لماذا يوصف حاكم مصر بالفرعون ؟؟؟
الثلاثاء 05/أبريل/2016 - 07:00 م
يقول المثل المصري قالوا لفرعون ايش فرعنك قال ملقيتش حد يلمني وللمثل اكثر من معنى الأول معنى سياسي وفيه إشارة واضحة على ان الرقابة الشعبية هى التي يمكن ان تضع قيدا على سلطة أي حاكم والثاني منى سياسي أيضا وفيه تأكيد على أن الشعب هو الذي سمح للفرعون بأن يكون كذلك والثالث أيضا كذلك وفيه دليل أن هناك ارتباطا وثيقا بين الفرعون والفرعنة والفرعنة هى تجاوز الحاكم حدوده ويستعبد شعبه ضاريا عرض الحائط بكل قواعد العدل والحرية . ورغم أن المثل العامي المصري الذي يعبر عن طريقة تفكير الرأي العام حين ولد المثل يشير بوضوح إلى نظرية متكاملة في الحكم والديموقراطية إلا ان الشعب الذي افرزت عبقريته الفكرية هذا المثل تجاهل حكمته تلك في فترات تاريخية طويلة وسمح للحاكم بأن يكون فرعونا متفرعنا لا يقف أحد عند حدود رغباته. ويشكل دقيق وواضح فإن مصر منذ زمن طويل لم تعرف نظاما فرعونيا بالمعنى الدقيق حرفيا منذ أن أنتهت الدولة الفرعونية بكل أسرها قبل الميلاد ومنذ صار أسم الحاكم هو الوالي ثم الخليفة فالخديوي والسلطان والملك ثم الرئيس . لكن القيم الفرعونية في الحكم كانت تطل على الشعب من حين لأخر وبشكل أعاد إلى وسائل الأعلام في الغرب تعبير الفرعون في اشارة الى حاكم مصر وفي سياق الحديث عن المواجهة التي تقوم بها الدولة مع المتطرفين. وحدث هذا في عصر الرئيس السادات واستمر لعدة سنوات خلال تعليقات الصحف على ماحدث في مصر قبل ولحظة اغتياله . فالرئيس السادات نفسه كان هو الذي أعطى وسائل الأعلام الغربية الفرصه لكي تعيد وصف الفرعون إلى حاكم مصر حين سئل خلال زيارة له للولايات المتحدة بعد مباحثات السلام عما إذا كان يجب ان يوصف بالفرعون فقال انا أخر فراعين مصر ومن الواضح أن الرئيس الراحل كان يخاطب بهذا عقلية الأعلام الغربي الباحثة عن العناوين المثيرة والتشابه الجذاب بين الرئيس والفرعون الا انه في نفس الوقت أعطى مصداقية للنظرية الدينية التي قتل على أساسها في اكتوبر عام 1881 تلك التي تقول أن السادات حاكم فرعون يجب أن يقتل . و الفرعون مصطلح سياسي له أبعاد حضارية يشير إلى الطغيان لكنه في نفس الوقت يشير إلى الزمن الذي حقق فيه المصريون المعجزات ورغم هذا فإن إستخدامه حمل كافة معاني الظلم التي تنتهي عادة بمعجزة سماوية تنسف الفرعون . ومصدر القصة الديني هو القرءان في سورة القصص التي قالت وقال فرعون يا أيها المأ ما علمت لكم من إله غيري... وفي سورة طه أذهب إلى فرعون إنه طغى.. وبالإجمال فإن فرعون المقصود هو من وقف أمام سيدنا موسى عليه السلام هذا الذي كان يعبده الناس وأنزل العذاب بقوم موسى وهو أيضا من حلت عليه لعنات الله بداية من الطوفان ونهاية بمعجزة شق ماء البحر بعصا موسى وغرق جند فرعون. وجاء وصف حاكم مصر بالفرعون من قبل المصريين إشارة إليه إنه طاغوت تحاربه السماء وسوف يقضى عليه يمعجزة ما . وقد كانت جماعة الأخوان اول من أطلقه على