مقاتلات حربية تنقل وزارة الدفاع إلى قلب تل أبيب
حدث في مثل هذا اليوم وفي نفس التوقيت، طلب موشيه ديان من السيدة «جولدا مائير»، خامس رئيس وزراء فى تاريخ إسرائيل، إخلاء مكتبها الحكومي فورًا، والنزول إلى مخابئ الطوارئ حيث بدأت عملية الإخلاء فى هدوء ورئيسة الوزراء الإسرائيلية فى ذهول غير مصدقة لما يحدث من حولها، وقد أبلغه وزير الدفاع موشيه ديان في مقر إقامة «إفرايم قاتصير » الرئيس الرابع لدولة إسرائيل، فتم إخلاء رئيس الدولة العبرية وأسرته فى دقائق.
وتحولت كل الأهداف العسكرية والسياسية أو
حتى المدنية داخل مدينة تل أبيب منذ لحظة رصد دخول القاذفة المصرية الإستراتيجية العملاقة
الأجواء الإسرائيلية هدفًا محتملً.
وكانت هى المرة الأولى فى تاريخ دولة إسرائيل
منذ اندلاع الصراع "العربي – الإسرائيلي"، الذي تتمكن فيه طائرة مصرية إستراتيجية
هجومية من اختراق المجال الجوى لأكبر المدن العبرية، من حيث عدد السكان والمباني الحكومية
الأهم وعلى رأسها مقر وزارة الدفاع في قلب تل أبيب.
سارت إجراءات الطوارئ فى تل أبيب بسرعة
غير مسبوقة، بينما الجميع فى ذهول تام حتى التدريبات الإسرائيلية على صد الضربات الجوية
المصرية لم تكن تتوقع أنه سوف يأتى اليوم، حيث تتمكن فيه الطائرات المصرية الإستراتيجية
الثقيلة من الوصول إلى تل أبيب، حتى «كينيث برنارد كاتينج » السفير الأمريكي الجديد
يومها فى تل أبيب فقد أطبق عليه الوجوم دون استعداد مسبق فلم تبلغه أجهزة استخبارات
بلاده أو تحذره قبلها لهذا الاحتمال، مما تركه مع طاقمه الدبلوماسي دون أي خطة لإجلاء
أعضاء جاليته الدبلوماسية الرفيعة من مقر السفارة الأمريكية الواقعة على كورنيش شاطئ
مدينة تل أبيب المطل مباشرة على البحر الأبيض المتوسط فى متناول القاذفة المصرية الإستراتيجية.
اتخذت رئاسة هيئة الأركان العبرية في ضوء
معلومات الرادار الجوى المركزي فى تل أبيب، قرارها بالإخلاء الفورى لجميع المواقع الحكومية
الحساسة المواجهة لساحل البحر المتوسط، ومن بينها السفارات الأجنبية المتواجدة ضمن
نطاق مبانى ومقار وزارة الدفاع الإسرائيلية.
وأمرت قيادة الجيش الإسرائيلى المسؤولين
عن السفارة الأمريكية؛ الواقعة على بعد بلوكات قليلة من مبنى وزارة الدفاع الإسرائيلية،
الإخلاء العاجل خشية أن يتعرض مبنى السفارة الأمريكية نفسه للقصف.
قرر السفير الأمريكى كينيث كاتينج، قبل
أن يترك مكتبه مهرولً فى اتجاه ملاجئ الطوارئ إبلاغ وزارة الخارجية الأمريكية، لكن
ضباط طاقم حراسته التابع لأمن السفارة الأمريكية رفضوا السماح له بالبقاء دقيقة واحدة
أخرى داخل مكتبه بينما راحت صفارات الإنذار تدوى بقوة فى كل أرجاء إسرائيل.
نجح السفير الأمريكى عقب إجلائه مع طاقمه
إلى مخبئ الطوارئ داخل مبنى السفارة الأمريكية بتل أبيب المعد لتحمل حتى القصف النووى
فى الاتصال عبر هاتف الطوارئ بوزير الخارجية الأمريكية الجديد وقتها «هنرى كيسنجر»،
المعروف أنه شغل منصب مستشار الأمن القومى للرئيس الأمريكى الجمهورى «ريتشارد نيكسون
».
