أسيوط أقرب اليك من مستشفيات الوادى الجديد جملة يرددها أبناء بلد تنامت فيه الأمراض وتكاثرت أنواعها واستفحلت الأمراض المستعصية بها .. في وقت وصلت فيه مستشفيات الوادى الجديد الى حالة من التردي والإسفاف الشديدين.. مبان شاهقة لها هيبتها، لكن هذه الهيبة التى تتجسد في شكل المستشفيات وروعة مبانيها تتلاشى بعد لحظات من دخولك إياها واكتشافك تدنى مستوى العملية الطبية بها.
المنظومة الطبية والمستشفيات الحكومية الموجودة بمحاافظة الوادي الجديد تعانى من تدني المستوي الصحي بها، المرضى فقدوا الثقة في اطبائها مما ادى الى عزوفهم عن العلاج بمستشفياتها. وأصبح دور المستشفى الرئيسي تحويل الحالات المرضية إلى مستشفى أسيوط الجامعي أو إلى مستشفيات القاهرة ، فمستشفى الخارجة العام أحد اكبر مستشفيات الوادى الجديد تم تطويره في عهد رئيس الوزراء السابق ابراهيم محلب بمبلغ إجمالي وقدره 60 مليون جنيه وتم إحضار أحدث الأجهزة الطبية إليه وإفتتحه الدكتور عادل العدوي وزير الصحة في حكومة محلب الثانية في العام 2014 ، بالإضافة إلى تعاقد مديرية الصحة بالمحافظة مع شركة أمن ونظافة بمبلغ 12 مليون جنيه في السنة الواحدة من أجل حماية المستشفيات والحفاظ على نظافتها .
وعلى الرغم من عمليات الصيانة والتطوير الكبيرة للمستشفى إلا أن معاناة أهالي المحافظة لا زالت مستمرة نظراً لأن المشكلة ليست في المستشفيات الشاهقة أو في جمال ونظافة مبانيها بل في نقص الكوادر الطبية وعدم خبرة أطبائها بالإضافة إلى عزوف الأطباء الجدد عن القدوم للمحافظة لطبيعة جوها الصحراوي ولبعدها عن محافظات وادي النيل .
تقول سامية محمد عبدالله من أبناء مدينة الخارجه لــ حق المواطن : مستشفيات الوادى الجديد فقدت دورها ونحن لانثق بها وأخشى على نفسي وعلى أولادى من العلاج بها، فالاطباء ليس لديهم أدنى خبرة وليس هناك استشاريين أو اخصائيين والاطباء أصبح دورهم تحويل المرضى لمستشفى أسيوط الجامعى وأسيوط أقرب إلينا من مستشفى الخارجة العام، وأنا أعتبر أن للاسعاف الدور الأكبر في علاج أبناء الوادى الجديد
مستشفى الداخلة المركزي أيضاً تعانى من نقص حاد في الإجهزة والكوادر والتخصصات الطبية المختلفة فضلًا عن الإهمال الجسيم فى عنابر المرضي والاقسام والعيادات الخاصة بالكشف علي المرضي فأصبحت عنابر حجز المرضي مرتعًا للقطط التي اتخذت من العنابر مقرا دائما لها دون ان يحرك ساكنا من القائمين علي ادارة المستشفى.
من جانبه يقول أحمد زيدان من اهالي مدينة بلاط: مستشفى بلاط المركزي يفتقر للاجهزة والتخصصات الطبية ولا يوجد به إلا طبيب ممارس عام ووظيفته الوحيدة في المستشفي تحويل المرضي الي مستشفي الداخله المركزي والذي يقوم بدوره بتحويل المرضي لمستشفيات اسيوط لدرجة أننا نرى سيارات الإسعاف على الطريق اكثر من رؤيتنا للسيارات الأخرى، فسيارات الاسعاف التى تخرج من المحافظة تتعدى العشرون سيارة في اليوم الواحد.
