مقتل أم في السعودية يفجر جدلا حول تراث ابن تيمية (تقرير)
الثلاثاء 05/يوليو/2016 - 09:32 م
ربما أقدم توأمان في السعودية مدفوعان بمعتقداتهما الدينية على قتل أمهما بعد أن حاولت منعهما من الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا في قضية أثارت حفيظة السعوديين المنزعجين من تنامي الفكر المتشدد.
وقع الحادث في 24 يونيو حزيران في مجتمع معروف بتوقير الكبير وأثار عاصفة من الجدل حول احتمال تأثر الابنين بفكر ابن تيمية الذي يعد نواة الفكر الوهابي بالسعودية.
وقال اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية في تصريحات لرويترز "الشيء الوحيد (الثابت) أنهما من معتنقي المنهج التكفيري. لا تزال القضية قيد التحقيق." وأحجم عن إعطاء مزيد من التفاصيل.
ولم تتمكن رويترز من الاتصال بالتوأمين البالغين من العمر 20 عاما ولا بمحاميهما أو أحد من أفراد الأسرة ولم يتسن لها التأكد من مصدر مستقل مما إن كانت الجريمة قد وقعت تأثرا بالدولة الإسلامية أو الفكر الديني أو ما قالته الأم بالفعل.
وبعد الجريمة أصدرت وزارة الداخلية بيانا قالت فيه إنه تم إلقاء القبض على التوأمين خالد وصالح العريني للاشتباه في إقدامهما على طعن أمهما (67 عاما) وأبيهما (73 عاما) وشقيقهما (22 عاما) في منزل الأسرة بالعاصمة الرياض.
وذكرت وسائل الإعلام السعودية أن الأم التي توفيت تأثرا بجروحها كانت قد اعترضت على انضمام ابنيها لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وقالت وسائل الإعلام إن الأب والأخ في حالة حرجة بالمستشفى وإنه ألقي القبض على التوأمين أثناء محاولتهما الفرار عبر الحدود إلى اليمن.
ولم يتسن لرويترز التأكد من حالة أي من أفراد الأسرة أو مكان المشتبه بهما.
وقال الكاتب محمد علي المحمود لرويترز "عندما يقدم شابان باسم الدين والتدين على هذه الجريمة هنا المفارقة. لو كانوا أشخاصا ممن يتعاطون المخدرات أو فتيانا طائشين لما كان هناك هذا الذهول. لكن أن يأتي شخص متدين ويقتل والديه هنا تكون الصدمة."
وذكر موقع (أخبار 24) الإخباري السعودي في 26 يونيو أن هذه خامس جريمة قتل ينفذها أشخاص يشتبه باعتناقهم فكرا متطرفا في أقارب لهم بالمملكة منذ يوليو تموز الماضي.
وهناك حالات قتل مشابهة أقدم عليها أعضاء بالدولة الإسلامية منها تلك الجريمة التي تواترت على وسائل الإعلام في يناير كانون الثاني عندما قتل ابن يشتبه بتطرفه أمه علنا في مدينة الرقة السورية لأنها حثته على ترك التنظيم.
وزادت مثل هذه الجرائم من المخاوف من التطرف الديني بالمملكة. ويوم الاثنين شن انتحاريون هجمات ساعة إفطار الصائمين في ثلاث مدن في سلسلة هجمات منسقة فيما يبدو مما أدى لمقتلهم وأربعة على الأقل من أفراد الأمن.
* جدال محتدم
أثارت القضية جدلا حاميا لأن تفاصيلها تتعارض كلية مع تعاليم الإسلام التي تحض على بر الوالدين وتوقير الكبير.
وتساءل بعض رجال الفكر والمعلقين عما إذا كانت فتاوى ابن تيمية التي ترجع للقرن الثالث عشر الميلادي عن التكفير وراء إقدام شبان متشددين على قتل أفراد من أسرهم بعد أن اعتبروهم خارجين عن الدين.
ويعتنق تنظيم الدولة الإسلامية مفهوم التكفير وكثيرا ما يستشهد بآراء لابن تيمية تبيح دم الكفار والخارجين عن الدين حتى لو كانت هناك صلة قرابة.
