التحدي والعلم سلاحا المرأة لاقتحام التكنولوجيا.. التقاليد ورتابة العمل والسيطرة الذكورية ثلاثة دوافع لتراجع المرأة عن المشاركة التكنولوجية
السبت 07/أكتوبر/2017 - 02:07 ص
وائل الطوخى
طباعة
- 25% نسبة مشاركة المرأة بقطاع التكنولوجيا بالولايات المتحدة و15% بأفريقيا.
- انتل: تراجع معدل وصول المرأة للأنترنت لـ25% عن الرجال فى دول العالم النامى.
لم يعد هناك عمل لم تقتحمه المرأة إلا أثبتت جدارتها فيه،وأعلنت للجميع أنها قادرة على تخطى أى صعاب به، بل والتعامل معه بكفاءة تعادل الرجال،من هذه المجالات هو مجال التكنولوجيا الذى يعد أحدث التخصصات فى عالمنا المعاصر.
فالعمل فى مجال التكنولوجيا لم يحظى بهذا الاهتمام إلا فى منتصف القرن العشرين، مع انتهاء الحرب العالمية الثانية، ولكن فى وقت قليل صعد فى سلم أولويات المجتمع العالمى ليصبح من أهم التخصصات سواء فى مجال الاتصالات أو الحاسب الآلى، العمل فى مجال التكنولوحيا لم يعد فقط دليلا على الذكاء بل على القوة بسبب تجاوز نطاق سيطرته حدود الدول، لذا كان دخول المرأة هذا المجال خطوة جريئة تستحق أن يتم إلقاء الضوء عليها.
فالدراسات العالمية تشير إلى إنخفاض نسبة النساء في مجال التكنولوجيا بشكل عام. حيث تشكل النساء فقط 25% من القوة العاملة في التكنولوجيا في الولايات المتحدة وفي بريطانيا تقل النسبة لـ17%. أما في أفريقيا، حيث تشكل النساء أغلبية السكان ونصف إجمالي القوة العاملة، فهي تشغل فقط حوالي 15% من الوظائف التكنولوجية.
وبحسب تقرير "المرأة والأنترنت" الصادر عن شركة "انتل" فى يناير الماضى فى مختلف أنحاء العالم النامي، تنخفض إمكانية وصول المرأة إلى الإنترنت بحوالي 25% عن الرجال،كما إن الفجوة بين الجنسين ترتفع لحوالي 45% في مناطق مثل جنوب الصحراء الأفريقية.
ولعل ما سبق كان سببا رئيسيا لدعوة المجتمع الدولى إلى تخصيص الرابع من أبريل سنويا يوم للاحتفال بالمرأة فى مجال التكنولوجيا والذى حمل عنوان "يوم المرأة العالمي في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات"وهو اليوم الذى تم اطلاقه بدعم من الاتحاد الدولي للاتصالات، ويهدف إلى إحداث بيئة عالمية تمكن وتشجع الفتيات على التقدم المهنى فى قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الآخذ بالنمو،. حيث يشارك في تلك المبادرة عدد كبير من دول أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وروسيا.
فى مصر الوضع يختلف قليلا فالمرأة أستطاعت تخطى الظروف التى تمر بها سواء الاجتماعية أو الاقتصادية،فظهر دورها فى مجال البرمجيات، وريادة الأعمال التكنولوجية،كما احتلت بالفعل عددا من المناصب الرفيعة فى مجال التكنولوجيا.
حيث تميزت قصص اقتحام المرأة المصرية لقطاع التكنولوجيا بالشجاعة والجرأة فضلا عن تحدى المجتمع ويظهر جل تلك القصص فى تولى الدكتور هبة صالح رئاسة معهد تكنولوجيا المعلومات التابع لوزارة الاتصالات.
