"يا حاج سلامات".. أغاني الحج رفيق الحجيج المصري في رحلة الأرض المقدسة
الأحد 19/أغسطس/2018 - 10:31 ص
إسلام مصطفى
طباعة
"يا فاطمة يا فاطمة يا بنت نبينا افتحيلنا الباب يا فاطمة أبوكي داعينا"
من منا لم يتردد على مسامعه تلك الكلمات لاسيما مع اقتراب موسم الحج، فالفلكور الشعبي زاخر بأغاني الحج، التي كان يرددها الحجيج في طريقهم للأراضي المُقدسة، وبحسب الإشارات التاريخية فتلك الأغاني، تعود إلى جذور تاريخية بعيدة، ولما كانت الموسيقى لها أهمية كُبيرة في عوالم العقائد، فاستعانت العديد من العقائد بالموسيقى لبث الإيمان في النفوس، ولاسيما المُسلمين، برغم الفتاوى الكثيرة التي تُحرم الموسيقى إلا أن الموسيقى استطاعت أن تظل حية في قلوب الحجيج، لاسيما وأن الغناء والموسيقى مهمين في رحلة الاغتسال من الذنوب ذهابًا وعودة.
من حداء العرب بدأت الحكاية
توارث العرب فكرة أغنيات الفلكلور الشعبي في رحلة الحج، من فن الغناء العربي القديم، المعروف بـ"الحداء"، الذي استوجب وجوده الرحلات الشاقة التي دفعت العرب إلى البحث عن وسيلة لتقليل المشاق فكانت نغمات منداحة، بحسب إشارة إبراهيم حلمي في كتابه، "كسوة الكعبة المُشرفة وفنون الحجاج".
وفي هذا السياق أورد حسين نصَّار، في كتابه "الشعر الشعبي العربي"، عن فن الحداء قائلًا: "إذا كنا لا نزال نرى راكب الجمل أو الناقة يشغل وقته في رحلته مُتغنيًا.."، وبحسب الأصفهاني في كتابه الأغاني، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم، طلب مداحه حسان بن ثابت في سفر له لكي يحدو، فجعل ينشر ويصغى إليه النبي ويستمع، فما زال يسمع إليه وهو سائق راحلته حتى كاد رأس راحلته يمس الورك، حتى فرغ من نشيده، فقال النبي: لهذا أشد عليهم من وقع النُبل.
من منا لم يتردد على مسامعه تلك الكلمات لاسيما مع اقتراب موسم الحج، فالفلكور الشعبي زاخر بأغاني الحج، التي كان يرددها الحجيج في طريقهم للأراضي المُقدسة، وبحسب الإشارات التاريخية فتلك الأغاني، تعود إلى جذور تاريخية بعيدة، ولما كانت الموسيقى لها أهمية كُبيرة في عوالم العقائد، فاستعانت العديد من العقائد بالموسيقى لبث الإيمان في النفوس، ولاسيما المُسلمين، برغم الفتاوى الكثيرة التي تُحرم الموسيقى إلا أن الموسيقى استطاعت أن تظل حية في قلوب الحجيج، لاسيما وأن الغناء والموسيقى مهمين في رحلة الاغتسال من الذنوب ذهابًا وعودة.
من حداء العرب بدأت الحكاية
توارث العرب فكرة أغنيات الفلكلور الشعبي في رحلة الحج، من فن الغناء العربي القديم، المعروف بـ"الحداء"، الذي استوجب وجوده الرحلات الشاقة التي دفعت العرب إلى البحث عن وسيلة لتقليل المشاق فكانت نغمات منداحة، بحسب إشارة إبراهيم حلمي في كتابه، "كسوة الكعبة المُشرفة وفنون الحجاج".
وفي هذا السياق أورد حسين نصَّار، في كتابه "الشعر الشعبي العربي"، عن فن الحداء قائلًا: "إذا كنا لا نزال نرى راكب الجمل أو الناقة يشغل وقته في رحلته مُتغنيًا.."، وبحسب الأصفهاني في كتابه الأغاني، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم، طلب مداحه حسان بن ثابت في سفر له لكي يحدو، فجعل ينشر ويصغى إليه النبي ويستمع، فما زال يسمع إليه وهو سائق راحلته حتى كاد رأس راحلته يمس الورك، حتى فرغ من نشيده، فقال النبي: لهذا أشد عليهم من وقع النُبل.
