"تقنية الفيديو" بين مصر وأوروبا.. "فرق السما والأرض"
أثارت تجربة حكم الفيديو، التي طبقت في مصر لأول مرة، خلال مباريات الجولة الأخيرة من بطولة الدوري الممتاز، أمس الأربعاء، حالة كبيرة من الجدل والسخرية.
السخرية جاءت بعد ظهور حكم الفيديو وهو جالس في الملعب على "ترابيزة" تحمل شاشة تليفزيون 12 بوصة، في حين أن حكم الفيديو في ملاعب أوروبا، تُوفر له غرفة خاصة، بها أكثر من شاشة، والتي يصل حجمها لـ43 بوصة، ويتواجد 3 حكام أمام هذه الشاشات.
وشهدت تجربة حكم الفيديو تطبيقها لأول مرة في العالم، خلال مباريات كأس العالم للأندية 2017، التي حسم لقبها ريال مدريد، وكذلك في بطولة كأس القارات بروسيا مؤخرا، والتي حصدها منتخب ألمانيا، وساهمت في احتساب أخطاء كانت لم يلاحظها حكم الساحة بمباراة شيلي والبرتغال، منها إلغاء هدفا للمدافع البرتغالي كليبر بيبي، ولكنها في نفس الوقت أثارت جدلا واسعا.
كما تم اختبارها بشكل تجريبي في الدوري الأمريكي، إضافة لاتجاه الاتحاد الأسترالي لاستخدامها، كما سيقوم الدوري الألماني بداية من موسم 2017-2018 باستخدامها، وبدأ الاتحاد الأنجليزي دراسة إمكانية الاعتماد عليها.
اتحاد الكرة أعلن دعمه لهذه التقنية رغم الانتقادت التي تواجهها حول قتل متعة كرة القدم، إلا أن الاتحاد يواجه أزمات بالجملة بسبب الاعتراضات على الأداء التحكيمي ويبحث عن إيقاف هذه الاعتراضات من خلال تطبيقها، والذي أقام معسكرا لـ60 حكما ومساعدا لشرح التقنية، وتولى مسيمو بوساكا رئيس اللجنة الفنية لتطوير التحكيم بالـ«فيفا» وخالد الدوخي رئيس لجنة حكام الإمارات عملية الشرح.
ولكن يظل هناك تساؤلا مطروحا حول مدى نجاح هذه التجربة في مصر من عدمه؟ ويحاول "المواطن" في السطور التالية تقديم بعض الإجابات لمساعدة القارئ في تقييم الموقف.
عقبات
التكلفة
وفقا لعصام عبدالفتاح، عضو اتحاد الكرة، فهذه التقنية تتكلف في المباراة الواحدة 10 آلاف دولار، أي أن مجموع تطبيقها على دوري محلي مثل مصر، يضم 18 فريقا ومجموع مبارياته طوال الموسم 612 مباراة، سيكون 6 مليون و120 ألف دولار، هذا بخلاف مباريات الكأس، ومباراة السوبر، وهذا بخلاف توفير بنية تحتية ملائمة للمعدات، وفريق العمل وغيرها.
وقت التدريب
يحتاج الحكم المحلي عدة أشهر للتدريب، وكل "حكم فيديو" وحكم ساحة بحاجة لعدة مباريات كاختبار للتأقلم مع استخدام لقطات الفيديو والتواصل، في حين أن عبدالفتاح أكد أنه تدريب الحكام 3 أيام فقط، خلال معسكر الحكام الذي أقيم في شرم الشيخ من22- 26 مارس الماضي.
التجهيزات المطلوبة
التحكيم بالفيديو يحتاج لمعدات مطابقة تماما لسيارات الإذاعة والنقل الخارجي، يتم تصميمها وتوزيعها خصيصا لذلك، والجلوس في غرف مجهزة ومغلقة وتضم حكمين على الأقل، والشاشة لا يقل حجمها عن 43 بوصة، في حين فؤجئنا أمس بالحكم يجلس على "ترابيزة" أمامه شاشاة 12 بوصة.
الإخراج التليفزيوني
عامل أكثر من هام، فالمقارنة بين إخراج ماريات الكرة في أوروبا وهنا في مصر، كأنه بين "السماء والأرض"، وهو ما أكد عليه عصام عبدالفتاح بفوله "إنه يتسم بالسوء وضعف الإمكانيات وهو ما يجعل تقنية الفيديو غير واضحة".
