دير الأنبا بيشوي .. هنا يرقد البابا شنودة الثالث
الأحد 05/أغسطس/2018 - 06:01 م
محمد وجيه
طباعة
كان دير "الأنبا بيشوي" بصحراء وادي النطرون بالبحيرة، هو المكان المفضل على الإطلاق لإقامة البابا شنودة، ففى هذا الدير علم بنبأ انتخابه بطريرك للكنيسة القبطية فى نوفمبر 1971، وفيه أيضا قضى أكثر من سنتين رهنا للإقامة الجبرية، بعد قيام الرئيس السادات بالتحفظ عليه على خلفية أحداث الفتنة الطائفية بالزاوية الحمراء.
وكان البابا شنودة يقيم ثلاثة أيام فى الأسبوع بهذا الدير طوال السنوات الماضية وحتى وفاته، وأقام فيه مقرا باباوى لإدارة شئون الكنيسة، وعقد فيه أهم الاجتماعات المصيرية مع قيادات الكنيسة والرهبان، وقد اعتكف البابا مرات عديدة فى دير"الأنبا بيشوى" احتجاجا على ما يواجهه الأقباط من عنف طائفي، مثل تفجير كنيسة القديسين، وإحداث الفتن الطائفية، لتوجيه رسائل للنظام بوجوب المحافظة على الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين.
مزار البابا شنودة
ونصت الوصية التى تركها البابا شنودة بدفن جثمانه فى دير"الأنبا بيشوى" بوادي النطرون تصديقا على مدى عشقه لهذا المكان.
ويعد دير الأنبا بيشوى من أهم المناطق الأثرية بمصر، فيرجع تاريخ إنشائه إلى القرن الرابع عشر، وهو أكبر أديرة وادى النطرون، وتبلغ مساحته نحو فدانين، ويضم خمس كنائس، أكبرها "كنيسة الأنبا بيشوى" بجانب مبنى للضيافة وحديقة واسعة ومكتبة، وفيه العديد من الأماكن الأثرية المميزة، مثل المائدة الأثرية، وبئر الشهداء، بجانب العديد من الأماكن التى يقطن بها الرهبان.
يعود إنشاء دير الأنبا بيشوي في بداياته الأولى كتجمع رهباني بقيادة الأنبا بيشوي إلى أواخر القرن الرابع الميلادي، وعاصر بناؤه القديس مقار الكبير. وكان آنذاك عبارة عن مجموعة قلالي (وهي مساكن الرهبان) وكنيسة في الوسط تحيط بالمغارة الصخرية التي عاش فيها الأنبا بيشوي وذلك دون بناء أسوار.
القلالي الحديثة مبنية على طراز القلالي القديمة
دُمرت هذه الكنيسة في القرن الخامس الميلادي بسبب غارة على الأديرة من الليبيين البدو عام 407 (منذ 1611 سنة) وعلى الرغم من إعادة بناءها؛ إلا أنها دُمرت مرة أخرى في الغارتين التاليتين عامي 434 (منذ 1584 سنة) و444 (منذ 1574 سنة).
تعرض أيضاً هذا الدير للتخريب أثناء غارة رابعة للبربر قرب نهاية القرن السادس الميلادي، على التجمعات الرهبانية بوادي النطرون، وكانت مبانيه الأساسية آنذاك هي الكنيسة والحصن. وقد أعيد بناؤهما في عهد البابا بنيامين الأول عام 645 (منذ 1373 سنة).
وفي عام 817 م، تخرب الدير مرة أخرى أثناء غارة البربر الخامسة، ولكن تم تعميره وإصلاحه في عهد البابا يعقوب الأول، وأكل تعميره البابا يوساب الأول وأعاد أجساد القديسين الأنبا بيشوي والأنبا بولا الطموهي إلى الدير، كما أعاد بناء الكنيسة والدير بصفة عامة. لذا؛ فإن المبنى الرئيسي لكنيسة الدير الرئيسية الحالية يرجع إلى عام 840 م.
منظر عام للسور المحيط بالدير
وفي عام 1069 (منذ 949 سنة)، تعرض الدير لغزو البربر اللواتيين، وفي عام 1319 م، تم ترميم الدير في عهد البابا بنيامين الثاني، وقد دفن في الجهة القبلية بالكنيسة الكبرى بالدير، وقد زار الدير عدد من الرحالة والمؤرخين الذين كتبوا عنه، أمثال المقريزي في القرن الخامس عشر الميلادي، وقد قال عنه أنه: كبير جدًا، ولكن لا يوجد شيء على حالته.
وفي عهد البابا شنودة الثالث، قام بحركة تجديد واسعة للدير، فقد أمر بتجديد القلالي، وأعاد ترميم بئر الماء الذي غسل فيه البربر سيوفهم بعد أن قتلوا شيوخ شهيت التسعة والأربعون، كما أضاف للدير قرابة 300 فداناً من الصحراء المحيطة به لأجل استصلاحها، بالإضافة إلى القلاية البطريركية الخاصة به، وأمر كذلك بإدخال الكهرباء للدير، يُذكر أنه قد تم طبخ وإعداد زيت الميرون في الدير خمس مرات من سبعة في عهده، وذلك في أعوام 1981 و1987 و1990 و1995 و2008 في عهده، لتوزيعه على الكنائس القبطية في مصر وخارجها.