أخطاء مسلسل أرطغرل .. كيف يزيف الأتراك التاريخ الإسلامي من أجل مصلحتهم ؟
الخميس 26/يوليو/2018 - 01:31 م
وسيم عفيفي
طباعة
* كيف يؤثر مسلسل أرطغرل في تركيا ؟
*أخطاء مسلسل أرطغرل تاريخياً
*حقيقة شخصية أرطغرل في التاريخ
*أخطاء مسلسل أرطغرل تاريخياً
*حقيقة شخصية أرطغرل في التاريخ
لم تكن هناك لفتة على الذهن التركي أو العربي حول اسم “أرطغرل” قبل المسلسل، إلا من خلال العمل الدرامي التركي البوليسي الشهير “وادي الذئاب” في الجزء التاسع، والذي بدأ قبل عرض أول موسم من مسلسل قيامة أرطغرل بـ 4 أشهر.
تأثير المسلسل في تركيا سياسياً وفنياً
قيمة المسلسل الحقيقية أنها عززت الهوية لدى الأتراك بشتى أطيافهم سواءً كانت صوفية لأنه تناول شخصية الشيخ محي الدين بن عربي، أو علمانية كون أن المسلسل يتطرق للحقوق وخرجت الأحزاب المعارضة في أحداث انقلاب يوليو 2017 بتركيا.
رقص الناس على موسيقى المسلسل الذي يتكلم عن المؤامرة على تركيا، كما لاقى المسلسل إعجاب الحركات الإسلامية حيث أنه يرسخ لمبادئ الجهاد من أجل الدين، وبعيداً عن سياق تأثير المسلسل درامياً ، لكن هناك حقائق تاريخية حول الشخصية، وأخطاء وقع فيها هذا العمل.
تبرز أهمية مسلسل أرطغرل أنه من المسلسلات التي جاءت في فترة اعتمدت الدراما التركية على تزييف تاريخ الدولة العثمانية، من خلال مسلسل “حريم السلطان”، ومع الانتقاد جاءت الدراما لتتناول الفترة العثمانية بإنتاج ضخم لمسلسلات متعددة بعضها فشل مثل مسلسل “الفاتح”، والآخر نجح مسلسل السلطان عبدالحميد، ومسلسل السلطانة كُوسُم.
أوكتاي كاينارجا وبطل مسلسل أرطغرل
نجح المسلسل في منافسة دراما الأكشن مثل مسلسلات وادي الذئاب للممثل نجاتي شاشماز، ومسلسل قطاع الطرق لن يحكموا العالم لنجم التمثيل الأول في تركيا أوكتاي كاينارجا.
أخطاء مسلسل أرطغرل
أفيش مسلسل أرطغرل
رغم الانتاج الضخم لمسلسل “قيامة أرطغرل” والذي وصل إلى مليون ونصف المليون دولار شهرياً، ورغم الإبداع الفني للمؤلف محمد بوزداغ، والمخرج متين غوناي، والموسيقار آلباي غوكتكين، لكن وقع المسلسل في أخطاء فنية مثل المبالغة في بطولة أرطغرل وجعله “هيرو”، لكن الأخطاء التاريخية كانت بارزة .
أبرز تلك الأخطاء عدم التوثيق لمعارك قبيلة قايي، وبالتالي فهو مسلسل في ظاهره تاريخي، لكن في باطنه يتسم بطابع الحكايات الشعبية.
و أسوأ أخطاء المسلسل، التعصب للعرق التركي بطريقة فجة، حيث يوصل المسلسل رسالة وهو أن الأتراك هم درع الإسلام والأمة، في تجاهل كبير للعرب والأيوبيين والمماليك الذين قاوموا الصليبين والتتار، بل يبالغ المسلسل حيث يصور قبيلة قايي أنها الداحرة للصليبيين والمحاربة للمغول.
