من قيادة الحياة السياسية حتى الانشقاقات.. محطات تاريخية مر بها الوفد من سعد زغلول حتى أبوشقة
السبت 31/مارس/2018 - 01:24 م
سارة منصور
طباعة
محطات تاريخية مر بها الوفد من بيت الأمة الذي اجتمعت فيه طوائف الشعب كافة حتى رئيسه الجديد الذي تم انتخابه منذ ساعات فقط، وهو الدكتور بهاء أبو شقة، المحامى المشهور ورئيس اللجنة التشريعية بالبرلمان.
ولعل حزب الوفد الذي حرك الأمة المصرية يومًا، ودافع عن أسمها، مر بالعديد من المراحل التاريخية من الشارع الذي هتف باسم المناضل "سعد زغلول"، إلى دور راكد بالحياة السياسية.
بيان الأمة وانطلاق الوفد
"نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات.. سعد زغلول ومصطفى النحاس وأحمد لطفي في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة، حيثما وجدوا للسعي سبيلًا في استقلال مصر تطبيقًا لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى"، ليكون هذا أول بيان يصدر عن "الوفد المصري" والذي تسبب في نفي سعد زغلول ورفاقه إلى جزيرة مالطة في 8 مارس 1919م، فانفجرت ثورة 1919م في مصر التي كانت من أقوى عوامل زعامة سعد زغلول وانطلاق حزب الوفد.
ولعل حزب الوفد يرجع تأسيسه إلى عام 1918، حين قرر سعد باشا زغلول تأسيس حزب يدافع عن قضية مصر، بعد هدنة الحرب العالمية الأولى، وأطلق عليه اسم "الوفد المصري"، وتكون الوفد وقتها من سعد زغلول وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وأحمد لطفي السيد ومكرم عبيد وفخر الدين المفتش وآخرين، ليصبح حزب الأغلبية مع الوقت ويتولى رئاسة البرلمان.
ومن أبرز من تولى الوزارة من حزب الوفد عبد الخالق ثروت، مصطفى النحاس، فؤاد سراج الدين.
أزمات وفدية
عانى حزب الوفد على مدار التاريخ من أزمات تاريخية، ولعل أبرزها كان في الانشقاقات التي عانى منها الوفد حيث "الكتلة الوفدية"، وهو اسمًا لحزب آخر انشق عن حزب الوفد، بزعامة مكرم عبيد، وكان ذلك الانشقاق بمثابة الصدمة التي أصابت القوى الوطنية، حيث انحاز عبيد للملك ضد "الوفد"، إلا أن هذا الانشقاق لم يؤثر على شعبية الحزب، والتفاف المصريين حوله.
انشقاقات فاصلة
ولعل فترة الأربعينيات كانت فترة فاصلة في تاريخ حزب الوفد، حيث عانى الكثير من الخلافات والتصارع على المصالح الشخصية، حين اختلف كلًا من مصطفى النحاس رئيس حزب الوفد، ومكرم عبيد سكرتير عام الحزب ووزير المالية، حول انضمام فؤاد سراج الدين، حيث اعتبر مكرم عبيد أن انضمام سراج الدين للوفد يهدد موقعه القيادي بالحزب وبقائه في منصبه ومكانته لدى مصطفى النحاس، مما اضطر مكرم عبيد للاستقالة والانفصال عن الوفد مع مجموعة من الأعضاء الذين كانوا يشغلون عددًا من الحقائب الوزارية فى حكومة النحاس، إضافة إلى مجموعة من البرلمانيين، وتشكيل الكتلة الوفدية والتى تعتبر ثالث الأحزاب المنشقة عن حزب الوفد.
تجميد الحزب أيام السادات
ومع تولي الرئيس السادات مقاليد الحكم، سمح لعودة الأحزاب بالعودة لممارسة العمل السياسي مرة أخرى، حيث قام فؤاد سراج الدين في يناير 1978 بطلب السماح لحزب الوفد بممارسة العمل الحزبي العلني، الأمر الذي أثار استياء السادات وأجهزة الدولة الأخرى، التي شنت حملة ضد الحزب، ركزت على أن الوفد هو حزب العهد البائد والفاسد في عهد ما قبل الثورة.
ومع ذلك فقد حصل الوفد على موافقة لجنة الأحزاب لتأسيسه في 4 فبراير 1978، إلا أن استمرار الحملة الحكومية ضده، والتحذير من أنه سوف يضر التجربة الحزبية الجديدة، دفعت قادة حزب الوفد إلى إعلان تجميد الحزب طواعية.
