صور| صباح الخير يا شقيانين.. بوابة المواطن مع الإيد الشغالة
مع الساعة الزرقاء التي تسبق الشروق بساعة، يخرجون
من بيوتهم، حاملين أدواتهم على أكتافهم، يطردون التثاؤب ويصادقون الطَل، منهم من
يعرف وجهته فيذهب إليها، ومنهم من يذهب لأقرب مقهى معروف للعمال، ينتظر أن يأتي
أحد المقاولين مطالبا إياه بأن يقوم بشيء مما يجيده.
بينما هو ينتظر تظل أفكاره مربوطة بمن تركهم خلفه
قبل ضوء النهار، خائفا من ألا يعود بأجر يومه حتى يجد قوتهم، وإذا بسيارتين
إحداهما ملاكي والأخرى مناسبة لتقل العمال بعددهم، ينزل من السيارة الملاكي رجلا
مرتدي جلبابا فضفاض، من هيئته تعرف أنه صعيدي الأصول، ينادي فيهم، "اللي يعرف
محارة يقف هنا".
ثم يشير إلى أحد الجوانب، فيهرولون إليه ويتزاحمون
بجانب بعضهم بعضًا، يختار منهم مفتولي العضلات، من يبدو على ملامحهم الصحة والقوة
البدنية، مجرد أن يختار كل واحد منهم، يقفزون سريعًا إلى السيارة، فيقلهم في
النهاية إلى بداية الشقاء.
حيث يبدأ كل واحد منهم بفرد عدته، فمنهم من يحمل
قصعته منتظرًا عجن المونة، ومنهم من يحمل قوالب الطوب إلى مكانها، والآخر هناك
يمسك بالجاروف ناقلا الرملة من مكان لآخر، وهكذا..
يُشكلون فريقا لا يعرف بعضهم بعضًا، حتى ساعات
العصر بعدما تكون الشمس طبعت أشعتها على ملامحهم، فتصبح وشوشهم متعرِّقة رغمًا عن
سقيع الشتاء، لا يجد أحدهم فرصة الهرب حتى يستطيع أن يشرب كوب من الشاي يعينه على
استكمال يومه.
وعندما يأتي زعيمهم مشيرًا لهم بلحظات الراحة،
يُخرج كل واحد فيهم ما في جيبه، حتى يحسب ما يستطيع أن يصرفه، فمنهم من لا يشرب
شيئا، وينتظر نهاية اليوم حتى يحصِّل ما سيعود به إلى أطفاله أو إخوته، وربما ما
سيدفعه لسداد دين سبق أن استدانه من أحدهم.
يحل الغروب فيشعر كل منهم بالإرهاق والتعب، يجرجر كل منهم ساقيه حتى يبحث عن طريق عودته