فيديو | من موسيقار الأجيال إلى نيل مصر: يا ليتني لم أغني لك
الجمعة 08/يونيو/2018 - 07:07 ص
كتب: وسيم عفيفي - تصوير: أحمد منير
طباعة
على مقام الكرد غنى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب سنة 1954 م، رائعته "النهر الخالد" بأجمل لحن وطني هادئ يمكن أن يقوم به، وساعده في جمال الألحان والأداء كلمات الشاعر "محمود حسن إسماعيل"، أحد أهم شعراء القصيدة المسموعة بالنظر !، حيث أنه يجعلك ترى الكلمات عالم مستقل بذاته ترحل إليه.
صارت أغنية "النهر الخالد"، إحدى أقوى الأغنيات التي تم غناءها خلال الـ 64 سنة ماضية، وربما كانت هي الأولى قبل أي أغنية أخرى حول النيل في ظاهرة الأغنيات الوطنية التي كانت تفرح بمشروع السد العالي.
كانت ثقافة المصريين حين ذاك تسمح بالاستماع لـ "عبدالوهاب" ولهذه الأغنية تحديداً، فبائع الترمس الملاصق للعجوز الواقف أمام نصبة "الذرة المشوي" فضلاً عن سائق المركب النهري، كانوا يعرفون أغنية "النهر الخالد" رغم أنها فصحى وربما هم كانوا أميين إلا أن الانسجام كان هو سر المشهد.
كانت ثقافة المصريين حين ذاك تسمح بالاستماع لـ "عبدالوهاب" ولهذه الأغنية تحديداً، فبائع الترمس الملاصق للعجوز الواقف أمام نصبة "الذرة المشوي" فضلاً عن سائق المركب النهري، كانوا يعرفون أغنية "النهر الخالد" رغم أنها فصحى وربما هم كانوا أميين إلا أن الانسجام كان هو سر المشهد.
من الصعب تخيل المقارنة بين زمان وما رصدته عدسة بوابة المواطن صباح اليوم، في جولتها الصباحية لنهر النيل، فليست الثقافة الشعبية هي التي تغيرت، بل حتى النيل نفسه قد تبدل، وبدلاً من غناء عبدالوهاب له بـ "يا نيلُ يا ساحرَ الغيوبِ، يا واهبَ الخُلْدِ للزمانِ، يا ساقيَ الحبًّ والأغاني"، صارت الفسحة الشعبية في النيل على صوت مهرجان "الصواريخ" بأغنية "لأ لأ".
المثير للسخرية أنه رغم القتامة في الفيديو، لكن يبدو أن الأحق بقول "لأ لأ" ليس الشابين اللذين قاما بغناء المهرجان وهم "دقدق و فانكي"، وإنما الأحق بقول "ينفع كدة يرضيكو كدة" .. هو نهر النيل نفسه !.
ما الذي تغير ؟
نهر النيل وبرج القاهرة
هيئة المصريين في أشكالهم تغيرت، فقد غلب الطبع البلطجي في غالبية الشباب وهو المعروف اصطلاحاً بـ "السرسجية"، فضلاً عن ترهل الهموم الذي جعل المصريين في حالة لا مبالاة بالنيل، والذي صار بالنسبة لهم مكاناً للتنزه قبل أن يكون رمزاً لوطنهم.
تغيرت أذن المصريين فلم تعد تسمع إلى لشيء من الصعب تحديده، فلا مطرب يغني أو لحن يُسْمَع أو أداء يجعلك في حالة طرب.
تغير النيل شكلاً وتم تفريغه من حقيقته، فالناس فيه يعومون فضلاً عن الضجيج الذي عزز حالة التلوث البصري والسمعي في كل شيء حول "النهر الخالد".
تغيرت أذن المصريين فلم تعد تسمع إلى لشيء من الصعب تحديده، فلا مطرب يغني أو لحن يُسْمَع أو أداء يجعلك في حالة طرب.
