صور| "بوابة المواطن" تفتح ملف "العالم الآخر" وانتهاك حرمة الأموات بالإسكندرية
الثلاثاء 23/يناير/2018 - 10:33 ص
أحمد سعيد
طباعة
واقعة ألقت الضوء من جديد علي ظاهرة نبش قبور الأموات بالإسكندرية، بعد أن أقدم مواطن علي تحرير محضر بقسم شرطة المنتزه أول حمل رقم 2045 لسنة 2018 جنح المنتز، بسبب قيام المسؤولين عن مقابر سيدي بشر، شرق الإسكندرية، بهدمها واستخراج الرفات منها وعرضها للبيع بمبلغ 100 ألف جنيه بدون علم أصحابها.
"بوابة المواطن" تفتح ملف "العالم الآخر" وانتهاك حرمة الأموات بمقابر الإسكندرية، ذلك العالم الخفي الذي تحول إلي ظاهرة خطيرة عجز المسؤولين بالمحافظة علي القضاء عليها علي مدار السنوات الماضية.
نهب وسرقة وانحراف وتجارة بالأعضاء البشرية
هذا هو حال العديد من المقابر في الإسكندرية، في ظل غياب المسؤولين، ضاعت حرمة القبور، وانتهكت حرمة الموتى، خاصة في ظل انتشار البطالة والفقر الذي أحاط بعدد كبير من المواطنين.
مافيا المقابر لا ترحم
فقد يقع المواطن السكندري الذي عاش طوال حياته في ظروف معيشية صعبة لتستمر معاناته حتي بعد الوفاة لما يلقاه علي يد "مافيا المقابر" التي لا ترحم رفات ميت فإما تسرقها لتبيعها، وإما لطحنها وإضافتها إلي مادة الهيروين، وإما تسرق القبر نفسه لبيعه بمبالغ طائلة دون علم أصحابه، وياويل من يموت بلا أقارب أو أولاد يترددون علي قبره فبالتأكيد موته سيكون ما هو إلا سلسلة عذاب.
ولم تكن واقعة نبش القبور هذه هي الأولي من نوعها، والتي أثارت جدلا واسعا بالشارع السكندري، حيث اكتشف خلال الفترة الماضية العديد من حالات نبش القبور، حيث تقدم العديد من الأهالي بشكاوي بسبب انتشار عصابات الاتجار بالأعضاء البشرية، كشفت بعضها وجود مجموعات من الشباب المجهولين، يحملون الأسلحة الثقيلة، يقومون بعمليات نبش القبور في الليل من أجل الحصول علي جثث الموتي لبيعها من أجل الحصول علي أموال، أو استخدامها في عمليات الاتجار بالأعضاء البشرية.
تجارة الأعضاء البشرية
وتعد مقابر "العمود بكرموز"، من أكثر تلك الأماكن المعروفة بانتشار عمليات نبش القبور واختفاء جثث الموتي، وأيضا مقابر الدخيلة غرب المدينة، فيما أكد الأهالي أن الأجهزة الأمينة بالمحافظة تلقت العديد من البلاغات بخصوص ذلك، مؤكدين أن تلك العصابات تقوم بتحطيم المقابر وسرقة بعض الجماجم وأعضاء ورفات بعض الموتى، بالإضافة إلى تغيير ملامح المقابر للاستيلاء عليها وبيعها إلى زبائن آخرون.
ومن الأماكن الشهيرة أيضا بالإسكندرية بانتشار تلك الظاهرة فيها، مقابر "المنارة والدخيلة وأبوالنور بالظاهرية ومقابر سيدي بشر وأم كبيبة والناصرية" وغيرهم، فيما تضم مقابر المنارة في جانبيها أشهر نجوم المجتمع سواء مقبرة والد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وبعض أفراد أسرته ومقبرة الفنان سيد درويش والوزير السابق ممدوح سالم ومقبرة للكاتب توفيق الحكيم وأسرة المحافظ السابق فوزي معاذ ومقبرة خاصة بأسرة الوزير السابق فاروق حسني، بخلاف مقابر القيادات الأمنية ورجال الأعمال المعروفين والباشوات وغيرهم.
أسرار العالم الخفي
وبالاقتراب أكثر من هذا العالم الخفي لكشف أسراره، تكتشف أن المقابر الآن تحولت إلي وكر لبيع المخدرات أو لتخزينها، كما تنتشر أعمال الدعارة بأرخص ثمن للبلطجية والمدمنون والباعة الجائلون والمتسولون، وسرقة التربة وبيعها من جديد أو سرقة محتوياتها، وكذلك عمليات بيع الجثث سليمة أو قطع منها.