الرئيس عبدالناصر بعد حادث المنشية عام 1954 ثم بعد قضية 1965 وأستمرت تواصل الهجوم على عبدالناصر في مجلة الأعتصام مستغلة الضوء الأخضر الذي أعطى الأتجاه. كان يقول محمود عبدالحليم في كتاب الأخوان المسلمين عندما كنت أسمع خطابات عبدالناصر في السجن أشعر كأنه يضيق الخناق وينقله من رقابنا إلى رقبته كنت أسمعه وقصة فرعون ماثلة في خاطري فكلما قال كلمة مما قال فرعون أقول في نفسي ليته يقول الكلمة التالية فيقولها وهكذا حتى إذ قال الكلمة الأخيرة التي قالها فرعون كدت أصفق فرحا لأنه أصبح أمام نهايته . ولم تتوقف تعبيراتهم ومضوا يستخدمونها مع الرئيس السادات بعد أن سمح بإستخدامها ضد جمال عبدالناصروأصبح وصف فرعون مصطلح يستخدم في عناوين الكتب فصدر مثلا كتاب النبي والفرعون ومن قبله كتاب محاكمة فرعون لشوقي خالد. وفيما بعد أستخدم تنظيم الجهاد نفس التعبير حتى أن أحدهم نشر من الدانمارك قصة أدبية أسمها قرار الطاغوت . وعلى الرغم من ذلك فإن التنظيم نفسه كان حريصا من قبل على أن يشير إلى الحاكم على إنه طاغوت وبنى على هذا الأساس نظرية تكفير نظم الحكم وهو نفس الذي أستخدمه أبن تيمية في تكفيره للتتار وأفكارهم التي كانت مدونة في الياسق – دستور التتار – . وبعيدا عن هذه الأوصاف السياسية فإن هناك من يفسر الطبيعة الخاصة لحكام مصر إلى الدرجة التي تجعل الشعب يصفهم بالفراعنة لعدة أسباب يقول الدكتور إمام عبد الفتاح في كتابه الطاغية إنه كانت هناك دائما عدة صفات يتسم بها الملك في مصر هى:- أن الملك شخصية إلهية مقدسة وبالتالي هو أقدس من أن يخاطب مباشرة . هذه الشخصية تتمتع بعلم إلهي لا تخفي عليها خافية لا يحدث شئ إلا ويعلمه. إن كل مايتفوه به صاحب الجلالة يجب أن ينفذ بل لابد ان يتحقق فورا لأن مشيئة الملك وإرادته هي القانون. الفرعون او الحاكم المصري هو المشرع والمنفذ وهو الذي يحكم القضاء بأسمه . تاريخ الشرق الأوسط كله يحكمه الطغاة وخصوصا في مصر هناك قناعة بأن الفرعون الإله او ابن الإله هو باعث الحركة والنشاط والقوة لا في شعب مصر فقط ولكن في الطبيعة بأكملها إذ ما يتولى العرش حتى يحدث انتعاش في كل شئ ويرتفع منسوب المياه ويرتوي الزرع والضرع اما إذا كان الكون يضطرب وينهار نظام الحكم والأمبراطورية كلها إنه هنا هو الشعب ومصدر السلطات والذي يمد الحبل السري إلى جميع أفراد المجتمع يتنفسون كلما تنفس ولا تعمل خلاياهم إلا بأمره . وأضاف أن هذه الظاهرة الغريبة أنبعثت كتوحيد بين الحاكم والشعب ليصبح الكل في واحد في الليلة التى مات فيها عبدالناصر ذهل العالم كله من الذي صنعه العرب وخصوصا المصريون من بكاء وعويل وعاشت الأمة العربية ومصر بالذات ثلاثة أيام كئيبة ثم كانت الجنازة التي سار فيها ملايين البشر يبكون ويلطموت ويصرخون ولم يفهم العقل الأوربي حالة الأكتئاب الجماعي التي سارت بين الناس كوباء جماعي أنتشر خلال ساعات معدودة فاستسلم له الناس بحيث فقد الناس القدرة على تمييز مايفعلون فغاب عقلهم الواعي وتركوا