واستمد الشيخ محمد بن عبد الوهاب صاحب الفكر الوهابي الذي عاش في القرن الميلادي الثامن عشر أفكاره من ابن تيمية. ويعتنق حكام السعودية الفكر الوهابي الذي يلتزم ما يعتبره النهج الإسلامي الصحيح ويرفض الأفكار الحداثية.
هذه الأمور إلى جانب ممارسات مثل تنفيذ أحكام الإعدام بحد السيف دفعت بعض المعلقين الغربيين لاتهام الرياض بالتعاطف مع جماعات مثل الدولة الإسلامية.
غير أن الرياض تقول إن الشيخ ابن عبد الوهاب كان إصلاحيا. وترفض الحكومة أي حديث يربط بين رسالته ورسالة المتشددين وتعتبر الدولة الإسلامية والقاعدة جماعتين إرهابيتين حرفتا رسالة الدين.
لكن موقف الرياض الرسمي لم يمنع بعض أصحاب الفكر والمعلقين من الاستدلال بواقعة القتل الأخيرة على احتمال تأثر المتطرفين بأفكار ابن تيمية.
* إرث ابن تيمية
أحد رجال الفكر البارزين الدكتور عبد السلام الوايل أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود كتب على تويتر "يغضب البعض إن أشير لدور ما لتراث ابن تيمية في نازلة العنف الديني التي تجتاحنا."
وأضاف "شيخ الإسلام يسترخص الروح البشرية. تراثه يوضح هذا" متحدثا عن ابن تيمية الذي نشأ في دمشق وقاوم الغزاة من التتار والمغول وأودع السجن بسبب أفكاره.
وقال إن ابن تيمية كان عالما فذا في عصره لكنه أشار إلى فتاواه التي قد تبيح لابن قتل أبيه إن كان كافرا أو خارجا عن الدين وقال إنها تتنافى مع جوهر الإسلام.
وأضاف "كتبت أن ابن تيمية أفتى باستتابة من يستحل أكل الحيات وقتله إن لم يتب ففزع أقوام مطالبين بالمصدر. معهم حق. هذا المستوى من الاستخفاف بالنفس صادم."
ومما قاله أيضا "من أمثلة استرخاص ابن تيمية للدم الآدمي فتواه باستتابة من يأكل الحيٌات وقتله إن لم يتب! لا غرابة أن يولد تراث كهذا أنفس لا تحفل بحرمة الدم."
وفي خطوة نادرة تدخل وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ في الجدال الدائر قائلا إن فتوى ابن تيمية التي تبيح للابن قتل أبيه الكافر انتزعت من سياقها.
ونقل الشيخ راشد الزهراني نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأكاديمية الإسلامية الإلكترونية عن آل الشيخ "قول شيخ الإسلام -رحمه الله- ’وإذا كان مشركا جاز للولد قَتله وفي كراهته نزاع بين العلماء’ يقصد إذا تواجها في "الحرب" هذا في فئة المؤمنين والوالد في فئة الكافرين."
وأضاف الوزير في التصريحات التي نشرتها الحياة والجزيرة ووسائل إعلام سعودية أخرى "يعني أنه في هذه الحال فقط لا تنافي الآية: ’وبالوالدين إحسانًا’."
واجتذب السجال عددا من الكتاب وأصحاب الفكر ممن قالوا بأنه آن الأوان لحذف مثل هذه الأجزاء من النصوص الدينية التي تبيح إتيان أفعال كهذه قائلين إن ما كان مناسبا في العهود القديمة لا يكون بالضرورة مناسبا للعصر الحديث.
ودعا الكاتب محمد آل الشيخ على تويتر إلى "أن نعيد قراءتنا لتراث ابن تيمية الفقهي ونتعامل معه على أساس أنه مرتبط بزمن آخر وظروف أخرى لا علاقة لها بزمننا، وإلا فلن ينتهي الإرهاب".
وقال الكاتب محمد علي المحمود إن الخطوة الأولى صوب التصدي للفكر المتشدد تتمثل في فتح الباب أمام النقاش بشأن تراث ابن تيمية.
