظروف كل حالة، والتوقف عن النهج الذي تتبعه بعض الدول بسعيها لتحقيق مصالحها الفردية على حساب المبادىء، والقواعد الدولية التي ارتضيناها، ولعل أبرز مثال على ذلك في الآونة الأخيرة هو تعامل المجتمع الدولي مع قضية اللاجئين، وخاصة السوريين منهم.
السيدات والسادة: فى الختام، أود أن أتوجه مرة أخرى بالتحية والتقدير إلى السيد إياد مدني الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي على الجهود الكبيرة التي يقوم بها، وأؤكد له دعم مصر الكامل له، وأوجه التحية لكافة الشعوب الإسلامية، داعيا الله عز وجل أن يعلي من شأن أمتنا، وأن يهدينا إلى طريق الحق والصواب بما يحقق رفعة وتقدم شعوبنا الشقيقة.
أخبار تهمك
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