أغفل المسلسل بطريقة عجيبة، دور العرب على ساحة الجهاد، فمثلاً أظهر المسلسل مدينة حلب كبلد تتبع التركمان، ولم يتكلم عن العرب الذين كانوا أهل هذه البلدة أصلاً والسبب في ذلك أن حاكمها تركي.
كذلك فإن الإساءة المبالغ فيها للدولة الأيوبية والتي تجسدت في مشهدين لا يرتقيان لمستوى الاحترام، وهو نفس التناول الذي كان للأيوبيين والعرب والدولة العباسية التي كان السلاجقة يحترمونها، وأغفل المسلسل مرحلة جلال الدين منكبرتي وفلول الخوارزميين الذين قاموا بالجهاد ضد بقايا الصليبيين والتتار في نفس منطقة إقامة قبيلة قايي.
كذلك فإن دور شخصية الشيخ الصوفي الأكبر محي الدين بن عربي، وعلاقتها بالبطل، حيث أن المسلسل يصور العلاقة الصوفية التي جمعت بين أرطغرل ومحي الدين بن عربي، والتي لم تكن، لكن الحقيقة التاريخية هي أن الرجلين لم يلتقيا لأن بن عربي كان يقيم في دمشق، بينما أرطغرل أقام في أطراف حلب، وكل الكتب المحبة والمعارضة لابن عربي لم تتكلم عن أرطغرل وحتى بن عربي نفسه لم يذكره بشيء طيلة حياته .
أرطغرل في التاريخ
مدخل مقبرة أرطغرل
الإمساك بمراجع تاريخية موثوقة حول تاريخ أرطغرل زعيم قبيلة قايي التابعة لأتراك الأوغوز ووالد مؤسس الدولة العثمانية، يعتبر أمراً صعباً على المؤرخين والباحثين نظراً لعدم وجود مؤرخين بيزنطين أو مسلمين تناولوا شخصيته.
وبالتالي فإن كل مصادر المعلومات حول أرطغرل من التاريخ العثماني القديم مثل بهجة التواريخ للمؤرخ العثماني شكر الله، وكتاب تواريخ آل عثمان للمؤرخ العثماني عاشق زاده، والمراجع العثمانية في نظر المحققين لا تعتبر تأريخاً موثوقاً فيه لحياة أرطغرل، كون أن الأسطورة الشعبية تغلب على سياق الأحداث.
ولد أرطغرل يوم أن سقطت الدولة العباسية في يد التتار، وبدأ ظهوره على الساحة عند موت أبيه غرقاً وهو يهرب من التتار، وكان بالقرب من مكان موت أبيه جيشان يشتبكان وأوشكت المعركة على النهاية، فنزح أرطغرل برجال قبيلته للوقوف بجانب الجيش المغلوب قبل أن تسحقه الهزيمة.
كانت المعركة الدائرة بين جيشين هما، جيش يوحنا دوكاس فتاتزيس إمبراطور دويلة نيقية التي أسسها البيزنطيون عقب سقوط القسطنطينية زمن الحملة الصليبية الرابعة، وجيش علاء الدين كيقباد سلطان سلاجقة الأناضول، فشارك أرطغرل غازي في القتال الدائر إلى جانب علاء الدين كيقباد الأول ثم عينه رئيساً للمحاربين المهاجمين وزاد له في الأراضي وأكرم قبيلته بأن منحهم مبيت شتوي في بلدة سكود، ومبيت صيفي في بلدة دومانيتش.
ومع السلاجقة بزغ نجم أرطغرل وتحول من أمير للجيوش إلى رئيس لمناطق الحدود، واستمر ولاؤه للسلاجقة حتى مات عن عمر 90 عاماً بعد أن سلم قيادة قبيلة قايي إلى نجله عثمان، والذي سار على نهج أبيه وتفوق عليه حيث أسس الدولة العثمانية التي ظلت تحكم العالم الإسلامي 600 سنة.