فى كتاب جديد: الممارسة النقدية أصعب شيء يواجه الناقد
السبت 18/يونيو/2016 - 10:38 ص
قال الناقد الدكتور عادل ضرغام أستاذ الدراسات الأدبية بكلية دار العلوم جامعة الفيوم، فى كتابه الجديد بعنوان "الممارسة النقدية".. إن الممارسة النقدية هي أصعب شيء قد يواجه الناقد الأدبي أوالباحث، لأن الممارسة النقدية مواجهة كاشفة عن أدوات الناقد وعن ثقافته، وعن مرونته في تشكيل وتطويع آليات المنهج المحدد، كما أن الممارسة النقدية ليست منهجا نقديا وهذا ما أكده البحث، وإن كانت تستند إلى آلياته وإجراءاته، فهي تزيد على المنهج بالمرونة في التعامل مع النصوص.
وأكد أن تطبيق آليات المنهج بشكل كامل، ربما لا تكون مجدية في نهاية الأمر في الوصول إلى نتائج علمية كاشفة من جانب، ومن جانب آخر لن تكون مجدية في بناء إطار معرفي قائم على الاختلاف أوالتشابه بين الشعراء أو الروائيين محل الدراسة.
وأشار ضرغام إلى أن تطبيق آليات منهج جينيت في دراسة البنية السردية دون محاولة التعاظم على هذا المنهج لن تجعلنا قريبين من روائي محدد، لأن إجراءات هذا المنهج قائمة على مقاربة المتاح أو المتشابه بين الروائيين، ومن ثم لن يزودنا في النهاية بمعرفة أكثر قيمة عن روائي محدد، بل وتجعل المقاربة في ذلك السياق ثابتة.
ولفت إلى أن من هنا تأتي قيمة الممارسة النقدية، لأنها تختلف باختلاف الناقد، وباختلاف ثقافته، فهي تقيم أو توجد تعددا لأشكال التجليات المنهجية لمنهج نقدي واحد في التعامل مع النصوص، وربما كان من الصواب أن نشير إلى أن هذه الممارسة النقدية لا توجد تعددا منهجيا بقدر فاعليتها وارتباطها بتعدد إجراءات منهجية يتم الارتكان إليها واستخدامها.
والناقد حين يستند إلى هذا التعدد في الإجراءات المنهجية، كما يقول الدكتور أحمد عزفى، قد لا يكون مدركا لهذا التعدد أو واعيا به، لأن التحولات المنهجية التي مر بها النقد في السنوات الأخيرة تحولات سريعة ومهمة، ويتبقى منها إجراءات لها سمة الفاعلية والنفاذ حتى لو أصبح المنهج الذي أوجدها من الماضي، ولكنه يظل حاضرا من خلال هذا الإجراء المترسب في الوعي النقدي.
وعلى هذا فالتعدد الذي نمارسه في الممارسة النقدية ليس تعددا منهجيا بقدر كونه تعددا إجرائيا، يحاول التعاظم على نمطية المنهج الساكن، ويحاول أيضا التعاظم على فكرة الاستلاب المنهجي التي يقع فيها بعض الباحثين، فيشعر القارئ في إطارها بنمطية مميتة في التناول والتبويب، ويفقد الفن معها حضوره الفاعل، وقيمته المشدودة في التفريق بين مبدع وآخر.
وهذا التعدد الإجرائي الذي نلمح مظاهره في بعض المقاربات المنهجية، لا يمكن أن يكون مجديا إلا إذا كان هناك خيط يجمع ويكيف ويوجه هذه الإجراءات بحساسية شديدة، حتى يشعر القارئ بالاتساق، بين الإجراء المهيمن والفاعل بحضوره المكثف، والإجراءات الأخرى الفرعية المترسبة داخل الناقد أو الباحث، وقد لا يشعر بوجودها المادي، وإنما يشعر بها في توجيه الحركة أو تشكيل فرضية أو نفيها.
ويوضح الكتاب أن الممارسة النقدية لا تكفل هذا التعدد فقط، وإنما تكفل أيضا تعاملا خاصا أقرب إلى الهدهدة مع النصوص الأدبية بعيدا عن التوجه القائم على التشريح أو المنهجية في تجليها المثالي، الذي يمكن أن يكون سببا في القضاء على الفن برهافته الخاصة، التي تحتاج نظرة حانية للاقتراب منها، والإمساك بجوهرها المتفلت.