كما أن حسين نصار أشار إلى أقاويل تؤكد أن النبي حينما دخل مكة مُعتمرًا، في عُمرته عقب صلح الحديبية بعام، مُصطحبًا عبد الله بن رواحة، مُرددًا "خلوا بني الكفار غن سبيله.. خلوا فكل الخير في رسوله.. يا رب إني مؤمن بقيله.. اعرف حق الله في قبوله"، فجميع تلك الشواهد تُخبرنا أنه ليس غريبًا على الإطلاق أن يخرج من الحضارة العربية المغنون المرافقين قوافل الحج الإسلامية، سواء أكانت نغمات الحِداء أو الأغاني التالية عليها التي استحدثها الإنسان العربي، في البوادي والمُدن، أو تلك التي ظهرت في العصر الحديث.
واشتهر عدد كبير من المُغنيين العرب مُنذ عصر عمر بن الخطاب وحتى الدولة الأموية وما تلاها، على رأسهم عبيد بن سريج، وحنين بن بلوع الحادي وسالم الحادي وأبو المحكم عوف ومخارق بن يحيى الجزار، مولى الرشيد في الدولة العباسية، ووفقًا لما لإبراهيم حلمي، راويًا أن عمرو بن أبي ربيعة لأبي يحيى، "إني تفكرت في رجوعنا إلى مكة مع كثرة الزحام والغبار وجلبة الحاج فقل علي، فهل لك أن نروح رواحًا طيبًا مُعتزلًا.."، وحين انتشيا بعدما أكلوا أخذ "ابن سريج" الدُف ونقره وراح يغني وهم ينظرون إلى الحجاج.. ومن بين ما غنى "ابن سريج":
"ألا يا غراب البين مالك كلما.. نعبت بفقدان عليّ تحوم.. أبا البين من عفراء أنت مخبري.. عدمتك من طير غأنت مشوم".
وظلت تلك العادة متوارثة في العصور المُتتالية بحسب ما أشار الأصفهاني في كتابه "الأغاني" الذي روى فيه قصة حدثت في عصر هشام بن عبد الملك، حتى أنه في العصر العباسي أورد الرواة أن الخليفة "أبا جعفر المنصور"، حدا به في بعض حجاته "سالم الحادي" قائلًا:
أبلج بين حاجبيه نوره..
إذا تغدى رفعت ستوره..
كما أنشد "أبي زيد الشروجي" قائلًا:
ما الحج سيرك تأويبًا وإدلاجًا..
ولا اعتيامك أجمالًا وأحداجا..
البصمة المصري في أغاني الحج الفلكلورية
واشتهر عدد كبير من المُغنيين العرب مُنذ عصر عمر بن الخطاب وحتى الدولة الأموية وما تلاها، على رأسهم عبيد بن سريج، وحنين بن بلوع الحادي وسالم الحادي وأبو المحكم عوف ومخارق بن يحيى الجزار، مولى الرشيد في الدولة العباسية، ووفقًا لما لإبراهيم حلمي، راويًا أن عمرو بن أبي ربيعة لأبي يحيى، "إني تفكرت في رجوعنا إلى مكة مع كثرة الزحام والغبار وجلبة الحاج فقل علي، فهل لك أن نروح رواحًا طيبًا مُعتزلًا.."، وحين انتشيا بعدما أكلوا أخذ "ابن سريج" الدُف ونقره وراح يغني وهم ينظرون إلى الحجاج.. ومن بين ما غنى "ابن سريج":
"ألا يا غراب البين مالك كلما.. نعبت بفقدان عليّ تحوم.. أبا البين من عفراء أنت مخبري.. عدمتك من طير غأنت مشوم".
وظلت تلك العادة متوارثة في العصور المُتتالية بحسب ما أشار الأصفهاني في كتابه "الأغاني" الذي روى فيه قصة حدثت في عصر هشام بن عبد الملك، حتى أنه في العصر العباسي أورد الرواة أن الخليفة "أبا جعفر المنصور"، حدا به في بعض حجاته "سالم الحادي" قائلًا:
أبلج بين حاجبيه نوره..
إذا تغدى رفعت ستوره..
كما أنشد "أبي زيد الشروجي" قائلًا:
ما الحج سيرك تأويبًا وإدلاجًا..
ولا اعتيامك أجمالًا وأحداجا..
البصمة المصري في أغاني الحج الفلكلورية
وبالطبع مصر دائمًا يكون لها طابع خاص في كل الفنون لاسيما ما يتعلق بروحانيات الدين الإسلامي، ولأن الشعب المصري علاقته بالله دائمًا علاقة حب وعشق في المقام الأول فاختاروا الموسيقى والأغاني لتُلهب مشاعر الحجيج خلال رحلة الاغتسال من الذنوب، ومُنذ عصر المماليك تربعت الموسيقى والأغاني والأشعار على عرش تشكيل وجدان المصريين، لاسيما وأنها حملت حوت الأحداث التاريخية المُتعلقة برحلات قوافل الحج الذاهبة والعائدة من وإلى الأراضي المُقدسة.
