الطلاب الوافدون فى الأزهر.. "حكاية" حب عابرة لـ"القارات"
الإثنين 22/يناير/2018 - 10:47 م
عبده أحمد عطا
طباعة
في إحدى الزوايا البائنة بالجامع الأزهر يتحلق عشرات الطلاب أصحاب الجنسية الإندونيسية، حول شاب ثلاثيني تغشاه هيبة العلماء، يستدير بعد البسملة والحوقلة وحمد الله، مفتتحًا حديثه بآيات القرآن الكريم متبوعة بأحاديث نبوية، ثم تتوالي عبارته الشارحة لكيان الأزهر.
تبدو حلقة الوافدين التي تتسع مع الوقت، كموجه هادرة ضمن مجري أكبر جامعة وسطية علمية في العالم، وفى المنتصف تبرز يد الطالب الإندونيسي إلى مئذنة تلو الأخرى، وعمود رخامي يحتضن تاريخ بناء "الأزهر" محفور كعلامة يستحيل على تتابع السنوات محوها أو تهميشها.
في مقدمة الحلقة بدأ محمد أمر الإرشاد الطالب بكلية أصول الدين جامعة الأزهر_ مشدوهًا بمئذنتين تتوسطان الجامع وهو كما شرح لزملائه أبرز ما يميزانه حسب تصوره.
تجري العامية المصرية سهله على لسان الطالب الإندونيسي كأنما ينتمي إلى إحدى حواري الحسين، بينما يتعثر الوافدون الجدد في نطق العربية الفصحى، يقول أمر الإرشاد: إن سنوات قضيتها بجامعة الأزهر مكنتني من نطق الفصحى وحب العامية المصرية.
عَرف الطالب العشريني الوافد عن مصر قبل مجيئه إليها _حسب روايته _ أن أساتذته الذين درسوا بجامعة الأزهر يرون لأبنائهم حب مصر، ويتحاكون عن عظمتها، ووسطية مطبوعة في شوارعها، وتعايش فطري يلمسه الغرباء ويعززه أهلها.
ويضيف لـ "بوابة المواطن" أنهم تعلموا أن الأزهر ركزا للوسطية والاعتدال، معربًا عن استيائه من إدعاء البعض بأنه "منبع الإرهاب" نظير كون قيادات أندونيسين درسوا في أرجائه ونقلوا وسطياته للعالم.
محمد أمر الإرشاد ضمن 402 ألف وافد إلى الأزهر الشريف خلال العام الحالي 2018، يقيمون فى مدينة البعوث الإسلامية مجانًا ويتلقون دعما شهريًا قيمته 400 جنيها للطالب. إلي ذلك يواجه الوافدون قدرًا من العقبات التي تباغتهم في عام الدراسة الأول، يتبلور أبرزها صعوبة النطق باللغة العربية الفصحى، ومن ثم تعثر فهمها، إلى جانب روتينية يلقونها في إنهاء الأوراق غير أن هذه العقبات تذللها بعض القنوات الرسمية، ولكل طالب في تجاوزها شأن يغنية.
في الحلقة ذاتها يجلس محمد الطبقي ماليزي الجنسية _ الطالب بكلية الدراسات الإسلامية، وفي ذاكرته وصية جده " أصبر على تحصيل العلم والغربة والشوق إلى إلي الأهل".
قضي الماليزي ذو الملامح البريئة أربعة أشهر في مصر، ولم يتبدد شغفة في تحصيل العلوم الشرعية، أملا في عودته لنشر الوسطية في بلاده_ حسب قوله، ويضيف أن صعوبة اللغة العربية، لا تقف حائلا في تحصيل العلم، لافتًا إلى أن الوافدين يتأهبون منذ اللحظة الأولي لتجاوز عقبة اللغة.
داخل الجامع الأزهر تنفصل حلقات الشباب عن نظيرتها الخاصة بالفتيات، تتراص المجموعة النسائية في دوائر متقاربة يتشابهن في الملامح الأسيوية، وتنفرد كل مجموعة بخصوصية دراستها؛ بين هؤلاء بَدت "هاجر محمد" أندونسية الجنسية _ راغبة في سرد تجربتها بالأزهر، على عكس خجل زميلات الحلقة.
حسب روايتها_ فإنها التحقت بالجامعة منذ عامين، وقدمت إلى- القاهرة منذ صيف العام 2016، على خلفية ثناء الجامع، وشوق الجامعة التي تفتح أبوابها لطالبي العلوم الشرعية في نسخته الوسطية العالمية.
الفتاه ذات الـ25 عامًا تقول أن أهلها حريصون على نيل شرف دراستها بالأزهر، لافته إلى أنها بذلك تصبح رقم 7 من بين أبناء عائلتها الدراسيين بالأزهر.
تدرس هاجر بكلية اللغة العربية، لكن ذلك لم يمنعها من تلقي علومًا شرعية أخري في رواق الأزهر، وفى خاطرها أمنية إنشاء فرع لجامعة الأزهر في بلدها، باعتباره أفضل جامعات العالم.
تبادل جامعة الأزهر وافديها حبا بـ"بحب" نظير تهيئة كافة الأجواء للوافدين لتحصيل العلم، والتواصل داخل محيطها، تبلور ذلك في إنشاء برلمان يرأسه احدهم، وتبصق عنه لجان، تنقل مشاكل الطلاب المبعوثين.
يرأس البرلمان في نسخته الحالية آدم يونس آدم طالب الدراسات العليا بكلية أصول الدين قسم العقيدة والفلسفة_ والذي يرعاه الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بهدف تلبية رغبات الوافدين.
وقال آدم: إن برلمان الوافدين نظم قبل أيام ما يسمى بـ"مونديال العالم الإسلامي" في كرة القدم، ولعبة "الكركيت" لافتا إلى أن البطولة ضمت 24 فريقًا من مختلف الدول التي يمثلها وافدون، بينما شاركت 8 دول من شرق، وغرب آسيا في لعبة الكركيت.
وأضاف أدم لـ "بوابة المواطن"، إن البرلمان ينظم رحلات ترفيهية لمختلف المحافظات داخل مصر، وتجمعه بإدارة الجامعة علاقة طيبة، بدأ من فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب مرورًا بمجمع البحوث، وانتهاء بمدينة "البعوث الإسلامية" التي يقيمون فيها، وغيرها من القطاعات.
آدم الذي يعد حلقة الوصل بين الوافدين، والجامعة يقول أن هناك مشاكل تواجه الوافدين رغم التسهيلات القائمة، يأتي أبرزها في صعوبة التواصل بين الموظفين والطلاب بسبب عدم إجادة اللغة العربية.