وقد جاء كتاب "الممارسة النقدية" في دراسات ثلاث تحاول الاقتراب من الفن الشعري، وهي: 1-التناص بين الامتصاص والحوار في شعر أمل دنقل. 2-الوعي الذاتي بالآخر في شعر صلاح عبدالصبور. 3- سلطة النموذج دراسة في قصيدة العمر الخائب لفاروق شوشة.
ويؤكد الدكتور عادل ضرغام فى كتابه على أن ممارسة الناقد تختلف باختلاف النص، وباختلاف قدرته في كل مرحلة زمنية، تلك القدرة المنبثقة عن الوعي الثقافي في تجليه، فالناقد ليس سطحا ساكنا أو ثابتا، إنما هو مرآة تعكس كل التنوعات الثقافية المختلفة، ويكون لهذه التعددية الثقافية أثر فعال في تشكيل الخطوات، وتحديد الاتجاه، وكيفية السير في منحنيات النص بتجليه المعرفي.
وأشار ضرغام في الدراسة الأولى(التناص في شعر أمل دنقل بين الامتصاص والحوار) أن الممارسة النقدية تأتي محاولة إسدال نوع من المغايرة بين تلك المقاربة والمقاربات المشدودة إلى توظيف النص التراثي، والمغايرة ليست مرتبطة بالتحول من (التوظيف التراثي)، إلى (التناص) فقط، وإنما هي محاولة تخصيب وتفعيل في الأساس، حيث تستند الممارسة النقدية إلى وعي بالمراحل التي مر بها شعر أمل دنقل من بداية حذرة مشدودة إلى صدى شعراء آخرين، إلى أن أصبح ظاهرة فنية متأبية على التحجيم والتقعيد.
وفي الدراسة الثانية (الوعي الذاتي بالآخر في شعر صلاح عبدالصبور) جاءت المقاربة منطلقة من طبيعة التحول التي أصابت الشعرية العربية في تلك الفترة المرتبطة بالتعبير والاهتمام بالآخر بعيدا عن الذات، والاهتمام (بالرصد) بعيدا عن (التعبير)، والاهتمام (بالإخبار) بديلا عن (التشكيل البياني).
ومن خلال ذلك جاءت الدراسة باحثة عن الآليات التي كفلها ذلك التحول، وفاعلية تلك الآليات في بناء كون شعري يكشف عن المغايرة والاختلاف انطلاقا من لحظة حضارية ترى أن الفن لا يرتبط بمقاربة ذات منفصلة عن العالم، وإنما يرتبط بمقاربة ذات وعالم متحدين، ولا سبيل إلى رصد جزء بعيدا عن الآخر.
والدراسة الثالثة (سلطة النموذج دراسة في قصيدة اعترافات العمر الخائب لفاروق شوشة)، تأتي لتكشف عمق خيبات الإنسان المعاصر، الذي يعيش وفق عالمين:عالم متخيل يشكله كل صباح، ويعاينه كل مساء، ليقيس حجم المتحقق منه، وحجم المتأبي عن التحقيق.وهناك عالم واقعي صادم.
والنص في مجمله حركة لاهثة بين العالمين، العالم المتخيل، الذي يشكل سلطة نموذج متخيل قادر على الإلهام والفعل والإنجاز من جانب، ومحفز على الحركة والانتظار من جانب آخر. هو نص الصراع مع العالم، للاقتراب من الصورة المتخيلة للذات، وهو نص يعيدنا دون وعي إلى نصوص سابقة لشعراء سابقين، وهذا ليس بحثا عن أبوة أو مصدرية، وإنما يمكن أن يكون بحثا عن إجابات عديدة لسؤال واحد في لحظات زمنية متباعدة، فالسؤال واحد.
ولكن الإجابة عن هذا السؤال تأتي مختلفة من شاعر إلى آخر. والسؤال في مغزاه العميق ينطوي حول إشكالية الصراع بين الإنسان والعالم أو بين الإنسان والزمن، ومدى اقترابه أو ابتعاده عن نموذجه المتخيل قيد التحقيق من خلال السعي النهاري والتأمل الليلي.
