"دموع" و"قهر"، و"صراخ"، شهدتها إحدى القاعات، في مؤتمر يتناول مشاكل قانون الأحوال الشخصية، ولكنها لم تكن دموع عادية، فتحمل في طياتها أنين جراح تنزف، لا يستطيع أحد أن يدويها، فالجراح تحولت إلى أورام خبيثة كادت أن تنفجر، في وجوه الجميع، حتى تقول: "أشعروا بآلمي، وجراحي، أنا الأم التي يتمزق قلبي على أبني بعد أن خطفه طليقي، أنا من لا أجد من ينفق على أولادي، أنا من يضيع عمري في أروقة المحاكم، حتى استرد حقوقي وحقوق أطفالي، أنا من حرم عاليا الزواج، بعد تجربة فاشلة، مع زوج ظالم، مقابل عدم إنتزاع أولادي من حضني، أنا من قتلت أنوثتي مبكرا، أنا من يطمع الجميع في جسدي، ولم أجد وظيفة دون مقابل، أنا من يسيء لها المجتمع، أنا من لا تشعر بالأمان يوما ما، مهددة دائما، أنا من لا أجد من يحميني أنا وأولادي، أى قوانين تتحدثون عنها ولم تحموني وتحموا أولادي أولا".
ولم تكن هذه الدموع هي وحدها الموجودة في القاعة، فصراخ الأمهات، الذي هز قلوب الحاضرين، انتقل إلى كل الفتيات والصحفيات، المتواجدات، وسالت دموعهن، بدون توقف، ولكن دموعهن، لها حديث أخر، فتقول: "سامتنع عن الزواج"، حقا "امتنع عن الزواج"، كيف أتزوج ويكون مصيري يوما ما مثل هؤلاء، ما الذي يضمن لي إن اختياري يكون جيد، واختار رجلا، ماذا لو لم أحسن الاختيار، هل اضطر يوما ما إلى الخضوع إلى هذا القانون المهلهل، المليء بالترقيعات، هل أنجب أطفال ولم يوجد قانون يحميهم، لم أضمن لهم نفقة للإنفاق عليهم، أواستيقظ يوما ما لا أجد طفلي في حضني، واعيش بقية حياتي في المحاكم، فأمتنع عن الزواج، حتى أجد من يحميني".
نعم امتنع عن الزواج بسبب الأحوال الشخصية.