"حادث أديس أبابا" حين تخلى مبارك عن شعبه والتفت لنفسه فقط
الثلاثاء 26/يونيو/2018 - 10:01 ص
مريم مرتضى
طباعة
عايش العديد من رؤساء العالم حوادث اغتيال على مدار فترة حكمهم، ولكن كان لـ الرئيس الأسبق " محمد حسني مبارك " نصيب الأسد من تلك المحاولات، حيث حصل وحده على ثماني محاولات طيلة ثلاثة عقود جلس في على كرسي الحكم، وقد نختلف أو نتفق على عدد تلك المحاولات أو حقيقة بعضها، ولكن تبقى محاولة قتله في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا يوم 26 يونيو عام 1995م، وذلك أثناء استعداده للمشاركة فى القمة الأفريقية، هي المحاولة الأكثر تأثيرًا في علاقات مصر بأفريقيا والعالم، وعلى الرغم من مرور 23 عامًا على تلك الواقعة، إلا أنها ستظل واحدة من إحدى محطات التحول في حياة مبارك.
تعود تفاصيل الواقعة إلى ظهر يوم 26 يونيو 1995م، لحظة وصول الرئيس حسنى مبارك والوفد المرافق له إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا لحضور مؤتمر القمة الأفريقية الواحد والثلاثون، وبعدما تحرك موكب مبارك من المطار لمسافة حوالى 200 متر، وأمام مقر السفارة الفلسطينية قامت سيارة جيب باعتراض الموكب، وقفز منها عدد من الرجال المسلحين، وانبطحوا أرضاً واستمروا فى إطلاق النار على سيارة مبارك من مدافع رشاشة، كانوا يحملونها، بينما كان هناك مسلحان آخران يقفان على سطح منزل مجاور ويطلقان الرصاص، وقام حرس الرئيس بتصفية 5 من القتلة، وقرر مبارك العودة إلى المطار، خاصة أن الشواهد أكدت على وجود كمين آخر فى الطريق كان ينتظر الرئيس الأسبق.
وقد كانت محاولة الاغتيال الفاشلة تلك بمثابة نقطة تحول في تاريخ مصر، لأن مبارك انعزل عن الشعب أكثر وزاد الفساد أكثر، وظل التساؤل واضحا عن الرجل الثانى أو ضمان مصير أوضح للبلاد فى ظل الغموض، لكن مبارك تجاوز كل هذا وواصل السير فى نفس الطرق وأضاع المزيد من الفرص.
بعدما فشلت محاولة اغتياله فى أديس أبابا وعادت به الطائرة إلى القاهرة، كانت فى انتظاره مجموعة من القيادات الرسمية والشعبية لتهنئته بالنجاة، وحكى مبارك بفخر كيف أنه شاهد الجناة وهم يحاولون اغتياله، وأنه أمر السائق أن يصعد بالسيارة فوق الرصيف ويستدير عائداً بها إلى المطار.
ومن وقتها صب مبارك كل اهتمامه على أمنه الشخصى، من دون أن يهتم بتجديد نظامه وتحجج بمواجهة الإرهاب ليتجاهل الإصلاح السياسى، بينما الحديث عن الإصلاح الاقتصادى يتم برجل واحد، ومن دون رقابة أو متابعة أو مراعاة لتأثيرات الخصخصة على البلاد والتركيبة الاجتماعية.
وقد ذكر اللواء أبو الوفا رشوان، سكرتير مبارك السابق وأحد أهم مرافقيه حتى 2010م، في حديث سابق له، إن مبارك كانت عينه دائمًا على حراسه خلال أى مؤتمرات، ويتابع مدى التزامهم بقواعد تأمينه، وبعد الحادث تم منع وضع أى لمبات إضاءة فى مقدمة الصف الذى يجلس به، خلال أى مؤتمر أو احتفال، حتى يتمكن من متابعة أى شخص يتحرك أمامه، وكان ثلث الموجودين فى أى مؤتمر أو اجتماع جماهيرى من الحرس الجمهورى فى الزى المدنى، وانتهت عادة مبارك فى مصافحة من يحضرون اجتماعاته، وبدأ يقلل من مصافحة الحضور، وتم إقفال الدائرة عليه تمامًا بعدما تم تحديد دخوله وخروجه الاجتماعات التى يحضرها من خلال باب جانبى لا يمر فيه على الحاضرين فى القاعة، بعد أن كان موكبه يمر وسط الجماهير ويلوح لهم من سيارته.
الخبر في الصحف الأجنبية
وقد حظى الرئيس مبارك وقتها بتعاطف الشعب المصري الذي شاهده وهو يحكى بعد عودته يؤكد إيمانه بأن العمر واحد، وأنه واجه الموت كثيراً ولم يفقد أعصابه لحظة خلال الهجوم على موكبه وقد أمر سائق سيارته بكل هدوء بأن يعود إلى المطار ليستقل طائرته عائداً إلى مصر، ونجح الحزب الوطنى ومجلس الشعب والحكومة بوزارة إعلام صفوت الشريف في تحويل مشاعر المصريين وفرحتهم بنجاة الرئيس إلى زفة ومولد ودعوة لمبايعة مبارك لفترة رئاسية رابعة بالرغم من أنه كان قبل منتصف الفترة الثالثة.