"الأزهر رمز القاهرة" فما أسباب اختيار قلعة صلاح الدين لاحتفالات العيد القومي ؟
الجمعة 06/يوليو/2018 - 01:28 م
كتب: وسيم عفيفي ـ تصوير: سارة سيد
طباعة
لو كان هناك وجود في مصر للإيرانيين داخل مواقع التواصل الاجتماعي لهاجموا احتفالات القاهرة بعيدها القومي بمناسبة مرور 1049 سنة على تأسيسها، والسبب في ذلك هو اختيار قلعة صلاح الدين لتكون مكاناً للاحتفال؛ حيث أن أصل نشأة القاهرة كان على يد الفاطميين الشيعة الذين أبادهم صلاح الدين واستأصل وجودهم من مصر وأقام الدولة الأيوبية على أنقاض ملكهم.
رمزية الأزهر الغائبة عن مشهد احتفالات العيد القومي لمحافظة القاهرة
الجامع الأزهر
أول ما تأسس في القاهرة على يد الفاطميين كان الجامع الأزهر والذي اتخذته محافظة القاهرة لاحقاً شعاراً رسمياً لها، وأسس الفاطميون الجامع الأزهر ليكون معقلاً للفاطميين كدعوة شيعية ودولة سياسية وظل موجوداً حتى جاء صلاح الدين وأغلقه حتى يقضي على رمزية التشيع القابعة فيه، ثم تفرغ صلاح الدين لحكم الدولة الأيوبية في مصر عقب تشييده لقلعة الجبل التي سميت على اسمه لاحقاً.
قلعة صلاح الدين تأسست بعد القاهرة بـ 207 سنة، وبالتالي فإن اختفاء الأزهر عن احتفالات محافظة القاهرة بعيدها القومي يمثل تناقضاً حتى وإن كان الأزهر كمكان عبادة لا يصلح للاحتفال لكن كان من الأفضل أداء صلاة الجمعة فيه ثم استكمال باقي البرنامج الكرنفالي.
قلعة صلاح الدين تأسست بعد القاهرة بـ 207 سنة، وبالتالي فإن اختفاء الأزهر عن احتفالات محافظة القاهرة بعيدها القومي يمثل تناقضاً حتى وإن كان الأزهر كمكان عبادة لا يصلح للاحتفال لكن كان من الأفضل أداء صلاة الجمعة فيه ثم استكمال باقي البرنامج الكرنفالي.
"الناصر و الباشا" بين الأزهر والقاهرة مفارقات نوستالجية
صلاح الدين - محمد علي - القلعة والأزهر مع القاهرة
التناقضات نفسها هي التي جمعت محمد علي باشا بالقاهرة والأزهر، فالباشا جاء تعيينه بثورة شعبية قادها علماء الأزهر في مواجهة الدولة العثمانية حتى أجلسوه على عرش مصر، وبعد ذلك بـ 6 سنوات قام محمد علي نفسه بضرب علماء الأزهر عن طريق سياسة فرق تسد حتى يبدأ في تأسيس مصر الحديثة، تلك الضربة كانت القلعة جزءاً منها، حيث خطط منها لتقليل دور الأزهر ونفوذه، وليس هذا فحسب بل كانت القلعة أيضاً سبب ذعر أهل القاهرة حيث أنها شهدت إحدى أشهر المذابح السياسية في التاريخ وهي مذبحة المماليك.
من بيوت القاهرة زمن محمد علي باشا
كانت للقاهرة جزء كبير من تَرِكَة التطور التي وزعها محمد علي باشا على كل أرجاء المحروسة، فقبل عصره لم تكن القاهرة تعرف نظام رقمنة البيوت وتسمية الشوارع باللافتات حتى جاء هو ونظمها، فضلاً عن مشروعاته التي ساهمت في تأسيس مصر الحديثة والتي كانت القاهرة شاهدة عليها.
ففي العام 1827 م ردم محمد علي باشا البِرَك المنتشرة في القاهرة وأزال التعديات على النيل، كما قرر احتلال العشوائيات وإحلال حدائق بدلاً منها، مع توسيع الحواري والأزقة وإضاءتها، فضلاً عن تشييد القصور وإيجاد طرق جديدة للمواصلات.
ففي العام 1827 م ردم محمد علي باشا البِرَك المنتشرة في القاهرة وأزال التعديات على النيل، كما قرر احتلال العشوائيات وإحلال حدائق بدلاً منها، مع توسيع الحواري والأزقة وإضاءتها، فضلاً عن تشييد القصور وإيجاد طرق جديدة للمواصلات.
لماذا القلعة رغم أنه لا صلة لها بتأسيس القاهرة ؟
قلعة الجبل
تفاصيل أخبار جريدة الأهرام والتي جاءت في كتاب "جمال عبدالناصر وعصره" للمؤلف عادل غنيم يعطي تفاصيل غريبة عن أول عيد ألْفِيٍ للقاهرة حيث كان في العام 1969 م، حين احتفلت مصر بالذكرى الـ 1000 على تأسيس القاهرة، ورغم أن هذا الكرنفال ساهم في معرفة مصر بالمعرض الدولي للكتاب وتم إطلاق عدد من الحفلات في وكالة الغوري، لكن أعظم حفل لهذه المناسبة لم يكن في القاهرة أصلاً وإنما بالمسرح الروماني في الإسكندرية وبمشاركة فرقة بولندية وليست مصرية؛ وبالتالي فليس هذا طقساً جديداً في طريقة الاحتفالات بتأسيس القاهرة أن تتم في مكان لا علاقة له بتاريخها.
يبدو في احتفال هذا العام 2018 م بمناسبة الذكرى الـ 1049 م مقبولاً بعض الشيء من الناحية التاريخية، نظراً لأن قلعة الجبل على مدار تاريخها كانت هي قاعة رسمية لاحتفالات مؤسسات الدولة بأي ذكرى تمر على مصر، مثل احتفالات وفاء النيل على مدار العصر المملوكي والذي امتد إلى عهد محمد علي باشا، وكذلك كانت مقراً لاحتفالات مصر العسكرية كهذا الاحتفال الذي نُظِم ابتهاجاً بأسر عبدالله بن سعود آخر أمراء الدولة السعودية الأولى في حرب مصر ضد الوهابية.