"اللمَّة الحلوة" .. إفطار جماعي بـ "المطرية" لخص أجمل ما في مصر
الجمعة 01/يونيو/2018 - 08:42 م
وسيم عفيفي
طباعة
انفصام في النفسية يمكن أن يصاب به أي إنسان يسير في القاهرة ويقارن مثلاً بين الزمالك و المطرية في أجواء شهر رمضان، ففي الأماكن الراقية لا تجد سوى جمال جاف خشن متمثل في المولات والمطاعم الفاخرة، فلا روحانية ولا ألفة ولا أُنْس رغم الثراء ورفعة المستوى الاجتماعي.
إفطار جماعي في عزبة حمادة بـ المطرية
المسألة تختلف جذرياً في عزبة حمادة، بمنطقة المطرية إن طالعنا الصور ورأينا تفاصيلها، وقيمة التفاصيل الموجودة في الصور ليست في المعلومات المتعلقة بها، إفطار ينظمه أهالي المنطقة لبعضهم وكل يجود بما يستطيع، البعض يطبخ والآخر يحضر الأواني والبقية ينظمون.
مأدبة الإفطار في المطرية
التفاصيل الحقيقية موجودة داخل ركن من أركان المكان الذي التقطته عدسة الكاميرا وأعطت تفاصيل حية عن حقيقة مصر من حيث أصالتها.
من ست سنوات بدأت الفكرة حين نظم شباب المطرية إفطاراً جماعياً بل طول المائدة 20 متراً، واستمرت الفكرة دون صدىً إعلامي حتى التقط اثنين من المصورين أجواء الإفطار الشعبي في صور تنطق بالتفاصيل.
من ست سنوات بدأت الفكرة حين نظم شباب المطرية إفطاراً جماعياً بل طول المائدة 20 متراً، واستمرت الفكرة دون صدىً إعلامي حتى التقط اثنين من المصورين أجواء الإفطار الشعبي في صور تنطق بالتفاصيل.
سكان عزبة حمادة ومأدبة الإفطار
زخم شعبي فريد من نوعه في كل صورة من هذا الألبوم، فالواقع المرير قابله أهل المنطقة بالرضا من خلال ابتسامة حانية في وجوه كبار السن التي أصابها التعب، وداخل عيون شبابية حائرة عن الرزق، ومن خلال نسمات الأطفال الزاهية في ملابسهم البسيطة وعيونهم المفعمة بالأمل.
طفل من عزبة حمادة في المطرية
ربما يخيم البؤس على جدران ذلك الشارع من خلال بيوته التي ربما يكون غالبيتها مبني من الطوب الأحمر، وتتأكد أن الطبقة المتوسطة تم تآكلها، غير أن الناس بشبابهم ونسائهم وشيبهم وأطفالهم خلقوا لأنفسهم عالماً رمضانياً خاصاً واستبدلوا الطبقة المتوسطة بالكادحة الراضية، فإن كانوا لم يتجاوزوا خط الفقر ولم يصلوا للغنى لكنهم بـ "لمة رمضان" سيطروا على أرواحهم بسلاح غِنَى النفس.
مقهى عاطف كاكاو في المطرية
كبار السن حول مقهى عاطف كاكاو يبتسمون في رضا، ومن الصعب أن تجد قمامة أسفلهم باستثناء عقبي سجائر من الذين ينظمون مأدبة الإفطار، ولافتة خشبية خضراء لمحل خياط الأحذية مكتوب عليها "الأمانة"، وصفت الأمانة التي تميز بها السكان وهم يمدون أواصل الفرحة بشهر رمضان من خلال الزينة الزاهية، وأسفلها يتهافت الناس على المائدة الطويلة التي ليس فيها كافيار، لكن بها "أكل البيت لسابع جار".
توزيع الوجبات
في أطباق الفِل تكون الوجبات للبعيدين عن المأدبة يحملها شاب وهو يبتسم للكاميرا، ربما نظراته تخفي جوانب عن حياته فليس معروفاً هل هو صبي عند المعلم عاطف كاكاو، أم أنه من شباب المنطقة، لكن الشيء الثابت هو تفاعله في خدمة المفطرين قبل الأذان.
بنات عزبة حمادة
البنات من الأطفال فيهن تفاوت في الأعمار والطول، واتفقن في المستوى الاجتماعي، فملابسهن وإن كانت ليست "ع الموضة"، لكنها ليست متواضعة إنما هي بسيطة، وسر جمال البساطة في ابتسامة كل بنت لعدسة الكاميرا، ليست ابتسامة مصطنعة بقدر ما هي ابتسامة جاءت تفاعلاً مع الأجواء.
طفل من عزبة حمادة في المطرية
علامة "إكسلانت" التي أشار بها الصبي في ابتسامة مفعمة بالأمل، أنسته انشغال الشاب الكادح وهو ينظم البراميل البلاستيكية داخل شقة ضربها الفقر في جدرانها، لكن الرضا الموجود بها سببه أنه مخصصة للإفطار.
توزيع المشروبات
قطع البلح وأكواب التمر هندي يحملها ذلك الرجل الذي اختفى شعره صلعاً وظهر شيب خصيلات من رأسه في لون أبيض أقل بياضاً من أسنانه التي تضحك وتنشر الرضا والسعادة حتى لمن التقط الصورة عبر العدسة.
تجهيز المشروبات
لشهر رمضان أكثر من 30 أغنية في التاريخ الغنائي، ربما لن تليق أغنية رمضانية على هذا المشهد، ليس لأن شهر رمضان قد وصل إلى منتصفه، وإنما لأن الأجواء فاقت مخيلة أي مؤلف، قد يكون معقولاً اعتبار أغنية "يا بركة رمضان خليكي في الدار" هي الأدق وصفاً لسكان المطرية، لكن الأفضل منها هي كوبليه محمد طه حين قال "مصر جميلة .. خليك فاكر".