وأضاف لرويترز "المطلوب الآن.. تجفيف المستنقع من الأصل عن طريق فتح الباب على مصراعيه لنقد التراث.. بمعنى أن تؤخذ الكتب والمقولات التاريخية على أنها مقولات قابلة للمراجعة."
وقع الحادث في 24 يونيو حزيران في مجتمع معروف بتوقير الكبير وأثار عاصفة من الجدل حول احتمال تأثر الابنين بفكر ابن تيمية الذي يعد نواة الفكر الوهابي بالسعودية.
وقال اللواء منصور التركي المتحدث باسم وزارة الداخلية السعودية في تصريحات لرويترز "الشيء الوحيد (الثابت) أنهما من معتنقي المنهج التكفيري. لا تزال القضية قيد التحقيق." وأحجم عن إعطاء مزيد من التفاصيل.
ولم تتمكن رويترز من الاتصال بالتوأمين البالغين من العمر 20 عاما ولا بمحاميهما أو أحد من أفراد الأسرة ولم يتسن لها التأكد من مصدر مستقل مما إن كانت الجريمة قد وقعت تأثرا بالدولة الإسلامية أو الفكر الديني أو ما قالته الأم بالفعل.
وبعد الجريمة أصدرت وزارة الداخلية بيانا قالت فيه إنه تم إلقاء القبض على التوأمين خالد وصالح العريني للاشتباه في إقدامهما على طعن أمهما (67 عاما) وأبيهما (73 عاما) وشقيقهما (22 عاما) في منزل الأسرة بالعاصمة الرياض.
وذكرت وسائل الإعلام السعودية أن الأم التي توفيت تأثرا بجروحها كانت قد اعترضت على انضمام ابنيها لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا.
وقالت وسائل الإعلام إن الأب والأخ في حالة حرجة بالمستشفى وإنه ألقي القبض على التوأمين أثناء محاولتهما الفرار عبر الحدود إلى اليمن.
ولم يتسن لرويترز التأكد من حالة أي من أفراد الأسرة أو مكان المشتبه بهما.
وقال الكاتب محمد علي المحمود لرويترز "عندما يقدم شابان باسم الدين والتدين على هذه الجريمة هنا المفارقة. لو كانوا أشخاصا ممن يتعاطون المخدرات أو فتيانا طائشين لما كان هناك هذا الذهول. لكن أن يأتي شخص متدين ويقتل والديه هنا تكون الصدمة."
وذكر موقع (أخبار 24) الإخباري السعودي في 26 يونيو أن هذه خامس جريمة قتل ينفذها أشخاص يشتبه باعتناقهم فكرا متطرفا في أقارب لهم بالمملكة منذ يوليو تموز الماضي.
وهناك حالات قتل مشابهة أقدم عليها أعضاء بالدولة الإسلامية منها تلك الجريمة التي تواترت على وسائل الإعلام في يناير كانون الثاني عندما قتل ابن يشتبه بتطرفه أمه علنا في مدينة الرقة السورية لأنها حثته على ترك التنظيم.
وزادت مثل هذه الجرائم من المخاوف من التطرف الديني بالمملكة. ويوم الاثنين شن انتحاريون هجمات ساعة إفطار الصائمين في ثلاث مدن في سلسلة هجمات منسقة فيما يبدو مما أدى لمقتلهم وأربعة على الأقل من أفراد الأمن.
* جدال محتدم
أثارت القضية جدلا حاميا لأن تفاصيلها تتعارض كلية مع تعاليم الإسلام التي تحض على بر الوالدين وتوقير الكبير.
وتساءل بعض رجال الفكر والمعلقين عما إذا كانت فتاوى ابن تيمية التي ترجع للقرن الثالث عشر الميلادي عن التكفير وراء إقدام شبان متشددين على قتل أفراد من أسرهم بعد أن اعتبروهم خارجين عن الدين.
ويعتنق تنظيم الدولة الإسلامية مفهوم التكفير وكثيرا ما يستشهد بآراء لابن تيمية تبيح دم الكفار والخارجين عن الدين حتى لو كانت هناك صلة قرابة.
واستمد الشيخ محمد بن عبد الوهاب صاحب الفكر الوهابي الذي عاش في القرن الميلادي الثامن عشر أفكاره من ابن تيمية. ويعتنق حكام السعودية الفكر الوهابي الذي يلتزم ما يعتبره النهج الإسلامي الصحيح ويرفض الأفكار الحداثية.
