قصة الأزهري والكومبارس المجتمعون في "زهرة الوادي"
الأحد 06/مايو/2018 - 11:17 ص
تقرير وتصوير : صابرين عبد الحكيم
طباعة
داخل قهوة "زهرة الوادي" تبدو قديمة ذات كراسي متهالكة، زبائنها يأتون كل يوم في نفس الميعاد ويجلسون في نفس الأماكن كل شيء فيها ثابت، أعمار زبائنها وعمالها وكراسيها وأكوابها هي من تكبر ويمر عليها الزمن فقط، هذا بالإضافة إلى الوجوه الحديثة التى تجمع وتمثل شخصية "الأزهرى والكومبارس".
فحين تلقي بوجهك إلى اليمين قليلا، تجد ذلك الرجل الأربعيني الذي يحتسي كوب الشاي ويتأمل المارة ويتفحص هل من غريب دخل تلك الحارة الذي حفظ أهاليها من تلك الزاوية الصغيرة على يمين القهوة، وبالداخل يجلس الأصدقاء الثلاثة بأحجار القص وأكواب القهوة وعلب السجائر الكليوباترا فيأخذون واحدة تلو الآخرى حتى تنفذ العلبة وينتهي الحجر فيودعون بعضهم البعض إلى اللقاء المتكرر في اليوم التالي.
ففي قهوة "زهرة الوادي" جميعهم سواء لا يوجد فرق بين معلم وصنايعي فهناك قانون "لا يوجد صبي للمعلم"، في جو أخوي ربما لم أجد من يعبرون عنه بتلك التفاصيل في الأفلام والمسلسلات يوجد الرجال السبعة كل منهم له قصة ولكن أبرزهم قصتي "عمر ومحمد".
ففي قهوة "زهرة الوادي" جميعهم سواء لا يوجد فرق بين معلم وصنايعي فهناك قانون "لا يوجد صبي للمعلم"، في جو أخوي ربما لم أجد من يعبرون عنه بتلك التفاصيل في الأفلام والمسلسلات يوجد الرجال السبعة كل منهم له قصة ولكن أبرزهم قصتي "عمر ومحمد".
"عمر" الذي يبلغ من العمر 22 عاما، يقضي معظم أوقاته قارئاً لقصص صعود النجوم، ليدخل الأمل في أرجاء قلبه العجوز، فدوره في عالم المقهى "الجرار" فهو أصغر العاملين بقهوة الوادي وأحدثهم، حيث أخذ يتنقل من هنا إلى هناك، باحثاً عن تحقيق حلمه في الغناء.
يحكي عمر قصته مع العمل بالقهوة: "الدنيا كده انتهت بنسبالي، أقضي معظم أوقاتي بالمقهى لا أحلم بسوى أجري منها لكي أعيش وأدفع إيجار الحجرة التي أخذتها في نفس المنطقة، فأنا أعيش بمفردي ولا يوجد لدي صديق، أنهي عملي وسط بقايا الشاي والقهوة وأذهب إلي المنزل بعد شراء وجبة للعشاء لأنام".
يحكي عمر قصته مع العمل بالقهوة: "الدنيا كده انتهت بنسبالي، أقضي معظم أوقاتي بالمقهى لا أحلم بسوى أجري منها لكي أعيش وأدفع إيجار الحجرة التي أخذتها في نفس المنطقة، فأنا أعيش بمفردي ولا يوجد لدي صديق، أنهي عملي وسط بقايا الشاي والقهوة وأذهب إلي المنزل بعد شراء وجبة للعشاء لأنام".
عمر" حسن المظهر ليس كالشكل المعتاد لصنايعي القهوة الذي نراه في المقاهي الشعبية، بتركيز شديد يقف على الحوض ليغسل الأكواب ويجهز طلبات الزبائن، ترك أهله منذ سنوات بسبب خلافات عائلية عازما على الاستقلال وأن يحقق حلمه الذي راوده سنوات كثيرة وهو الشهرة والغناء، فشارك في أعمال رمضانية سابقة ليكون كومبارس لبعض من المسلسلات الشهيرة ولكنه في الحقيقة بطل من أبطال الحياة الذين لم تأت حظوظهم بعد .
محمد"، قصير وممتلئ الجسد لكنه يحمل كثير من خفة الدم والحركة التي جعلته المفضل لدى الزبائن، قال:" أبويا قالي أن عندي تشتغل صبي رقاصة ولا تشتغل قهوجي"، متابعا: أنا من أسرة متوسطة من بني سويف، أبي كان يعمل بالخارج وعمي من تولى أمرنا، كنت دائماً أهرب إلى الغيط وكنت أعلم أن مصيري هو الضرب من عمي لكن الحياة وإحنا صغيرين كانت لذيذة مكنتش ساعتها بشتغل ولا بشرب سجاير والعيشة كانت حلوة.
من بعد ضرب ليبيا في 2010 اضطررت أن أنزل إلى سوق العمل تاركاً دراستي الأزهرية التي كنت متفوقاً فيها بشهادة زملائي وأصدقائي في الجامعة، ومنذ 13 عاماً وأنا أعمل في هذه المقهى: "أنا هنا في وسط أخواتي مفيش فرق ما بينا ومش بتخيل نفسي بشتغل أي حاجة غير أني قهوجي، أنا اعتدت على الزبائن وبقيت عارف كل زبون هيطلب ايه من قبل ما يقعد"
من بعد ضرب ليبيا في 2010 اضطررت أن أنزل إلى سوق العمل تاركاً دراستي الأزهرية التي كنت متفوقاً فيها بشهادة زملائي وأصدقائي في الجامعة، ومنذ 13 عاماً وأنا أعمل في هذه المقهى: "أنا هنا في وسط أخواتي مفيش فرق ما بينا ومش بتخيل نفسي بشتغل أي حاجة غير أني قهوجي، أنا اعتدت على الزبائن وبقيت عارف كل زبون هيطلب ايه من قبل ما يقعد"
يبدو أن "محمد" ليس نادماً ولا ناقماً على حيته التي ربما كانت ستصبح أفضل لو كان أكمل دراسته وعمل في مجاله: "لو كنت اخدت الشهادة كنت هبلها وأشرب مياتها وكنت هدور على شغلانه تانية أكسب منها".
لو كنت جالس على "زهرة الوادي" هل تتخيل أن ذلك البشوش الذي يتحرك هناك بصنية الشاي هو أزهري متفوق ربما لو كان أكمل دراسته لأصبح دكتور جامعي، وأن ذلك الهادئ الذي يقف بجانب الحوض ليحضر طلبات القهوة يريد أن يصبح مطرباً شهيراً.
لو كنت جالس على "زهرة الوادي" هل تتخيل أن ذلك البشوش الذي يتحرك هناك بصنية الشاي هو أزهري متفوق ربما لو كان أكمل دراسته لأصبح دكتور جامعي، وأن ذلك الهادئ الذي يقف بجانب الحوض ليحضر طلبات القهوة يريد أن يصبح مطرباً شهيراً.