تغير النيل شكلاً وتم تفريغه من حقيقته، فالناس فيه يعومون فضلاً عن الضجيج الذي عزز حالة التلوث البصري والسمعي في كل شيء حول "النهر الخالد".
نهر النيل
النيل في الصباح مخيف رغم الجماليات المدفونة، فأنت تخشى العفونة الموجودة في المركب، وتقلق من المناظر المتحرشة التي ترتدي زي البلطجة في عدم احترام المرور، وسبب وأد كل ما هو جميل يرجع إلى الإهمال تارة والتقصير والجهل تارة أخرى.
لم يغير المصريون سوى أنفسهم، وذلك باستخدامهم سلاح اسمه "اللا هوية"، فجعلوا من الدولة المصرية نموذجاً من الضياع، رغم أن الحقيقة هي أن لدينا هوية ضيعناها أو ضيعوها مِنَّا، والهاء تعود إلى كل شيء، إرث من التغيرات الفكرية والاجتماعية جعلتنا بلا قوة ناعمة.
لم يغير المصريون سوى أنفسهم، وذلك باستخدامهم سلاح اسمه "اللا هوية"، فجعلوا من الدولة المصرية نموذجاً من الضياع، رغم أن الحقيقة هي أن لدينا هوية ضيعناها أو ضيعوها مِنَّا، والهاء تعود إلى كل شيء، إرث من التغيرات الفكرية والاجتماعية جعلتنا بلا قوة ناعمة.
لفت نظر إصلاحي من بوابة المواطن
بوابة المواطن
1 ـ على الجميع "شعباً ودولة" فهم معنى "القوة الناعمة".
3 ـ على الشعب تنويع موارد ثقافته
اخترع الأمريكي جوزيف ناي، أستاذ العلوم السياسية في كتابه "القوة الناعمة: وسائل النجاح في السياسة الدولية"، حيث قال "أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق ومن خلال الدعم في مجالات حضارية، مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به".
2 ـ إشراف الدولة على "الثقافة الشعبية"
تبقى تجربة "ثروت عكاشة" وزير الثقافة من سنة 1958 م حتى العام 1970 م، هي الأكثر ريادة في مصر، حيث أنه أدخل المسرح والسينما إلى الصعيد، وعمل على مبدأ الفنون حتى تخرج أيقونات من الصعيد لاحقاً واستفادوا بالتجربة ومنهم "محمد منير".
فعلى الدولة الإشراف على "الثقافة الشعبية" من حيث العمل على لفت نظر المواطنين إلى ما هو جميل فيما يتعلق بالموسيقى والغناء، وهذا المشروع سيستغرق وقتاً لكنه مضمون النجاح في التأثير.
2 ـ إشراف الدولة على "الثقافة الشعبية"
تبقى تجربة "ثروت عكاشة" وزير الثقافة من سنة 1958 م حتى العام 1970 م، هي الأكثر ريادة في مصر، حيث أنه أدخل المسرح والسينما إلى الصعيد، وعمل على مبدأ الفنون حتى تخرج أيقونات من الصعيد لاحقاً واستفادوا بالتجربة ومنهم "محمد منير".
فعلى الدولة الإشراف على "الثقافة الشعبية" من حيث العمل على لفت نظر المواطنين إلى ما هو جميل فيما يتعلق بالموسيقى والغناء، وهذا المشروع سيستغرق وقتاً لكنه مضمون النجاح في التأثير.
3 ـ على الشعب تنويع موارد ثقافته
لن يحدث تنويع الثقافة الشعبية إلا بتنوع العرض الإعلامي الدعائي لقوة مصر السياحية والفنية، فضلاً عن إصدار فني وطني جديد ومتجدد يشمل الثقافة والسينما والغناء ونحو ذلك، مما يتيح للشخصية المصرية المعاصرة إعادة اكتشاف هويتهم من جديد واستشعار القوة الناعمة لوطنهم.