يُعد الحبيب بورقيبة، أول رئيس للجمهورية التونسية، ولقب حينها بـ صانع الأمة و المجاهد الأكبر ، واستمر حكمه للبلاد لقرابة الثلاثين عاماً، وذلك منذ إعلان الجمهورية التونسية وانتخابه رئيساً للبلاد، إلى انقلاب رئيس وزارئه زين العابدين بن علي عليه، ليعلن نفسه رئيساً ثانياً للبلاد، ويضعه تحت الإقامة الجبرية حتى وفاته.
مولده ونشأته
ولد بورقيبة، في حي الطرابلسية بمدينة المنستر الساحلية يوم 3 أغسطس 1903، وكان ثامن الأولاد لأسرة ليبية الأصل متوسطة الحال، وكان ذلك في الوقت التي فُرضت فيه الحماية الفرنسية على تونس.
ومنذ دراسته بالمرحلةالابتدائية، بدأت مدارك بورقيبة السياسية تتفتح، حيث أنه بدأ يدرك حجم المأساة التي تعاني منها بلاده، حيث كان دائم الحديث مع زملائه بالمدرسة عن الأحوال المتردية للبلاد، وكان يحاول دائماً إثارة حماسهم، وتشجيعهم على الغضب والنقمة على تلك الأوضاع، مما أدى إلى فرض عقوبات عليه أكثر من مرة، وانتهت بحرمانه من الحصول على شهادة إتمام التعليم الثانوي.
عمله السياسي
واستغل بورقيبه حصوله على شهادة الحقوق وشاهدة العلوم السياسية، في عمله بالحياة السياسية، حيث بدأ نشاطه السياسي، بتحرير المقالات في الصحف الوطنية صوت التونسي و العلم التونسي ، وفي عام 1929 ساهم في تحرير جريدة اللواء التونسي التي كانت تصدر باللغة الفرنسية، وكذلك جريدة صوت التونسي .
وفي عام 1932، نجح بورقيبة في تأسيسي جريدة العمل التونسي بالتعاون مع أصدقائه، ثم أعلن انضمامه للجنة التنفيذية للحزب الحر الدستوري، ليطالب بعدها الحزب بفيام برلمان تونسي منتخب، وتشكيل حكومة مسؤولة أمامه، ومنح الحريات العامة للتونسيين، وعقب تلك المطالب قرر تعيين بورقيبة أميناً عاماً للحزب.
اعتقاله
وعلى خلفية عمله السياسي، ألقت القوات الفرنسية القبض على بورقيبة عدة مرات، وكانت المرة الأولى حينما خطب في جماهير الشعب التونسي مطالباً بالاستقلال ومندداً بالاحتلال الفرنسي، فطلبت القوات الفرنسية منه الكف عن جولاته في أقاليم تونس ووقف اجتماعته السياسية، وحينما رفض ذلك ألقت القوات الفرنسية القبض عليه، وتعمدت نقله إلى أماكن متعددة بين الحين والآخر حتى لا يكون لديه فرصة للتواصل مع العامة.
وما لبث أن تم الإفراج عنه، حتى دعا بورقيبة الشعب إلى إضراب عام، احتجاجاً على تعسف سلطات الاحتلال، واستجاب له الشعب التونسي وخرج في مظاهرات حاشدة، وعلى إثرها تم اعتقاله للمرة الثانية، واقتيد إلى السجن العسكري في العاصمة الفرنسية، ولم يتم الإفراج عنه إلا عقب قيام الحرب العالمية الثانية.
واعتقل بورقيبة، للمرة الثالثة إثر اندلاع الثورة التونسية المسلحة عام 1952، وتم نفيه إلى جزيرة جالطة لمدة عامين، وتم الإفراج عنه عقب إعلان الشهير أمام الباي قبول فرنسا بمبدأ الاستقلال الداخلي.
إعلان الجمهورية ورئاسته لتونس
وعقب إعلان فرنسا قبولها لمبدأ الاستقلال الداخلي، تم تشكيل حكومة تونسية بمشاركة 3 وزراء دستوريين للتفاوض مع فرنسا بالتنسيق مع بورقيبة، وأسفرت المفاوضات على توقيع اتفاقية الاستقلال الداخلي، وتم إعلان الاستقلال التام في 20 مارس 1956.
وفي 8 إبريل 1956، تم انتخاب بورقيبة رئيساً للمجلس القومي التأسيسي، كما تم تكليفه بتشكيل الحكومة، وتم إلغاء الملكية وإعلان الجمهورية برئاسة بورقيبة في عام 25 يوليو 1957، ليكون بذلك أول رئيس جمهوري للجمهورية التونسية.
فترة حكمه
استطاع بورقيبة، إحداث تطورات اقتصادية هائلة أثناء فترة حكمه، كما شهدت تلك الفترة ه زّات مختلفة كمحاولة الانقلاب الفاشلة سنة 1962، و أحداث جانفي سنة 1978، و أحداث الخبز في جانفي سنة 1984 .
و كانت سلطة بورقيبة تتّسم بالأبويّة و كان يرفض الديمقراطية والتعدّديّة السياسية، وازداد تسلّط بورقيبة مع تقدّمه في السّن وتمّ تنقيح الدستور و اسناده الرئاسة مدى الحياة سنة 1974 .
وفاته تحت الإقامة الجبرية
واستغل رئيس وزراء بورقيبة زين العابدين بن علي، كبر سنه وسوء أوضاعه الصحية، وانقلب عليه، ثم أعلن نفسه في 7 نوفمبر 1987 رئيساً جديداً للجمهورية التونسية، وقرر وضع بورقيبة تحت الإقامة الجبرية.
وفي 6 إبريل 2000، توفي برقيبة ، ومنع بن علي الإعلام الأجنبي والتلفزيون التونسي من نقل أخبار عن جنازته أو عرض فيلم عن حياته، كما منع بعد ذلك الاحتفال بذكرى وفاته .