هذه الأمور إلى جانب ممارسات مثل تنفيذ أحكام الإعدام بحد السيف دفعت بعض المعلقين الغربيين لاتهام الرياض بالتعاطف مع جماعات مثل الدولة الإسلامية.
غير أن الرياض تقول إن الشيخ ابن عبد الوهاب كان إصلاحيا. وترفض الحكومة أي حديث يربط بين رسالته ورسالة المتشددين وتعتبر الدولة الإسلامية والقاعدة جماعتين إرهابيتين حرفتا رسالة الدين.
لكن موقف الرياض الرسمي لم يمنع بعض أصحاب الفكر والمعلقين من الاستدلال بواقعة القتل الأخيرة على احتمال تأثر المتطرفين بأفكار ابن تيمية.
* إرث ابن تيمية
أحد رجال الفكر البارزين الدكتور عبد السلام الوايل أستاذ علم الاجتماع بجامعة الملك سعود كتب على تويتر "يغضب البعض إن أشير لدور ما لتراث ابن تيمية في نازلة العنف الديني التي تجتاحنا."
وأضاف "شيخ الإسلام يسترخص الروح البشرية. تراثه يوضح هذا" متحدثا عن ابن تيمية الذي نشأ في دمشق وقاوم الغزاة من التتار والمغول وأودع السجن بسبب أفكاره.
وقال إن ابن تيمية كان عالما فذا في عصره لكنه أشار إلى فتاواه التي قد تبيح لابن قتل أبيه إن كان كافرا أو خارجا عن الدين وقال إنها تتنافى مع جوهر الإسلام.
وأضاف "كتبت أن ابن تيمية أفتى باستتابة من يستحل أكل الحيات وقتله إن لم يتب ففزع أقوام مطالبين بالمصدر. معهم حق. هذا المستوى من الاستخفاف بالنفس صادم."
ومما قاله أيضا "من أمثلة استرخاص ابن تيمية للدم الآدمي فتواه باستتابة من يأكل الحيٌات وقتله إن لم يتب! لا غرابة أن يولد تراث كهذا أنفس لا تحفل بحرمة الدم."
وفي خطوة نادرة تدخل وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ في الجدال الدائر قائلا إن فتوى ابن تيمية التي تبيح للابن قتل أبيه الكافر انتزعت من سياقها.
ونقل الشيخ راشد الزهراني نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الأكاديمية الإسلامية الإلكترونية عن آل الشيخ "قول شيخ الإسلام -رحمه الله- ’وإذا كان مشركا جاز للولد قَتله وفي كراهته نزاع بين العلماء’ يقصد إذا تواجها في "الحرب" هذا في فئة المؤمنين والوالد في فئة الكافرين."
وأضاف الوزير في التصريحات التي نشرتها الحياة والجزيرة ووسائل إعلام سعودية أخرى "يعني أنه في هذه الحال فقط لا تنافي الآية: ’وبالوالدين إحسانًا’."
واجتذب السجال عددا من الكتاب وأصحاب الفكر ممن قالوا بأنه آن الأوان لحذف مثل هذه الأجزاء من النصوص الدينية التي تبيح إتيان أفعال كهذه قائلين إن ما كان مناسبا في العهود القديمة لا يكون بالضرورة مناسبا للعصر الحديث.
ودعا الكاتب محمد آل الشيخ على تويتر إلى "أن نعيد قراءتنا لتراث ابن تيمية الفقهي ونتعامل معه على أساس أنه مرتبط بزمن آخر وظروف أخرى لا علاقة لها بزمننا، وإلا فلن ينتهي الإرهاب".
وقال الكاتب محمد علي المحمود إن الخطوة الأولى صوب التصدي للفكر المتشدد تتمثل في فتح الباب أمام النقاش بشأن تراث ابن تيمية.
وأضاف لرويترز "المطلوب الآن.. تجفيف المستنقع من الأصل عن طريق فتح الباب على مصراعيه لنقد التراث.. بمعنى أن تؤخذ الكتب والمقولات التاريخية على أنها مقولات قابلة للمراجعة."