أما مستشفى الفرافرة المركزى فحدث ولا حرج، فلم يعد يطلق عليه أبناء مدينة الفرافرة أسم مستشفى فمنهم من يطلق عليه مقبرة الموت ومنهم من يقول مصيدة الموت المستشفى تحولت إلى ترانزيت لتحويل المرضى إلى مستشفى الداخلة ومستشفيات أسيوط والقاهرة، بسبب نقص الخدمات الصحية والكوادر والتخصصات الطبية العادية بجانب عدم وجود أقسام طبية هامة منها قسم الصدر والرمد والأنف والأذن والحنجرة بجانب نقص فصائل الدم والأدوية وأمصال أوكالونات، وأحيانا لا يوجد قطن أو حقن طبية، ويضطر في معظم الأحيان أن يقوم المريض بشراء هذه الاحتياجات من الخارج إن وجدها.
عبد العزيز عبد الغفار أحد أبناء مركز الفرافرة قال المشكلة الكبرى تتمثل في عدم وجود اطباء وكذلك نقص في الادوية والاحماض الخاصة بالاشعة والأمصال المضادة لسموم العقارب والثعابين مما أدى إلى إزدياد حالات الوفاة خاصة لدى الأطفال ويتم تحويل الحالات الى مستشفى الداخلة المركزى على بعد 320 كيلو متر من الفرافرة نظراً لعدم وجود اخصائين خاصة أطباء الولادة ومستشفى الداخلة تقوم بتحويل المرضى لمحافظة أسيوط على بعد 400 كيلو من مدينة الداخلة .
محمد محمود عاصم ،مدير مدرسة وأحد أبناء مدنة الخارجة يقول: :أنا لاأعالج أبنائي في مستشفيات مدينة الخارجة، عندما يعانى أي فرد من أفراد الأسرة أسافر به الى أسيوط مستخدماً سيارتى الخاصة، فمعظم الناس تسافر إلى أسيوط أو القاهرة من أجل العلاج، مستخدمين سياراتهم الخاصة أو سيارات الأجرة، فبالرغم من أن المسافة بين مدينة أسيوط ومدينة الخارجة تزيد عن 220 كيلو وبينها وبين مدينة الفرافرة أكثر من 600 كيلو إلا أن الأهالي يعتبرون أسيوط أقرب اليهم من مستشفيات الوادى الجديد .
حق المواطن التقت ببعض سائقي الميكروباص الذين أكدوا جميعاً مقولة أسيوط أقرب من مستشفى الخارجة العام . محمود سعيد ،سائق ميكروباص، يقول: 90 % من ركاب الميكروباص من المرضى، ففي اليوم الواحد سياراتنا تنقل ما لايقل عن 100 مريض إلى مستشفيات أسيوط .
يقول الدكتور محمود البيطار مدير مرفق إسعاف الوادى الجديد، لــ حق المواطن : الاسعاف تلعب دور هام في إنقاذ أرواح مرضي الوادى الجديد ففي اليوم الواحد يمكن أن نستعين بـ 9 سيارات إسعاف في مدينة الخارجة فقط لنقل المرضى لمستشفيات أسيوط وأحيانا نضطر للإستعانة بسيارات من القرى لتغطية العجز .
توجهنا إلى الدكتور محمد موسى ،وكيل وزارة الصحة بالوادى الجديد، الذي أكد لنا أن الوادى الجديد لايعانى من مشكلة بشأن البنية التحتية حيث تضم المحافظة 7 مستشفيات بينها اثنان تخصصي و61 وحدة صحية على مستوى مراكز وقرى المحافظة وإنما المشكلة الأساسية تتمثل فى نقص التخصصات الطبية والكوادر الصحية، وهى المشكلة التى تسعى المحافظة لحلها من خلال استقطاب القوافل الطبية الشاملة وتحمل نفقات انتقالاتها وإقامتها كحل جزئي للمشكلة ومخاطبة رئيس الوزراء لإستقدام أطباء جدد للمحافظة.