وقد حاول " ضرغام " فى كتابه الصادر عن الداراللبنانية الاقتراب من شعر هؤلاء الشعراء، للوصول بهدوء دون جلبة ظاهرة إلى جمالها وإلى الفن في تجلياته العديدة.
وأكد أن تطبيق آليات المنهج بشكل كامل، ربما لا تكون مجدية في نهاية الأمر في الوصول إلى نتائج علمية كاشفة من جانب، ومن جانب آخر لن تكون مجدية في بناء إطار معرفي قائم على الاختلاف أوالتشابه بين الشعراء أو الروائيين محل الدراسة.
وأشار ضرغام إلى أن تطبيق آليات منهج جينيت في دراسة البنية السردية دون محاولة التعاظم على هذا المنهج لن تجعلنا قريبين من روائي محدد، لأن إجراءات هذا المنهج قائمة على مقاربة المتاح أو المتشابه بين الروائيين، ومن ثم لن يزودنا في النهاية بمعرفة أكثر قيمة عن روائي محدد، بل وتجعل المقاربة في ذلك السياق ثابتة.
ولفت إلى أن من هنا تأتي قيمة الممارسة النقدية، لأنها تختلف باختلاف الناقد، وباختلاف ثقافته، فهي تقيم أو توجد تعددا لأشكال التجليات المنهجية لمنهج نقدي واحد في التعامل مع النصوص، وربما كان من الصواب أن نشير إلى أن هذه الممارسة النقدية لا توجد تعددا منهجيا بقدر فاعليتها وارتباطها بتعدد إجراءات منهجية يتم الارتكان إليها واستخدامها.
والناقد حين يستند إلى هذا التعدد في الإجراءات المنهجية، كما يقول الدكتور أحمد عزفى، قد لا يكون مدركا لهذا التعدد أو واعيا به، لأن التحولات المنهجية التي مر بها النقد في السنوات الأخيرة تحولات سريعة ومهمة، ويتبقى منها إجراءات لها سمة الفاعلية والنفاذ حتى لو أصبح المنهج الذي أوجدها من الماضي، ولكنه يظل حاضرا من خلال هذا الإجراء المترسب في الوعي النقدي.
وعلى هذا فالتعدد الذي نمارسه في الممارسة النقدية ليس تعددا منهجيا بقدر كونه تعددا إجرائيا، يحاول التعاظم على نمطية المنهج الساكن، ويحاول أيضا التعاظم على فكرة الاستلاب المنهجي التي يقع فيها بعض الباحثين، فيشعر القارئ في إطارها بنمطية مميتة في التناول والتبويب، ويفقد الفن معها حضوره الفاعل، وقيمته المشدودة في التفريق بين مبدع وآخر.
وهذا التعدد الإجرائي الذي نلمح مظاهره في بعض المقاربات المنهجية، لا يمكن أن يكون مجديا إلا إذا كان هناك خيط يجمع ويكيف ويوجه هذه الإجراءات بحساسية شديدة، حتى يشعر القارئ بالاتساق، بين الإجراء المهيمن والفاعل بحضوره المكثف، والإجراءات الأخرى الفرعية المترسبة داخل الناقد أو الباحث، وقد لا يشعر بوجودها المادي، وإنما يشعر بها في توجيه الحركة أو تشكيل فرضية أو نفيها.
ويوضح الكتاب أن الممارسة النقدية لا تكفل هذا التعدد فقط، وإنما تكفل أيضا تعاملا خاصا أقرب إلى الهدهدة مع النصوص الأدبية بعيدا عن التوجه القائم على التشريح أو المنهجية في تجليها المثالي، الذي يمكن أن يكون سببا في القضاء على الفن برهافته الخاصة، التي تحتاج نظرة حانية للاقتراب منها، والإمساك بجوهرها المتفلت.
