"ليس للكاميرا".. إلى أي شيء نظر "مبارك" في صورة عيد ميلاده التسعين ؟
السبت 05/مايو/2018 - 03:52 ص
وسيم عفيفي
طباعة
تسعون عاماً مضت على ميلاد حسني مبارك، وعلى مدار 30 عاماً كانت الدولة تحتفل بتلك المناسبة إلى توارى الاحتفال منذ 2011 م واقتصرت مظاهر الاحتفال على تجمعات أنصاره أمام المستشفى التي كان بها طيلة فترة محاكمته التي استمرت إلى أكثر من 50 جلسة في قضايا كثيرة انتهت كلها ببراءته.
صورة مبارك في عيد ميلاده التسعين
ظهرت صورة محمد حسني مبارك بصحبه حفيده ونجله في وجه عجوز يرثي أطلال ماضيه في الحكم، ويخفي في ابتسامته تساؤلات كثيرة ظهرت من عينيه لكن لن يجد لها إجابة، ففضل الظهور بمظهر "المرتاح" في صورة جعلت أنصاره يصفونه بـ "الشخص الذي جُعِلت الرجولة ملبساً من أجله".
مبارك ونجله جمال
لا أحد يعلم من الذي التقط الصورة، لكنه من المؤكد أن نجله جمال مبارك ليس علاقة بالتصوير، فهل تذكر مبارك سلسلة الصور الفوتوغرافية التي كان يلتقطها مع أسرته في إحساس بالحنين لأجواء "الأسرة الحاكِمَة"، أم أنه كان يفكر في أن نجله "جمال" الغائب عن الصورة كان أحد الأسباب التي أنهت حكم العائلة نفسها.
رجع مبارك بذاكرته إلى فرحته بولده الأول "علاء"، لكنه لم يستطع الهروب من إحساس الفقد الذي أصابه سنة 2009 م وتذكره مع حفيده "عمر"، شقيق حفيده الآخر "محمد علاء" والذي مَثَّلت حادثة وفاته بإجماع مؤيدي ومعارضي مبارك، كارثة نفسية عليه لم تختلف في بشاعتها عن محاولة اغتياله في أديس بابا.
لم تظهر حفيدته "فريدة" التي وُلِدَت بعد وفاة ابن عمها الراحل بعام واحد، لكن ذهن مبارك وذاكرته كانتا حاضرتين وهو ينظر لمستقبل هذه الحفيدة "فريدة"، نظرة الاطمئنان عليها لأسباب اجتماعية، ونظرة حزن أيضاً لأنه جدها، لم يتمكن من الفرح بها.
لعل قدر مبارك دائماً مع "فريدة" هو فرحته الغير مكتملة، ربما تذكر فرحته سنة 1948 م حين حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية، غير أن فرحته لم تكتمل بسبب طلاق الملكة المحبوبة "فريدة" زوجة فاروق، والتي كان طلاقها سبباً في حزن المصريين.
مبارك وقرينته
لم تظهر سوزان مبارك منذ سنة 2011 م سوى في لقطات معدودة، لكنها غابت عن صورة عيد الميلاد التسعين لزوجٍ شاركته في الحياة الزوجية مدة 59 سنة، وبالتالي تذكر هو شريكة الحياة التي وفرت له المناخ كـ "طيار في الجيش المصري"، وتذكر أيضاً زوجته كـ "سيدة لمصر الأولى"، والتي ساهمت في إحداث طفرة ثقافية ضخمة عبر مهرجان القراءة للجميع، فضلاً عن حملات صحة الطفل، لكنها أيضاً كانت صاحبة الدور الأبرز في إنهاء حكمه.
لم ينظر مبارك إلى أصداء الاحتفال بعيد ميلاده لأنه يعرفها، يعلم أن هناك من المصريين من يحنون إلى أيامه بسبب الوضع الاقتصادي الراهن، ومنهم أيضاً من يلعنون سنوات حكمه الثلاثين، لكنه لم ينظر إلى استقبال الإعلام لعيد ميلاده، فبطريقة "كَبَّر مخك" نسي مبارك الإعلام الذي دمر سيرته العسكرية بالكامل، وخاض في عرضه الشخصي.
الشيب في شعر مبارك على حالة عداء كاملة مع رأسه، لكن سواد شعره ليس مثل السواد الذي يشعر به في داخله، وهو سواد الطريقة التي خرج بها من الحكم، ربما كان صادقاً سنة 2010 م في تلميحاته التي قال فيها "أنا زهقت من الحكم"، وأشار لها مباشرةً في خطابه القبل الأخير، لكن تبقى في النفس غُصَّة، هل يشعر بنكران الجميل أم أنه يحاسب نفسه بالضمير على ما قدمه للجمهورية التي حكمها باعتباره أطول رؤساءها مدةً في الحكم.
شجن كبير أطل من نظرات حسني مبارك وحمل هذا الشجن في طياته وجع الضمير تارة، وشكل الصمود الذي اعتاد عليه تارة أخرى، وبين الابتسامة في ثوانٍ قليلة والحزن في ثوان أقل، إلا أن الشيء الثابت يظهر في الصورة، وهو أن مبارك ليس بالرجل الضعيف الذي يظهر في مظهر المنكسر مثل زين العابدين بن علي، أو المشتهي للعودة مثل علي عبد الله صالح.
الشيب في شعر مبارك على حالة عداء كاملة مع رأسه، لكن سواد شعره ليس مثل السواد الذي يشعر به في داخله، وهو سواد الطريقة التي خرج بها من الحكم، ربما كان صادقاً سنة 2010 م في تلميحاته التي قال فيها "أنا زهقت من الحكم"، وأشار لها مباشرةً في خطابه القبل الأخير، لكن تبقى في النفس غُصَّة، هل يشعر بنكران الجميل أم أنه يحاسب نفسه بالضمير على ما قدمه للجمهورية التي حكمها باعتباره أطول رؤساءها مدةً في الحكم.
شجن كبير أطل من نظرات حسني مبارك وحمل هذا الشجن في طياته وجع الضمير تارة، وشكل الصمود الذي اعتاد عليه تارة أخرى، وبين الابتسامة في ثوانٍ قليلة والحزن في ثوان أقل، إلا أن الشيء الثابت يظهر في الصورة، وهو أن مبارك ليس بالرجل الضعيف الذي يظهر في مظهر المنكسر مثل زين العابدين بن علي، أو المشتهي للعودة مثل علي عبد الله صالح.