كانت صالح نموذج قوى لقبول التحدى فى وقت صعب،فبالرغم من توليها منصب مدير معهد تكنولوجيا المعلومات فى سن صغيرة 43 عاما إلا إنها تصف بداية عملها:"لم أنتظر العمل الحكومى، فحبى لمجال التكنولوجيا دفعنى بمجرد التخرج إلى العمل فى القطاع الخاص فى مجال البرمجيات، لفترة طويلة قبل أنضم إلى المعهد"
اختيار التحدى الأصعب هو ما فعلته صالح عندما قررت الالتحاق بهندسة اتصالات القاهرة فى وقت لم تكن الهندسة وخصوصا مجال الاتصالات شائعا كما هو الآن، تقول صالح:"لا أنكر عشقى لمجال التكنولوجيا بالمعنى الحرفى للكلمة، وهو ما جعلنى أتمسك بالعمل فى مجال البرمجيات والعمل الشبكى لمدة لا تقل عن خمس سنوات قبل أن أجد أى وظيفة وهو ما كان صعبا فى وقتها، قررت بعدها الانضمام لمعهد تكنولوجيا المعلومات، لابدأ مرحلة جديدة وهى تحضير رسالة الماجستير وواصلت الدراسة فى المعهد، وبعد أنهاء رسالة الماجستير انضممت إلى المعهد كأستاذ مساعد".
عندما تتحدث صالح عن اقتحام المرأة لمجال التكنولوجيا، فهى تبتسم فالمرأة استطاعت خلال العقدين الماضيين أثبات جدارتها بالوصول إلى أبعد المناصب القيادية فى قطاع التكنولوجيا ومنافسة الرجال بل والتفوق عليهم قائلة "اعرف نماذج نسائية أصبحت تتكسب الكثير من الأموال من خلال العمل بتكنولوجيا المعلومات خصوصا من النساء، وأقرب مثال طالبة من طلابى بالمعهد التى تعمل من المنزل وتربح اجرا ماليا كبير نظير عملها فى مجال التكنولوجيا والبرمجيات".
بالرغم من الجمع بين العمل الخاص لفترة من الفترات والعمل الأكاديمى فى القطاع التكنولوجى إلا إن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة لصالح التى قررت مواصلة دراستها والحصول على درجة الدكتوراه فى مجال يعتبر الأصعب وهو"أطر النمذجة والمحاكاة لعلوم التدريب".
رحلة صالح التى انتهت بتولى منصب مدير معهد تكنولوجيا المعلومات، جعلها ترفض أى حديث عن وجود صعوبات يواجه عمل المرأة فى قطاع التكنولوجيا،قائلة:"هى مجرد شائعات لا أساس لها من الصحة،فقد تمكنت من التغلب على كل الصعوبات والمعوقات التى واجهتنى من خلال التفكير العلمى والمنطقى".
لا تنكر صالح أن دور أسرتها الكبير فى حياتها من خلال الدعم الذى مازالوا يقدموه لهاحتى الآن،قائلة:"أسرتى تدعمنى كثيرا منذ أعلنوا موافقتهم على حصولى على البكالوريس حتى مساندتهم لى خلال رحلة انضمامى لمعهد تكنولوجيا المعلومات،وتحضير رسالة الماجستير والدكتوراه، أما أكثر من يمكن تقديم الشكر له فهو زوجى الذى أدين له بالفضل فى كل ما أنا فيه، بسبب تفهمه لطبيعة عملى خاصة أنه يعمل أيضا فى مجال التكنولوجيا".
الوضع لايختلفبالنسبة لإيمان رمضان خريجة الدفعة 35 لمعهد تكنولوجيا المعلومات والتى مثلت أبرز النماذج للمرأة الناجحة فى مجال التكنولوجيا، حيث لم يمنعها عمرها الذى لم يتعدى الـ25 عاما على حصولها على المركز الأول فى مشروع تخرجها من كلية تجارة جامعة الأسكندرية- قسم نظم معلومات إدارية- والذى كان يدور حول تصميم نماذج برمجية وتصميمات تقنية على شبكات الحاسب الآلى.
وقالت ايمان:"أن اهتمامى بمجال تكنولوجيا بدأ من سن صغيرة لذلك لم اندهش عندما حصلت على المركز الأول بالكلية،بل كان شئ عادى بالنسبة لى" موضحة أن الاستفادة من مشروع التخرج الخاص بها يدور حول تصميم نظم أدارية للشركات والمصانع العادية بهدف تسهيل عملهم على الحاسب الآلى،أما الجزء الآخر من المشروع فيدور حول عمل نماذج برمجية وتصميمات تقنية على شبكات الحاسبات الآلية.