وقد جاء كتاب "الممارسة النقدية" في دراسات ثلاث تحاول الاقتراب من الفن الشعري، وهي: 1-التناص بين الامتصاص والحوار في شعر أمل دنقل. 2-الوعي الذاتي بالآخر في شعر صلاح عبدالصبور. 3- سلطة النموذج دراسة في قصيدة العمر الخائب لفاروق شوشة.
ويؤكد الدكتور عادل ضرغام فى كتابه على أن ممارسة الناقد تختلف باختلاف النص، وباختلاف قدرته في كل مرحلة زمنية، تلك القدرة المنبثقة عن الوعي الثقافي في تجليه، فالناقد ليس سطحا ساكنا أو ثابتا، إنما هو مرآة تعكس كل التنوعات الثقافية المختلفة، ويكون لهذه التعددية الثقافية أثر فعال في تشكيل الخطوات، وتحديد الاتجاه، وكيفية السير في منحنيات النص بتجليه المعرفي.
وأشار ضرغام في الدراسة الأولى(التناص في شعر أمل دنقل بين الامتصاص والحوار) أن الممارسة النقدية تأتي محاولة إسدال نوع من المغايرة بين تلك المقاربة والمقاربات المشدودة إلى توظيف النص التراثي، والمغايرة ليست مرتبطة بالتحول من (التوظيف التراثي)، إلى (التناص) فقط، وإنما هي محاولة تخصيب وتفعيل في الأساس، حيث تستند الممارسة النقدية إلى وعي بالمراحل التي مر بها شعر أمل دنقل من بداية حذرة مشدودة إلى صدى شعراء آخرين، إلى أن أصبح ظاهرة فنية متأبية على التحجيم والتقعيد.
وفي الدراسة الثانية (الوعي الذاتي بالآخر في شعر صلاح عبدالصبور) جاءت المقاربة منطلقة من طبيعة التحول التي أصابت الشعرية العربية في تلك الفترة المرتبطة بالتعبير والاهتمام بالآخر بعيدا عن الذات، والاهتمام (بالرصد) بعيدا عن (التعبير)، والاهتمام (بالإخبار) بديلا عن (التشكيل البياني).
ومن خلال ذلك جاءت الدراسة باحثة عن الآليات التي كفلها ذلك التحول، وفاعلية تلك الآليات في بناء كون شعري يكشف عن المغايرة والاختلاف انطلاقا من لحظة حضارية ترى أن الفن لا يرتبط بمقاربة ذات منفصلة عن العالم، وإنما يرتبط بمقاربة ذات وعالم متحدين، ولا سبيل إلى رصد جزء بعيدا عن الآخر.
والدراسة الثالثة (سلطة النموذج دراسة في قصيدة اعترافات العمر الخائب لفاروق شوشة)، تأتي لتكشف عمق خيبات الإنسان المعاصر، الذي يعيش وفق عالمين:عالم متخيل يشكله كل صباح، ويعاينه كل مساء، ليقيس حجم المتحقق منه، وحجم المتأبي عن التحقيق.وهناك عالم واقعي صادم.
والنص في مجمله حركة لاهثة بين العالمين، العالم المتخيل، الذي يشكل سلطة نموذج متخيل قادر على الإلهام والفعل والإنجاز من جانب، ومحفز على الحركة والانتظار من جانب آخر. هو نص الصراع مع العالم، للاقتراب من الصورة المتخيلة للذات، وهو نص يعيدنا دون وعي إلى نصوص سابقة لشعراء سابقين، وهذا ليس بحثا عن أبوة أو مصدرية، وإنما يمكن أن يكون بحثا عن إجابات عديدة لسؤال واحد في لحظات زمنية متباعدة، فالسؤال واحد.
ولكن الإجابة عن هذا السؤال تأتي مختلفة من شاعر إلى آخر. والسؤال في مغزاه العميق ينطوي حول إشكالية الصراع بين الإنسان والعالم أو بين الإنسان والزمن، ومدى اقترابه أو ابتعاده عن نموذجه المتخيل قيد التحقيق من خلال السعي النهاري والتأمل الليلي.
وقد حاول " ضرغام " فى كتابه الصادر عن الداراللبنانية الاقتراب من شعر هؤلاء الشعراء، للوصول بهدوء دون جلبة ظاهرة إلى جمالها وإلى الفن في تجلياته العديدة.