وذلك بداية من 20 يناير 1969 وحتى 3 نوفمبر
1975 ، مع توليه فى تلك الأثناء منصب وزير الخارجية الأمريكية بداية من 22 سبتمبر
1973 وحتى 20 يناير 1977 ،أطلع السفير كاتينج خلال الحوار غير العادي الذي أجراه يوم
السادس من أكتوبر 1973 من داخل مخبئ طوارئ السفارة الأمريكية فى تل أبيب وزير خارجيته
كيسنجر على تطور الموقف، وأخبره فى هلع أن القوات الجوية المصرية في طريقها لقصف عمق
تل أبيب.
في نفس التوقيت تقريبًا تلقى هاتف هنرى
كيسنجر وزير الخارجية الأمريكية اتصالات إسرائيلية، وصلت لحد الاستغاثة الدبلوماسية
الرسمية.
أبرزها جاء من نظيره «أبا إيبان » وزير
الخارجية الإسرائيلي، كما تلقى الوزير الأمريكي اتصالين آخرين أولهما أجراه إسحاق رابين
السفير الإسرائيلي المنتهية ولايته لدى واشنطن - يومها - الذي شغل مهام منصبه من عام
1968 وحتى عام 1973.
أما الاتصال الثانى فأجراه السفير الإسرائيلى
الجديد فى واشنطن؛ وقتها «سمحا دينيتس »، وقد طلب الجميع من كيسنجر سرعة التدخل والتصرف
لمساعدة دولة إسرائيل. لم يجد هنرى كيسنجر أمامه سوى إبلاغ الرئيس
الأمريكى «ريتشارد نيكسون » طالبًا منه اتخاذ قرار عاجل لإنقاذ مدينة تلأبيب ومقر وزارة
الدفاع الإسرائيلية.
فأجرى الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون على
الفور اتصال مع السكرتير العام ل أمم المتحدة - وقتها - النمساوى الجنسية «كورت فالدهايم
» .فى الحديث طلب نيكسون من فالدهايم التدخل الفورى بثقل نفوذ منظمته لدى الرئيس المصرى
محمد أنور السادات لإقناعه بالعدول عن منطق قصف مدن العمق الإسرائيلية.
حتى لا تضطر إسرائيل للرد بالمثل، وذلك
بهدف إبعاد المدن المصرية والإسرائيلية وسكانهما عن خطر المعارك العسكرية ومجمل الصراع
حماية للمدنيين فى الدولتين.
وافق «كورت فالدهايم » السكرتير العام للأمم
المتحدة واتصل بالرئيس السادات لكنه لم يتمكن من الوصول إليه مباشرة بسبب تواجد الرئيس
وقتها فى غرفة العمليات، لكن عندما أحيط السادات علمًا بالاتصال طلب من معاونيه أن
يبلغوا فالدهايم باسمه عبر الهاتف أن مصر تحترم الاتفاقيات الدولية، ولن تهدد حياة
المدنيين فى إسرائيل مهما كلف الأمر.
فى ذات المسار السياسى اتصل الرئيس الأمريكى
ريتشارد نيكسون بالعاصمة السوفيتية موسكو، وتحدث هاتفيا مع «ليونيد بريجينيف » الزعيم
الروسى، فى المكالمة حمل الرئيس الأمريكى ريتشاردنيكسون موسكو المسئولة عن نتائج مهمة
القاذفة المصرية الاستراتيجية الروسية الصنع «توبوليف -»TU16 حال إسقاط
حمولتها المدمرة فوق مدينة تل أبيب.
فرد عليه الزعيم الروسى بريجينيف ساخرًا، أن روسيا عندما تبيع أسلحتها لأى دولة بالعالم، لا تسلم تلك الدول قائمة بالأهداف المسموح بقصفها فى الحروب من عدمه، وأن مصر حرة.