فكرة مشروع إيمان تعد الأولى من نوعها على مستوى الجامعات لذا حصل على المركز الأول، كما أنه حاز على أعجاب العديد من شركات برمجيات النظم المتقدمة فهو يجمع نحو 11 نظام مختلف.
وعلى الرغم من النجاح الذى حققته إيمان إلا إنه لم يكن إلا بداية لحرب عاشتها مع أهلها، حيث بدأت المحاولات الملحة من جانبهم لتزويجها،قائلة:"ارتفعت الضغوط الأسرية للابتعاد عن مجال البرمجيات والانتباه لحياتى الشخصية والحجة التى ساقها والداى أنهم يروا زميلاتى اللواتى فى نفس سنى قد تزوجن وأصبحن ربات بيوت".
الرفض كان رد فعل إيمان خصوصا لمقولة "البنت لبيت زوجها،والتى اعتبرتها كلمة السر فى دفع حياة المرأة بعيدا عن التميز والتفوق فى الحياة العملية، قائلة:"ببساطة قاومت شبح الفكر الشرقى الذى يقوم على العنصرية ضد المرأة، فقد أصررت بعد التخرج على مواصلة مسيرتى العلمية واقتحام مجال تكنولوجيا المعلومات".
الانتقال إلى القاهرة وترك الأسكندرية خطوة صعبة ولكنها لم تكن صعبة على إيمان التى قررت الانضمام إلى معهد تكنولوجيا المعلومات بعد التقديم فى أحد منحه التكنولوجية التى أطلقها العام الماضى والتى يطلق عليها "بى بى أو" bbo"" والتى تتيح للمتقدم الدراسة فى المعهد فى مجال تطوير مهارات البرمجيات الخاصة به ورفع كفاءة العمل البرمجى لديه إن كان من المبتكرين فى مجال التكنولوجيا أو مطور للبرامج التكنولوجية قائلة:"مناخ العمل داخل المعهد والتفرد فى مجالات نظم البرمجيات كان أحد الأشياء التى شجعتنى على بذل المزيد من الجهد للتفوق".
مشاعر الغربة كان لها نصيب فى حياة إيمان والتى كادت تؤثر على أحلامها فى النجاح خصوصا أنها كانت تعيش فى القاهرة وحدها، قائلة: "العيش بعيدا عن الأهل بمفردى افقدنى الكثير من الدعم المعنوى الذى كانت تقدمه لى أسرتى والذى كان أحد عوامل نجاحها"
وأضافت إيمان أنها كبنت تقيم بمفردها بدأت تواجه مزاعم المجتمع والتى ترفض مثل تلك النوعية من المعيشة فضلا عن استمرار العمل بالمعهد لـ12 ساعة متواصلة "من الثامنة صباحا حتى الثامنة مساءا"،وهو مايحتاج منها مجهودا وفيرا فضلا عن صعوبة توفير كافة احتياجاتها المالية بس ارتفاع نفقات المعيشة وقالت إيمان:"لم يكن كل ما سبق هو شئ أمام الخوف من الفشل والذى كان سيؤدى للقضاء على رحلة اثبات ذاتى فى مجال التكنولوجيا"
الإصرار والعزيمة لمقاومة تلك الظروف العصيبة كانت ما فعلته إيمان قائلة:"أصبحت تحت ضغط نفسى وتوتر عصبى كبير ولكن بسبب تصميمى على النجاح، استطعت اجتياز الأمر فنجحت بتفوق فى تخصصى وحصلت على المركز الأول على الدفعة الـ35 التى تخرجت من معهد تكنولوجيا المعلومات مؤخرا، فبعد حصولى على المنحة تخصصت فى مجال" أى أر بى ساب سيستم" وهو عبارة عن نظام إلكترونى أصنعه لأى شركة أو مؤسسة على شبكة الأنترنت يتيح للموظفين تسهيل عملهم بشكل كبير وتحقيق التفاعل بينهم والتغلب على العوائق التى تعترضهم"
حاليا إيمان بدأت بالعمل فى شركة "ادراكى" المتخصصة فى حلول مجال التكنولوجيا، بعد اكتساب الكثير من الخبرات التى سوف تكون كافية لتطوير مشوارها المهنى، بعد أن نجحت فى تحقيق نحو 95% من مشوارها لتحقيق طموحها بالوصول لريادة مجال التخطيط البرامجى.