أسطورة صانع القبعات.. المجنون وعلاقته بـ"إبراهام لينكولن"
الجمعة 18/مايو/2018 - 11:16 م
مريم مرتضى
طباعة
منذ أن نشر "لويس كارل" رائعته الفنية رواية "أليس في بلاد العجائب" عام 1865م، حتى أصبحت من أشهر وأهم روايات أدب الأطفال في العالم، ولم يقتصر عشقها وحبها على الأطفال فقط بل وقع في غرامها الكبار أيضًا، ولعل من أشهر شخصيات "أليس في بلاد العجائب"، شخصية "Mad Hatter" صانع القبعات المجنون غريب الأطوار، الذي تميز بملابسه الغريبة وألوانها الكثيرة، وتصرفاته الغير متوقعة، إلى جانب اهتمامه الغريب بحفلة الشاي التي لا تنتهي أبدًا على مائدته الطويلة، ويطرح السؤال نفسه هل شخصية صانع القبعات المجنون خيالية أم استمدها "لويس كارل" من شخص حقيقي؟، الحقيقة أنها شخصية حقيقة لـ رجل يدعى "بوسطن كوربيت"، وأن الأطوار الغريبة المميزة لتلك الشخصية في الحقيقة كان مرض منتشر بين القرني الـ 18 والـ 19.
متلازمة صانع القبعات
صانع القبعات المجنون ليس نتاج خيال الكاتب، ولكن كان ذلك الاسم مشهورًا في القرنين الـ 18 والـ 19 الميلادي، حيث نشطت صناعة القبعات، وكانت المصانع وقتها تستخدم مادة نترات الزئبق السامة كجزء من عملية تصنيع وتحويل فراء الحيوانات الصغيرة إلى فرو وإستخدامه في صنع القبعات، وقد بدأ إستخدام الزئبق الغير عضوي على شكل نترات في فرنسا في القرن الـ 17 ومن هناك انتشر إلى إنجلترا، وبالطبع في ذلك الوقت لم تكن معايير السلامة جيدة في المصانع، وكان العمال يتعرضون لأبخرة الزئبق لفترات طويلة، لذا أُصيب الكثير منهم بالأمراض الجسدية والعقلية، مثل السمية العصبية، وفرط التهيج، بما في ذلك الإصابة بالهزات والرعشة في الجسم، فيما أطلق عليه "هزات صانع القبعات"، وأصبح هذا المرض عمومًا يُسمى "متلازمة صانع القبعات".
وفي ولاية "كونيتيكت" التي تقع شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تُسمى تلك الهزات الجسدية الناجمة عن الزئبق اسم "هزات دانبري"، نِسبة إلى مدينة "دانبري" التي كانت مركزًا رائدًا في صناعة القبعات خلال القرن الـ 19 وفي السنوات الأولى من القرن الـ 20 ميلاديًا، ولكن تم حظر صناعة القبعات باستخدام الزئبق في عام 1940م في الولايات المتحدة الأمريكية.
بوسطن كوربيت
يعتقد الباحثون أن "بوسطن كوربيت"، الذي قتل قاتل الرئيس الأمريكي "إبراهام لينكولن"، والذي كان يعمل في صناعة القُبعات، أنه عانى من سوء الصحة العقلية بسبب تعرضه لنترات الزئبق المُستخدمة في صناعة القبعات عندما كان شابًا، حيث أصبح بعد ذلك مُتعصب ديني عام 1858م، وقام بإخصاء نفسه بزوج من المقصات كوسيلة لكبح شهوته، وبعد ذلك التحق بالخدمة في جيش الإتحاد خلال الحرب الأهلية، وبعد حادث إطلاق النار على الرئيس الأمريكي "إبراهام لينكولن" في 14 إبريل عام 1865م، في مسرح فورد في واشنطن، ذهب كوربيت وفرقته لتعقب القاتل، وقام بعصيان أوامر القائد بالقبض على المجرم حيًا، وقام بقتله، ولكنه أصبح بذلك بطل شعبي، وتمت تبرئته من قبل الجيش، ونال التقدير لكونه انتقم لمقتل الرئيس.
وقام بإستئناف عمله في صناعة القبعات، قبل أن ينتقل إلى كنساس في عام 1878م، حيث عاش حياته منعزلاً ووحيدًا، ولكن تم إيداعه في مستشفى للأمراض العقلية بعدما قام بتهدبد مجموعة من الناس في ستتهوس في كانساس بمسدس، وفي العام التالي هرب "كوربيت صانع القبعات" من مستشفى الأمراض العقلية، واختفى إلى الأبد.