"لاظوغلي من زاوية أخرى" ظلم نفسه بالوفاء لـ "محمد علي باشا"
الجمعة 04/مايو/2018 - 09:30 م
وسيم عفيفي
طباعة
أصعب تعريف للصداقة هو ما قاله روح بن زنباع، قائد شرطة الدولة الأموية زمن عبد الملك بن مروان، حيث حدد الوصف بقوله "وصف بلا معنى"، وظل هذا التعريف غير مفهوم حتى قام جابر بن حيان بشرحه قائلاً "شيء عزيز وكأنه ليس موجود".
تفسير جابر بن حيان لمعنى الصداقة ينطبق حرفياً على العلاقة التي جمعت الكتخدا محمد لاظ أوغلي والوالي محمد علي باشا، والتي تعد بمثابة العلاقة التي حطمت أحد المستحيلات السبعة وهي "الخل الوفي".
تفسير جابر بن حيان لمعنى الصداقة ينطبق حرفياً على العلاقة التي جمعت الكتخدا محمد لاظ أوغلي والوالي محمد علي باشا، والتي تعد بمثابة العلاقة التي حطمت أحد المستحيلات السبعة وهي "الخل الوفي".
لاظوغلي باشا
جاء محمد لاظوغلي إلى مصر في ظروف متشابهة لـ "محمد علي باشا"، حيث كان أحد الجنود العثمانيين الذين سيشرفون على خروج الحملة الفرنسية من مصر سنة 1801 م، ومثل الباشا لم يغادر الكتخدا لاظ أوغلي مصر، فقد كان صديقاً له.
كانت ملامح الاثنين "الكتخدا والباشا" تتشابه، النظرات الحادة واحدة والشدة الظاهرة في ملامحهما واضحة، ورغم تشابه الملامح لكن المصير كان مختلفاً رغم أنهما على نفس الطريق السياسي، وكان هذا الاختلاف هو شهرة محمد علي التي فاقت لاظ أوغلي.
حملة فريزر في رشيد
بعد فشل حملة فريزر في رشيد، كان محمد لاظ أوغلي قد سطع نجمه حين تولى منصب "أمين الوالي" والذي يوازي الآن منصب "رئيس الوزراء"، ثم ترقى في المناصب حتى أمسك زمام المالية المصرية سنة 1808 م.
لاظ أوغلي يقف خلف محمد علي باشا بعد تنفيذ مذبحة القلعة
كان الرعب يدب في مصر بمجرد ذكر اسم "محمد لاظ أوغلي"، بسبب مذبحة القلعة التي كان هو صاحب فكرتها، وتمكن محمد علي باشا من خلالها أن يقضي نهائياً على المماليك سنة 1811 م، وبعدها احتفظ محمد لاظ أوغلي بمنصب "ناظر الجهادية" طيلة 15 سنة حتى مات.
رغم إسهامات محمد لاظ أوغلي في تأسيس مصر الحديثة، لكنه بقي الوحيد من رجال الباشا الذي لا يعرف عنه مؤرخ أي شيء متعلق بحياته، فمن الصعب الوصول إلى تاريخ ميلاده أو وفاته، بل حتى تمثاله لم يكن له بالتفصيل.
رغم إسهامات محمد لاظ أوغلي في تأسيس مصر الحديثة، لكنه بقي الوحيد من رجال الباشا الذي لا يعرف عنه مؤرخ أي شيء متعلق بحياته، فمن الصعب الوصول إلى تاريخ ميلاده أو وفاته، بل حتى تمثاله لم يكن له بالتفصيل.
تمثال لاظوغلي
لم يعثر النحات الفرنسي جاك مار على أي صورة مرسومة لـ "محمد لاظ أوغلي" حتى يشيد له التمثال والذي جاء بعد وفته بسنوات طويلة، فاستعان جاك مار برجل كان يعمل سقا وله شكل شبيه بملامح محمد لاظ أوغلي، فأسس التمثال على نظام النظام.
في دول العالم العربي من الصعب أن تجد علاقة متوافقة بين الحاكم والنائب، لابد أن تجد لعنة الرجل الأول والرجل الثاني تؤثر على السياسة والحكم إما بكارثة تدمر البلد أو مصيبة تساعد في إنهاء الرجلين، ويمتلئ التاريخ المصري بهذا مثل العلاقة بين جمال عبدالناصر و عبد الحكيم عامر.
لاظ أوغلي باشا
محمد لاظ أوغلي هو الوحيد بلا منازع اللي اتسم بوفاء شديد الغرابة، كان يتولى قيادة الجيش وأيضاً حكم الدولة في غياب محمد علي باشا، ومع ذلك لم ينفرد بالحكم أو ينقلب، ويدلل على ذلك دوره في إجهاض مؤامرة مملوكية ألبانية بمشاركة عثمانية لإزاحة محمد علي باشا والذي كان منشغلاً مع أولاده في حرب الحجاز.
أمر غريب أنك لا تجد أي ترجمة تاريخية لحياة محمد لاظ أوغلي، حيث ذكره الجبرتي 4 مرات دون شرح في كتابه عجائب الآثار، بينما عبدالرحمن الرافعي لم يكتب عنه فصلاً خاصاً به مثل باقي رجال الباشا في كتابه "عصر محمد علي".
لعل السبب الوحيد في عدم وجود تاريخ شخصي للكتخدا محمد لاظ أوغلي أنه أحب الباشا أكثر من نفسه، ولم يهتم بالتوثيق لحياته مثل حبه لعمله، لكن تبقى حقيقة واحدة وهي أنه لولا محمد لاظ أوغلي ما كان الباشا، وبدون محمد علي باشا ما كان للكتخدا أن ينجح، وبدونهما ما كان لمصر الحديثة أن تظهر.