التحكيم بالفيديو
يعمل من خلال الكاميرات المثبتة داخل الملعب من أجل بث المباريات، ولكن في حالة انقطاع البث، ماذا سيحدث؟، سيكون الاتحاد مضطرا لتثبيت عدة كاميرات خصيصا داخل الإستاد من أجل حكم الفيديو، فهل يقدر على توفير قيمة هذه الكاميرات وتجهيزاتها؟
ميزات:
أكد بلوكاس برود سكرتير مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، أنه خلال الفترة التجريبية والتي تقام حاليا في عدة أماكن يقوم مجلس الاتحاد الدولي بجانب الفيفا بمساعدة الدول المشاركة من خلال تعليم الحكام وتنفيذ الأمر داخل الإستادات واستخدام التكنولوجيا التي يحتاجها حكم الفيديو.
ماذا قالوا عن تقنية الفيديو في مصر؟
يرى عصام عبدالفتاح، عضو مجلس اتحاد الكرة، أن التجربة نجحت رغم قلة الإماكنيات المتاحة، فرغم أنها مكلفة للغاية في أوروبا، إلا أنها في مصر تمت بمبالغ زهيدة لا تذكر، مؤكدا أنه اجتمع مع مخرجي المباريات لمحاولة الوصول لطريقة سهلة لتطبيق هذه التقنية.
أوضح اللواء عصام صيام، عضو لجنة الحكام بالاتحاد الأفريقي "كاف"، بأن الأمر يحتاج لإمكانيات واسعة، وكان يجب عدم التسرع في تطبيق التجربة والتدريب عليه بشكل كافٍ بجانب العمل على تطوير الإخراج التلفزيوني وتوفير الإمكانيات الواسعة التي تعطي التلفزيون المصري الإمكانيات لتغطية الأحداث بصورة جيدة.
وأكد وجيه أحمد، رئيس لجنة الحكام الأسبق، أن التجربة أفضل بكل المقاييس ولصالح الأندية للحد من أي أخطاء تحكيمية، ولذا من الأفضل تطبيق التجربة وأن يتم تطويرها بشكل تدريجي، خاصة أن الوقت ما زال متسعًا لعلاج أي أخطاء تظهر.
وأكد عزب حجاج، سكرتير لجنة الحكام بالاتحاد المصري، أنه تم تدريب الحكام المصريين على تطبيق "تقنية الفيديو" ولن تكون هناك عقبة في هذا الأمر بالنسبة لهم.
قال حازم إمام عضو مجلس إدارة اتحاد الكرة، أن الاتحاد سيستعين في الفترة المقبلة بـLED، مؤكدا أن الهدف من وراء هذه التجربة هو رؤية أخطائها لتجنبها الفترة المقبلة، بالإضافة لكيفية الاتصال السريع بين حكم الفيديو والحكم الرئيسي.
أكد طه إسماعيل، لاعب الأهلي ومنتخب الأسبق والمحلل الكروي، أنها لن تستمر طويلا، لعدة أسباب، وأهمها أنها لم تأتي بعد دارسة، وكانت بسبب أزمة مباراة، كما أن التجرية تم تطبيقها بكأس العالم للأندية ولم تحقق النجاح المنتظر، ومشاكلها كثيرة، ومن الصعب إيقاف المباريات بشكل متكرر للتأكد من صحة القرارات التحكيمية، لذا فأن الأمر سيواجهه اعتراض من جميع أطراف اللعبة.
وقال أحمد حسام ميدو المدير الفني لوادي دجلة، إن خريطة الدوري ستتغير كثيرا لو تم تنفيذ هذه التقنية بنجاح.
أكد أحمد الشناوي، مسؤول الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لتطوير التحكيم بشمال إفريقيا، أن نجاح تطبيق الفيديو والحكم الإضافي بالدوري المصري في الوقت الحالي صعب جدا، إذ يحتاج لكوادر مؤهلة بشكل جيد لا تقل عن مستوى حكام الفئة الأولى بمصر، وهذا غير متوافر الآن، فضلا عن أنهم يحتاجون لتدريبهم عمليا لفترات طويلة حتى نستفيد من تطبيق التجربة بشكل مناسب.
وأشار الشناوى إلى أن تطبيق التقنية والحكم الإضافي يحتاج إلى تكاليف كبيرة جدا حتى تنجح التجربة وتساهم في الحد النسبي من الأخطاء، ولكن يجب أن نعلم أن الأخطاء لن تنتهي من ملاعب كرة القدم.
انتقد أحمد حسن قائد المنتخب الوطني السابق، طرح فكرة استخدام تقنية الفيديو في الملاعب المصرية، موضحا أن استخدامها سيسبب مشاكل وكوارث بالملاعب، فكرة القدم لعبة أخطاء، وفي حالة استخدام الفيديو سنلغي الجزء التقديري للحكم".