من ذلك ما أشار إليه "ابن إياس" في كتابه "بدائع الزهور في وقائع الدهور"، عن الحادثة التي تم خلالها نهب وقتل بعض الحجاج أثناء رحلتهم إلى مكة، والتي وقعت في عصر السلطان المملوكي بيبرس، ذاكرًا أنه آنذاك هرب أمير المحمل الأمير "بورى"، وقال فيها "المعمار": "لقد أخذوا الحجاج في عام سبعة.. وسبعين حقًا بعد نهب تمكنا، وبحسب "ابن إياس" فالمصريين لم تفتهم فائته خلال ذهاب أو عودة المحمل المصري الذي يحمل كسوة الكعبة، ويصاحبه قافلة الحجاج المصريين، ليتغنوا عنها، كما أنه وصف موكب خروج زوجة السُلطان قايتباي للحج في عام 1375م، قائلًا: "قدامها من الحداة أربعة".
ولم يكتف المصريين بالأغاني فحسب، بل استخدموا الآلات الموسيقية منها بحسب عبد القادر الجزيري في "درر الفرائد المنظمة"، الكوسات، والدفوف بحسب "ابن إياس"، فيما أورد الجبرتي، أن الزمور بدأت تصاحب الدفوف في العصر العثماني، ورغم تسبب الزمور والطبول في أزمة بين الوهابيين الذين يحرمون الموسيقى وبين حجاج المحمل المصري، إلا ان المصريين لم يتوقفوا عن استخدامها، وسيرًا على ما كان عليه السلف، نجد أنه خلال عصر محمد علي باشا استمرت الموسيقى والأغاني ظلت تؤدي دورها خلال الاحتفال بموكب المحمل المصري.
وفي ذلك وصف "إدوارد وليم لين" في كتابه "المصريون المُحدثون"، أن المصريين كانوا يخرجون حاملين الآلات الموسيقية بالطبول والزمور.."، فيما ذكر "جيرار دي نرفال" مع الآلات الموسيقية أبواقًا، ولم يُحدد نوعها.
واشتهر الحجاج المصريين بمجموعة من الأغاني الشعبية المميزة، التي حفظها أطفال الحجاز، للدرجة التي جعلتهم يستقبلون بها الحجاج المصريين، فكانوا يغنون:
"يا حاج.. سلامات
يافندي سلامات
يابويا.. سلامات
إن شاء الله سلامات
إن شاء الله عرفات
إن شاء الله بركات".
ومنهم من غنى:
"حج حجيج بيت الله
والكعبة ورسول الله".
وبحسب ما أورد إبراهيم حلمي، في كتاب "كسوة الكعبة وفنون الحجاج"، كانت الأجواء المُصاحبة لتوديع كسوة الكعبة المُشرفة والمُسافرين إلى الحج، يتم في حفل يتبارى فيه المطربين والمُنشدين.. وكان للحج أغنية شعبية مشهورة ترددها النساء في أداء جماعي يقولن فيها:
يا هناه اللي انوعد
فترد الجماعة: يا هناه.. يا هناه اللي اتوعد..
ياليلة أن برزوا وباتوا لبره وبات قلبي في حنين..
ويطلب من الله يرجعوا سالمين بنصرة الله..
يا هناه اللي اتوعد..
وهناك أغنية أخرى والتي غنتها الفنانة فاطمة عيد، تقول:
بعيدة بعيدة يا طريج "طريق" النبي..
بعيدة بعيدة..
بعيدة بعيدة.. وإن عطاني ربي لأروحلك سعيدة..
ولا مال معايا خاطر أزور النبي ولا مال معايا..
وأورد أحمد مرسي في كتاب "الأغنية الشعبية مدخل إلى دراستها"، أغنية أخرى تقول:
صغير بشوشة.. حج منا جدع.. صغير بشوشة..
وزعقته في الجبل.. بتبعد الوحوشة..
صغير وزينة.. حجمنا جدع.. صغير وزينة..
وزعقته في الجبل.. ترج المدينة..
وسيرًا على نفس النهج، بدأ صناع الفن بتسجيل أغاني للحج، حيث يعود الفضل في حفظ تراث الحج إلى شركتي "مصر للتمثيل" و"الملاحة المصرية"، لاسيما عقب افتتاح الإذاعة المصرية، والتي اهتمت بتقديم أغان الحج، وكانت شركة الملاحة وفرت باخرتي "كوثر" و"زمزم" لنقل الحجاج من ميناء السويس إلى جدة، وآنذااك سخرت شركة "مصر للتمثيل والسينما" إمكاناتها لإنتاج بعض أغاني الحج، مُستعينة في ذلك بالمشايخ والملحنيين، على رأسهم الكحلاوي الذي غنى "اشتياق الحجيج" الأشهر عام 1936، وغيره من المطربين الذين غنوا أغاني الحج، ومنها أغنية "رايحة فين يا حاجة" لفاطمة عيد، وأغنية "هذا الحجيج أقبل" للمطربة اللبنانية لورد دكاش، و"ذهاب الحجيج" لنجاة علي، و"خدوني معاكم" و"سالمة يا سلامة" اللتين غناهما جابر العزب، ومن أشهر الأغاني ما غنته ليليى مراد "يا رايحين للنبي الغالي".
