"الفرق بين المغول و التتار" خطأ في الوصف سببه المؤرخين العرب
الإثنين 11/يونيو/2018 - 01:03 ص
وسيم عفيفي
طباعة
كان القرن السادس الهجري الموافق الثاني عشر الميلادي هو الموعد الحقيقي لظهور المغول على الصعيد العالمي، غير أن المعرفة الحقيقية بهم كانت في القرن الثالث عشر الميلادي، حين تفوقوا على أعدائهم وتمكنوا من إنشاء إمبراطورية ضخمة في مدة قصيرة، وتوسعوا حتى شملت دولتهم الجزر اليابانية والمحيط الهادي شرقاً إلى قلب القارة الأوروبية غرباً، ومن سيبريا وبحر البلطيق شمالاً إلى الحدود الشمالية للجزيرة العربية وبلاد الشام وفلسطين جنوباً.
رسمة لقائد مغولي
يذكر الصلابي في تاريخه، أن العرب المسلمين من المؤرخين وقعوا في خطأ تسمية المغول بالتتار، نظراً لأن تاريخهم جاء حين بدأ ظهور المغول وغزواتهم للعالم الإسلامي، فتم تعريفهم بالتتر ثم صار الإسم هو التتار، ولم تقتصر فقط على المؤرخين المسلمين من العرب، بل وسار على ذلك التعريف الخاطئ المؤرخون والرحالة الأوربيين الأقدمون منهم على وجه التخصيص.
خريطة إمبراطورية المغول
جاء الفارق بين المغول والتتار على يد المؤرخين الأوربيين، كما جاء في موسوعة الحروب الصليبية، باب المغول أن المستشرقين الكبار أمثال بريتسكنيدر وبارثولد الروسيين، وسيولر الألماني وبويل الإنجليزي وغيرهم، عرفوا الفرق بين التتار والمغول وذلك من خلال ما كتبه المؤرخ المسلم رشيد الدين الوزير، وخاصة ما كتبه في كتابه المشهور"جامع التواريخ"، ثم ما كتبه المؤرخون الصينيون، والتي ترجمت كتبهم إلى بعض اللغات الأوربية الحديثة، كالروسية، الألمانية والفرنسية، والإنجليزية، كما عرف المستشرقون ذلك أيضاً مما كتب باللغة المغولية، ويتمثل ذلك بصورة رئيسية بالكتاب المعروف بـ"التاريخ السري للمغول أو تاريخ المغول السري" بناء على هذا، نجد أن المغول شيء والتتار شيء آخر.
رسم جنكيز خان - كما صوره المؤرخين المسلمين
ويحدد كتاب "العالم الإسلامي والغزو المغولي" لـ "إسماعيل الخالدي: الموطن الأصلي لكافة القبائل المغولية، حيث قال "نشأوا في المنطقة الواقعة في وسط آسيا بين نهري "سيحون وجيحون" من الغرب حتى حدود الصين الجبلية من جهة الشرق ممتدة حتى أقصى الشمال الشرقي لآسيا ، وتوسع البعض في حدودها حتى امتد بها إلى البحر الأدرياتيكي ويمكن هضبة منغوليا وسلاسل جبال "تيان شان" وجبال "التاي" وما بينهما من سهول وصحراء جنوبي وحول بحيرة "بايكال" وضفاف الأنهار الموجودة في تلك المنطقة ، الموطن الرئيس لهذه القبائل، التي كانت تستقر في السهول الواقعة بين سلاسل الجبال ومناطقها الدافئة شتاءً حيث تتوفر المراعي لحيواناتهم، وفي الصيف يستقرون في المرتفعات وأعالي الجبال لمدة شهرين أو ثلاثة حيث تكون المنطقة باردة وتتوفر فيها المياه والمراعي.
مقاتل مغولي
كانت هذه المناطق الشديدة بعيداً عن البحار فضلاً عن ارتفاعها في أن تختص بمناخ "قاري" ـ إذ تتراوح درجة الحرارة في معظم أجزائها ما بين 38 فوق الصفر و42 تحت الصفر ـ مما يؤدي إلى تجمد أنهارها وبحيراتها فترة طويلة من أشهر السنة، بالإضافة إلى الرياح الشديدة التي تهب من المنطقة الجنوبية في سيبريا الواقعة شمالاً ، وتنعكس هذه الحالة في فصل الصيف حيث ترتفع الحرارة وتهب الرياح الشديدة المحملة بالرمال.
فرسان المغول
في هذه البيئة القاسية، كانت هذه القبائل التي تعيش على الصيد والرعي تجري وراء المياه القليلة في "صحراء جوبي" التي يعني اسمها الجدب والفقر، وفي السهول بين الجبال وتعتلي المرتفعات وراء العشب والمرعى وكلما زحف الجفاف أو قلت الأعشاب انتقلوا إلى أرض مجاورة يدفعهم إلى ذلك تزايد عدد القطعان والماشية، وهذا الارتحال والتنقل هو القاعدة الطبيعية لحياتهم، وإذا احتبست الأمطار أو تعرضت المراعي للآفات وقلة الأعشاب تبعاً لذلك وجد الراعي نفسه أمام خطر فقدان ماشيته ـ وهي مصدر رزقه ـ ثم التعرض للمجاعة وهذا بدوره يدفعه إلى السرقة، والنهب والسلب ممن يجاورونه من السكان الذين يشتغلون في الزراعة، ومن هنا تقوم الحروب والغارات والاعتداءات والأخذ بالثأر، وبالرغم من وحدة أصول هذه الأقوام، إلا أنه كانوا ينقسمون إلى قبائل عديدة تتزايد أعدادها يوماً بعد يوماً بحكم انقسامها على نفسها وانفصالها عن بعض حاملة أسماء جديدة، تفرعت إليها وعرفت بها.