قصة "اليهودي" الذي تسبب في تطوير "إمساكية رمضان"
الجمعة 18/مايو/2018 - 12:09 م
وسيم عفيفي
طباعة
كل شيء في الدنيا يحتاج إلى جدولة، حتى في طقوس شهر رمضان كل شيء لابد أن يكون له وقت، سواء كان عبادات أو عادات، ولا شيء يضبط اليوم الرمضاني سوى الإمساكية التي تحتوي على أيام شهر رمضان مع مواقيت الصلوات الخمس فضلاً عن موعد الإفطار وتحديد بدء يوم الصيام.
كلمة الإمساكية جاءت لتكون مشتقة من الكلمة العربية "إمساك" بمعنى "الإيقاف"، لتشمل الكلمة معنىً رمضانيٍ هو تحديد التوقف الوقتي لـ "الصيام" و "الإفطار".
قبل العام 1798 م، لم تكن مصر على معرفة كبرى بالتطور الذي بدأ يسري في جنبات الدول، حتى جاء الاحتلال الفرنسي، ورغم أهدافه الاستعمارية لكنه جعل مصر تكتسب مميزات بنفس مقدار السلبيات التي كانت الحملة الفرنسية سبباً فيها، مثلما عرف علماء الحملة الفرنسية تفاصيل الحضارة المصرية من حجر رشيد، عرف الشعب المصري وتحديداً العلماء أصول الطباعة والنشر على يد علماء الحملة الفرنسية الذين جاءوا بمطبعتهم إلى مصر.
إمساكية ولي النعم
جاءت الإمساكية على ورقة صفراء ذات زخرفة بعرض 27 سنتيمتر وطول 17 سنتيمتر، وكُتِب في أعلاها "أول يوم رمضان الاثنين، ويرى هلاله فى الجنوب ظاهرًا كثير النور قليل الارتفاع، ومكث خمس وثلاثون دقيقة" ومرفق بالجملة صورة محمد علي باشا.
بشأن مواقيت الصلاة في "إمساكية ولي النعم" فكانت مرفقة أسفل العنوان، وكانت عبارة عن جدول كبير به مواعيد الصلاة والصيام لكل يوم من أيام شهر رمضان بالتقويم العربي وليس الإفرنجي.
تمت عملية توزيع الإمساكية على كل ديوان من دواوين الحكومة، مع أمر مباشرٍ من محمد علي باشا لكافة الموظفين بعدم الكسل والإهمال في العمل وعدم التراخي في توزيعها.
تطورت إمساكية رمضان من العشرينيات إلى الأربعينيات على صور وأشكال وأغراض مختلفة، فأول إمساكية يتم توزيعها على سبيل الدعاية والإعلان كانت إمساكية مطبعة تمثال النهضة المصرية لصاحبها "محمود خليل إبراهيم" في شارع بيبرس الحمزاوي في رمضان من العام 1347 الموافق فبراير سنة 1929 م، وكانت إمساكية محمود خليل إبراهيم في شكلٍ دعائي عن المطبعة ودار النشر.
إمساكية محلات داوود عدس للملابس
انتقلت الإمساكية لمرحلة الإعلان التجاري عن المنتجات والبضائع على يد رجل الأعمال اليهودي داوود عدس، الذي طبع أول إمساكية لسلسلة محلاته في رمضان سنة 1364 هجري الموافق أغسطس سنة 1945 م، لكن اختلفت إمساكية داوود عدس عن غيرها كون أنها كانت إمساكية مرفق بمعلومات الصيام وفضله وأسباب فرضه، فضلاً عن إعلان دعائي لمحله وتوفر البضائع فيه.
وتُعد إمساكية رمضان التي طبعها داوود عدس هي الملهمة لأغلب إمساكيات رمضان ذات الورق المتعدد إلى الآن، حيث طور إمساكية طُبِعَت من أحد تجار العطارة سنة 1356 هجري الموافق نوفمبر سنة 1937 م، والتي احتوت على أحكام الصيام والأدعية والآيات القرآنية وأذكار الصباح والمساء وأحكام زكاة الفطر وأجندة مواعيد.
إلا أن سر إمساكية رمضان المطبوعة من محلات داوود عدس أنها كانت توزع على المارة في الشوارع والمصليين في المساجد، فضلا عن تطور الإمساكية وشكلها عاماً بعد عام.