ولم يكتف المصريين بالأغاني فحسب، بل استخدموا الآلات الموسيقية منها بحسب عبد القادر الجزيري في "درر الفرائد المنظمة"، الكوسات، والدفوف بحسب "ابن إياس"، فيما أورد الجبرتي، أن الزمور بدأت تصاحب الدفوف في العصر العثماني، ورغم تسبب الزمور والطبول في أزمة بين الوهابيين الذين يحرمون الموسيقى وبين حجاج المحمل المصري، إلا ان المصريين لم يتوقفوا عن استخدامها، وسيرًا على ما كان عليه السلف، نجد أنه خلال عصر محمد علي باشا استمرت الموسيقى والأغاني ظلت تؤدي دورها خلال الاحتفال بموكب المحمل المصري.
وفي ذلك وصف "إدوارد وليم لين" في كتابه "المصريون المُحدثون"، أن المصريين كانوا يخرجون حاملين الآلات الموسيقية بالطبول والزمور.."، فيما ذكر "جيرار دي نرفال" مع الآلات الموسيقية أبواقًا، ولم يُحدد نوعها.
واشتهر الحجاج المصريين بمجموعة من الأغاني الشعبية المميزة، التي حفظها أطفال الحجاز، للدرجة التي جعلتهم يستقبلون بها الحجاج المصريين، فكانوا يغنون:
"يا حاج.. سلامات
يافندي سلامات
يابويا.. سلامات
إن شاء الله سلامات
إن شاء الله عرفات
إن شاء الله بركات".
ومنهم من غنى:
"حج حجيج بيت الله
والكعبة ورسول الله".
وبحسب ما أورد إبراهيم حلمي، في كتاب "كسوة الكعبة وفنون الحجاج"، كانت الأجواء المُصاحبة لتوديع كسوة الكعبة المُشرفة والمُسافرين إلى الحج، يتم في حفل يتبارى فيه المطربين والمُنشدين.. وكان للحج أغنية شعبية مشهورة ترددها النساء في أداء جماعي يقولن فيها:
يا هناه اللي انوعد
فترد الجماعة: يا هناه.. يا هناه اللي اتوعد..
ياليلة أن برزوا وباتوا لبره وبات قلبي في حنين..
ويطلب من الله يرجعوا سالمين بنصرة الله..
يا هناه اللي اتوعد..
وهناك أغنية أخرى والتي غنتها الفنانة فاطمة عيد، تقول:
بعيدة بعيدة يا طريج "طريق" النبي..
بعيدة بعيدة..
بعيدة بعيدة.. وإن عطاني ربي لأروحلك سعيدة..
ولا مال معايا خاطر أزور النبي ولا مال معايا..
وأورد أحمد مرسي في كتاب "الأغنية الشعبية مدخل إلى دراستها"، أغنية أخرى تقول:
صغير بشوشة.. حج منا جدع.. صغير بشوشة..
وزعقته في الجبل.. بتبعد الوحوشة..
صغير وزينة.. حجمنا جدع.. صغير وزينة..
وزعقته في الجبل.. ترج المدينة..
وسيرًا على نفس النهج، بدأ صناع الفن بتسجيل أغاني للحج، حيث يعود الفضل في حفظ تراث الحج إلى شركتي "مصر للتمثيل" و"الملاحة المصرية"، لاسيما عقب افتتاح الإذاعة المصرية، والتي اهتمت بتقديم أغان الحج، وكانت شركة الملاحة وفرت باخرتي "كوثر" و"زمزم" لنقل الحجاج من ميناء السويس إلى جدة، وآنذااك سخرت شركة "مصر للتمثيل والسينما" إمكاناتها لإنتاج بعض أغاني الحج، مُستعينة في ذلك بالمشايخ والملحنيين، على رأسهم الكحلاوي الذي غنى "اشتياق الحجيج" الأشهر عام 1936، وغيره من المطربين الذين غنوا أغاني الحج، ومنها أغنية "رايحة فين يا حاجة" لفاطمة عيد، وأغنية "هذا الحجيج أقبل" للمطربة اللبنانية لورد دكاش، و"ذهاب الحجيج" لنجاة علي، و"خدوني معاكم" و"سالمة يا سلامة" اللتين غناهما جابر العزب، ومن أشهر الأغاني ما غنته ليليى مراد "يا رايحين للنبي الغالي".