أنفسهم لمجموعة من النفعالات الحادة ولن الغرب كان يرى ان عبدالناصر ديكتاتور طاغية فرعون يحتقر الشعب بقسميه الواعي والغير واعي ويعامل الأولين بالمعتقلات ويخضع الأخرين لوسائل غسيل مخ عنيفة لأن الغرب هكذا كان من الصعب عليهم فهم هذه الحالة التي أصابت المصريين بعد موته. وفي محاولته لتفسير ما يذكر الدكتور إمام نقلا عن كعب الأحبار الذي كان يكلم سيدنا عمر بن الخطاب قوله إن الله عندما خلق الدنيا جعل لكل شئ شيئا فقال الشقاء أنا لاحق بالبادية وقالت الصحة وانا معك وقالت الشجاعة وأنا لاحقة بالشام فقالت الفتنة واان معك وقال الخصب أنا لاحق بمصر فقال الذل وأنا معك غسر ان هذه العبارة الأدبية نظرية فلسفية وإن كانت تشير إلى ما كان يعاني منه المصريون من قهر الحكام واستسلام المواطنين لهذه المعاناة. أقدم نظرية فسرت هذه الحالة هي نظرية أرسطو التي ترى أن شعوب العالم ليست من صنف واحد منهم أناس مهيئون لأن يكونوا بطبيعتهم عبيدا خلقوا لخدمة غيرهم وهناك سادة وهناك أناس يجب أن يكونوا رقيقا والشرقيون من النوع الأخير وعلاقة العيد بالسيد هي علاقة الطاغية والفرعون يقول أرسطو يتمثل الطغيان بمعناه الدقيق في الطغيان الشرقي حيث نجد لدى الشعوب الأسيوية على خلاف الشعوب الأوربية طبيعة العبيد وهي لهذا تتحمل حكم الطاة بدون شكوى أو تذمر . إنها صياغة مختلفة للمثل المصري الذي يتحدث عن مبررات فرعنة فرعون . أن الرقيق البيض والسود حكموا مصر لأكثر من 1200 عام وظلوا حكام فعليين لألف سنة استطاع ان يكون الفرعون متمثل في صورة العمدة وشيخ البلد و المحافظ و الشرطة والوزير كل فرد من هؤلاء يحرص على تكوين مجموعة ملكية في مملكته حتى يضمن انها ستكون بتاعته وظلت فكرة البتاع والبتوع تتوارث جيلا بعد جيل ومازالت موجودة الى الأن على نحو أخر. حسن البنا فرعون صغير كل أمور الجماعة في يده له السمع والطاعة وهى الصفة التي ورثها منن بعده كافة مرشديين الجماعة وعلى الرغم من أن سيد قطب كان يحاول بنظريته الفكرية حول المجتمع الجاهلى الهروب من الفرعون إلا إنه خلق فراعيين صغار لهم الأمر والولاية سواء هذا متمثلا في شخصية شكري مصطفى زعيم التكفير والهجرة او عمر عبدالرحمن الذي تحول إلى فرعون ملتحي أو شوقي الشيخ مؤسس جماعة الشوقيين بالفيوم او عبد الناصر وظباطه الأحرار الذين ثاروا على حكم الملك الفرعون فاروق ثم صاروا بعد ذلك فراعين او السادات الذي وصف نفسه بأخر فراعين مصر او مبارك الفرعون الطاغية الأكبر الذي ثار عليه الشعب في ثورة 25 يناير ببساطة إن الذين يدعون إنهم يخوضون حربا ضد الفرعون لأنهم أنبياء هم في الواقع فراعنة وليسوا أي شئ أخر. ولكننا لم ولن ننتبه الى اننا من صنعنا هؤلاء فالكل يقول الحكومة سيئة ولكن الكل لا ينتبه الى ان الشعب أسوأ نقاسي من الطغاة ونحن من صنعناهم نهتف لطغاتنا في حاضرهم ونلعنهم بمجرد الرحيل فنحن يا سادة شعب نخاف مانختشييش .
أخبار تهمك
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