وبالرغم من كل هذا لم يسلم فؤاد سراج الدين رئيس حزب الوفد الجديد، من الاضطهاد الحكومي فتم اعتقاله في ضمن اعتقالات 1981 الشهيرة، والتي اعتقل بموجبها عشرات السياسيين المصريين، بناء على قرار من الرئيس السادات.
وعقب اغتيال الرئيس السادات في أكتوبر 1981، وقتها اطلق الرئيس مبارك سراح جميع المعتقلين السياسيين، ليعلن الحزب عودته إلى العمل السياسي ووقف القرار السابق بتجميد الحزب، وقامت هيئة قضايا الدولة المصرية رفعت دعوى قضائية بعدم جواز عودة الوفد، على اعتبار أن الحزب حل نفسه، وطعن الوفد في الحكم قائلًا إنه جمد نفسه ولم يحل الحزب، فقررت محكمة القضاء الإداري رفض دعوى الحكومة، والحكم بشرعية عودة الوفد، ليعود إلى ممارسة نشاطه السياسي بشكل رسمي في عام 1984.
نعمان جمعة
وعقب تولي نعمان جمعة رئاسة الحزب في بداية القرن الحادى والعشرين، استقال في عهده عدد كبير من القيادات الحزبية والشخصيات التي يعتبرها الوفديون رموزًا وفدية، إلى جانب عدم اقتناع عدد كبير من الأعضاء بخلافة نعمان جمعة لفؤاد سراج الدين، مما أدى إلى عقد اجتماعات فى غيبة رئيس الحزب وسحب الثقة منه واختيار محمود أباظة خلفًا له.
بينما رفض نعمان جمعة الاعتراف بهذه الإجراءات، ولجأ للقضاء الإدارى الذى منحه حكمًا ببطلان إجراءات عزله، ليصل الصراع إلى ذروته بانقسام الوفد إلى فريقين، أحدهما مؤيد لنعمان جمعة والآخر مؤيد لمحمود أباظة الذى تسلم رئاسة الحزب بعد هذه الأزمة، واستمر بها حتى شهد الحزب إجراء الانتخابات على منصب رئيس الحزب والتى فاز بها الدكتور السيد البدوى فى مواجهة محمود أباظة، لتحدث المفارقة بدخول الأخير طرفًا فى صراع داخلى، مثل الذى حدث مع نعمان جمعة فى عام 2006.
السيد البدوي وفؤاد بدراوى
وعقب انتخاب السيد البدوي رئيسا لحزب الوفد عام 2006، بقيت الأمور هادئة حتي أتت أزمة فؤاد بدراوي لتكون الأكبر بعد أزمة نعمان جمعة.. ثم جاءت أزمة التمويل الأجنبي والتي على إثرها اقتحم فؤاد بدراوي، وعدد كبير من أنصاره مقر حزب الوفد بالدقي اعتراضًا علي طريقة إدارة السيد البدوي للحزب وأكد هو وأنصاره أنهم مستمرون لحين استقالة السيد البدوي وعودة الأمور لطبيعتها، وحينها صرح السيد البدوي، قائلا: إن بدراوي يريد كرسي رئاسة الحزب أو إحراقه، موضحا أن ما فعله غير قانوني وأنهم تقدموا ببلاغ ضده.
واستمرت الخلافات بين أنصار فؤاد بدراوي وانصار البدوى وبين عدد من أعضاء الحزب، والتي أعقبها إعلان فصل فؤاد بدراوي وعدد ممن حضر الاعتصام واقتحام الحزب، حيث أعلن بعدها فؤاد بدراوي عن تأسيس تيار إصلاح الوفد، وإعلان النضال ضد السيد البدوي، وحشد الأعضاء ضده وإزاحته من منصبه كرئيس للحزب، وطالبوا بإجراء انتخابات رئاسية للحزب مبكرة.
أبو شقة رئيسا للحزب
وظلت الأحوال على ما هي عليه بين البدوي وبدراوي، كما لاحت في الأفق أزمة الجريدة للحزب، ولكن البدوى استطاع ان يظل على كرسيه حتى اتمام مدة رئاسته، وفي 30 مارس 2018 عقدت انتخابات قوية بين العديد من الأطراف بالحزب خاضها كل من بهاء أبو شقة وبدراوى حتى استطاع أن يفوز بها أبو شقة متعهدًا بعودة الحزب إلى قيادة الحياة السياسية مرة.