كما تحول عالم المقابر كله أرباحا ومكاسب طائلة، حيث تنتشر عمليات بيع ممرات المقابر وشوارعها الجانبية بالإضافة إلي "قهوة فتح التربة" لإعدادها لاستقبال جثة المتوفي وقد تتعدي الـ 600 جنيه علي سبيل الإتاوة.
الطامة الكبرى
أما مقابر "عامود السواري الأثرية" بكرموز فتلك هي الطامة الكبري والتي تعد مزارا سياحيا ويقبل علي السياح الذين يحتاجون إلي حماية خاصة، ولعل صعوبة تأمينهم في ظل انتشار البلطجة بكافة أنواعها السبب وراء انخفاض نسبة إقبال السياح عليها.
وما أن تتجول وسط المدافن إلا وتجد انتشار الحقن الملقاة علي الأرض من المتعاطين ليلا ويقضون النهار في التسول من الأسر القادمة للدفن أو الزائرين لقراءة الفاتحة، كما قد تفاجأ بمن يأتي ليفرض نفسه عنوة لتلاوة القرآن لك علي المدفن أو الأدعية وإذا رفضت أو تركته يظل يطاردك وأتباعه مطالبين بأموالهم كفردة لزيارة القبر.
بيزنس المقابر
كما يسيطر بعض البلطجية علي مدافن "أبو النور" شرق المدينة، وتحويلها إلي ملكية خاصة، حيث قاموا بوضع تسعيرة جديدة من عندهم تصل لـ 100 جنيه لكل من يريد زيارة ذويهم تحت مسمي "مقابل رؤية"، وأيضا فرض إتاواة علي المواطنين من جانب بعض الترابية مقابل فتح مدفن والتي قدد تصل إلي 500 جنيه.
وقد تقدم العديد من المواطنين بشكاوي لاختفاء مقابر ذويهم حيث وجدوا أسماء أخري عليها، واكتشفوا أن المقابر الخاصة بهم قد تم بيعها إلي آخرين حيث يصل سعر بيع المدفن إلي 5 آلاف جنيه، أما مدافن الصدقة والتي تتبع حي شرق فتم بيعها هي الأخري.
اكتشاف جثث منزوعة الأعضاء
وانتابت الأسر المصرية حالة من الفزع والهلع عقب العثور مؤخرا علي 9 جثث منزوعة الأعضاء بالكامل علي شواطئ الإسكندرية ومخزن مهجور في منطقة المندرة به جثث منزوعة الأعضاء بطريقة طبية دقيقة، وبالرغم من كون هذه الجثث لأطفال صوماليين إلا أن الخوف يملأ الأهالي، وتم تداول صور الأطفال منزوع منهم الأعضاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مصحوبة بكتابات تحذيرية تفيد بعدم ترك الأطفال بمفردهم ولا يسمح لهم بالنزول لشرء بعض الأغراض لوحدهم، ولم تصدر الحكومة حينها أي بيان حول تلك الواقعة لتنفي أو تؤكد صحتها.
كما تقدم عدد من الأهالي خلال الفترة الماضية ببلاغات ضد بعض حالات السرقة بمقابر الدخيلة، وإهمال منطقة المقابر حيث لا يوجد أسوار لحمايتها كما أن المدافن ذاتها محطمة ومهملة بشكل كبير ومنزوع عنها الأغطية الحجرية.
وجاء أخر تلك البلاغات ما تقدم به ذوي جثة "أحمد محمود بخيت" من منطقة وادي القمر، بعد أن فوجئوا أثناء زيارته بأن التربة مكسورة والجثة غير موجودة وحرروا محضرا بسرقتها.
كما ألقت مباحث العامرية القبض على حارس مقابرها "محمد سليمان حسين" - 60 عامًا، لقيامه بنبش القبور واستخراج جثث الموتى وعرضها للبيع، وضُبط بحوزته 6 جثث.
التحقيق في نبش 26 مقبرة
من جانبه أكد اللواء خالد حسن، رئيس حي المنتزه أول بالإسكندرية، أنه تم تشكيل لجنة برئاسة سكرتير عام الحي، للتحقيق في أزمة نبش ٢٦ مقبرة بمقابر سيدي بشر والاستيلاء عليها، وأنه ينتظر تقرير اللجنة لاتخاذ الإجراءات القانونية.
وأضاف حسن، أنه فور تقدم المواطن "إسلام محارب" بشكوى للمركز التكنولوجي بشأن نبش مقابر العائلة الخاصة به ومقابر أخرى، تم التحرك وتشكيل اللجنة على الفور، وإذا ثبت ما ورد بالشكوي سيكون هناك إجراءات رادعة.
جدير بالذكر أن نيابة المنتزه استدعت عددا من العاملين بحي المنتزة والمسؤولين عن مقابر سيدي بشر للتحقيق معهم، بعد تقدم نفس المواطن ببلاغ ضد الحي.