" صدفة مطر " | (1) - هل تستطيع صبا أن تداوي صدعها؟
الثلاثاء 29/مايو/2018 - 10:46 ص
آلاء أبو الفتوح
طباعة
في أحد الأحياء الراقية بمدينة الإسكندرية، وتحديدًا في وقت الشتـاء والبرودة، فتـاة ممشـوقة القـوام متوسطة الطول ترتدي بيجامة شتـاء باللـون الـزهري، ويطبـع عليها رسمـة كرتونية لـطيفة، ويعتلي هـذا الجسـد التي تحسـد عليه وجهه جميـل ذو بشـرة خمريـة صافية، وعيون زاهيـة تأسر أي شخص بسـبب تداخل اللوني الأزرق السماوي والأخضر بهما، ليس هـذا فقط بـل يتغير لون عينيها من الأزرق السماوي إلى الأخضر الصافي، ويزين تلك العيون إطار من الرموش السوداء الكثيفة، ننحدر إلى أنفها الدقيق المتناسق مع وجهها الرقيق، والذي يكمن فوق شفتيها الرقيقتين، ويزين تلك اللوحة الفنية الجميلة شعرها الأسود الفحمي المسترسل الطويل المطلق له العنان على ظهرها، ويطلق على تلك اللوحة المتألقة اسـم "صـبـا"، نعم هذه بطلتنا الحسناء " صـبـا مـحـمـود الـسـويـدي "، ابنة اللواء " محمود السويدي " ذات العشرين ربيعًا ، الملتحقه بكليه تجارة English.
كـانت تجلس على سريرها تضع سماعات الأذن، وتستمع إلى أغنيه أجنبية هادئه، وكان يزين يدها خاتم خِطبة رقيق من الذهب الخالص إصبعها، حتى أتتها نغمة رسالة على هاتفها الخلوي مزامنة لهبوب الرياح، وتجمع الغيوم بسماء عروس البحر المتوسط.
مدت " صبا " يدها لترى أن تلك الرسالة مُرسلة من رقم غير مسجل مضمون الرسالة :
- روحي لمطعم (*) هتلاقي حبيب القلب قاعد مع العزيزه .
وبُعث هذا الكلام بالفعل مع صورة بها خطيبها " محمد " مع أعز صديقاتها " منى " فهبت " صـبـ ا" قافزة من فوق سريرها، ويزامنها صوت الرعـد المـدوي من فوقها، وارتدت بنطال جينز وبلوزه زرقاء، ووضعت حجابها بسرعة وبإتقان، رغم أنها لم تكن مهتمة بإنتقاء ملابسها على قدر ما ترتديها بسرعه وسهولة، ثم هرولت آخذة معها مفتاح سيارتها الحمراء وحافظة نقودها الصغيرة، قبل أن تذهب لباب شقتها قالت لوالدتها : " ماما أنا رايحه مشوار مهم بسرعة ".
ردت والدتها : فين يا صبا المكان ده....؟!
صبا : معلش يا ماما هحكيلك لما أرجع، معلش عشان مستعجله
تعجبت والدتها من نبرتها وأسلوبها، وفهمت أنه شئ لا يحتمل التأخير، فاستطردت القول : " ماشي يا بنتي بس متتأخريش، وأبقي كلميني ".
صبا وهي تهرول: " إن شاء الله ".
نزلت إلى الجراچ وأخذت سيارتها ، ثم بدأت تصارع الهواء بسيارتها، حتى وصلت إلى المكان المدعو إليه بلمح البصر، ما إن وصلت حتى رأت بالفعل خطيبها " محمد " يتسامر مع صديقتها " منى " ، وهو مبتسم وممسك يدها، فذهبت إليه دون أن تنطق بحرف، ما إن رآها حتي هبَّ واقفًا، كان يحاول اختراع كذبة جديدة لكنه صمت، و بدون مقدمات خلعت " صـبـ ا" من يدها خاتم الخطبة، ثم وضعته على الطاولة، وقالت لكليهما :
- كل اللي بنا أنتهى و مش عايزه أعرفكوا تاني..
ما إن خرجت من المطعم حتى أطلقت العنان لدموعها، ظلت تبكي بينما تسير في الطريق، وكان المطر يشاركها أحزانها ودموعها بحزن، حتى أختلطت دموع المطر بدموعها الحزينة؛ بسبب الصدع الذي حدث في قلبها الصغير، حتي مُحِيت دموعها الحزينة، و كأن المطر يواسيها، ويخبرها أنها ليست وحدها في هذا العالم الموحش.
كان الطريق هو مَن يهدينا؛ حتى وجدت نفسها بعيده كل البعد عن سيارتها، وكانت في موقف للحافلات تزامنًا مع وقوف شاب طويل القامة على بعد مترات قليلة منها، منها لكنها لم تلحظه.
كان الشاب سابح داخل عينيها، يحاول تحديد لونهما، كانت " صـبـا " تتذكر ما حدث؛ فتدمع عينيها ويتحول لونهما إلى الأزرق، ثم تقول لنفسها : " كده أحسن خليكي قوية "، فتتراجع الدموع و تتراجع زرقه عينيها وتتحول للأخضر، بينما هو سابح في عيونها حتى قاطعه صوت رنين هاتفه، و في تلك اللحظة علمت صبا أن هناك من يقف معها في الموقف وسمعته يقول : الحمدلله و أنتَ....؟!
=....
- اااه يعني مفيش أوتوبيس هيجي دلوقتي .
بعد أن علمت " صـبـا " أنها يجب أن تعود سيرًا على الأقدام وقفت تفكر كيف ستسير في المطر؛ لكنها تفاجأت بالشاب يمسك يدها، و يضع بها مظلته السوداء بسرعة، وهبَّ راكضًا في سبيله، مع ترك خاطره مع تلك الحسناء صاحبه عيون القطط.
ترى من هذا المجهول؟! وهل تجمعهما الصدفه مجددًا؟