حكايات مصر الحلوة الشقيانة .. التصوف في أضرحة الأموات بين البدعة والتراث
الجمعة 12/أكتوبر/2018 - 04:01 م
إعداد وتصوير: شيماء اليوسف, أيمن مرسي , كريم سيد
طباعة
تبدأ حكايات مصر الحلوة الشقيانة بيد تدق طبول الحدث، أمسيات غارمة بالسعادة وخفة الظل المبعوثة بالأشجان، ويتجسد التصوف كمعزوفة في تاريخ حافل وحاضر هناك يتكئ على أعمدة الحضارة، آمال تتجدد على أرصفة شوارع مصر، ومصابيح تستنير بالعادات والتقاليد المختلطة، ثقافات تتماوج على أشرعة نهر النيل، والقرى تزخر بطابعها الخاص الذي لا يندثر ولا يتبدد برغم ما فيه وما حوله، كل هذا وغيره يرصده مراسلو "بوابة المواطن الإخبارية" في جولة حكايات مصر الحلوة الشقيانة.
التصوف .. جزء من حكايات مصر الحلوة الشقيانة
فولكلور شعبي على الطريقة الصوفية
يخرجون من القرى الأكثر تدينا في محافظات مصر والتي يعتكف أهلها إلى بساطة الفكر والثقافة والطبقة المجتمعية، يصطفون في طوابير عريضة من الرجال والنساء والأطفال ينشدون الابتهالات مهللين، يشبهون بعضهم تماما، يكبرون باسم الله، مقتنعين يقينا أن ما يفعلوه في مناسباتهم الدينية الغير شائعة بل تخصهم وحدهم أنهم بهذا الشكل هو أقرب إلى الله، فقط لأنهم يتبعون طريقة أحد الشيوخ القدامى المتصوفين.
حيث تختلف طرق المعتنقين للمذاهب الصوفية في طريقة ممارسة طقوسهم الدينية، حتى في تربية أفكارهم، فمنهم من يفضل الاعتكاف على العبادات والصلوات ودونهم يفضلون التقرب من أولياء الله الصالحين كما يسمونهم ويترددون على أضرحتهم، وإن هنا تقف البدعة المختلقة في وجه التراث الشعبي، فإن كان اصطفافهم هذا مشهدا فلكلوريا شعبيا فإنه في المقام الأول بدعة مصطنعة.
تربية النشئ على البدعة جريمة في حق الطفولة
طقوس من الاحتفالات الصوفية
في البداية جذبني ثغري الطفلين المبتسمين اللذان ينشدا وسط العابرين الذين يمدحون شيخهم في احتضار روحي ونفسي، شعرت من الوهلة الأولى أنهما قائدا هذا الجسر البشري الصوفي، إلا أنني لم أعرف ما هي الانجازات التي حققها ذلك الشيخ كي يمضي له كل هؤلاء مغنين ومنشدين، وسألت نفسي يا ترى ماذا قدم للبشرية؟ لا شيء .. ماذا قدم لمصر؟ لا شيء، إذا فلماذا كل ذلك الطواف؟
وقد اقتصرت إسهامات الشيخ وفضائله على البشرية في أنه عاصر خمس رؤساء مصريين! أين الجدوى من هذا؟ وقام بتأليف قرابة عشرين كتابا في منهاج التربية الصوفية! حسنا.. وماذا فعلت الكتب هذه لخدمة الإنسانية؟ غير أنه ابتدع الطريقة الخلوتية المحمدية! حتى أنه لم أسس مكتبة ثقافية اختصها بالكتب الصوفية وأنشئت في المغرب .. إذن فلماذا تخرجون له في اصطفاف تمدحون وتهللون وتطبلون؟
التصوف في أضرحة الأموات بين البدعة والتراث
زيارة الأضرحة والمقامات في مصر
شاب في مقتبل ربيع عمره، يقف بين رحاب أحد المساجد وبالتحديد عند ضريح أحد الأموات الذين يعدون من الصالحين، لا تعرف إن كان متوسلا أو زائرا، حيث أن الزيارة من باب التعرف على الثقافات التراثية التي نعيش معها وتحيط بنا إلى جانب معرفة التاريخ وقصص من تنسب لهم هذه الأضرحة فهذا المنطق الصحيح للثقافة المستنيرة، بينما الوجه الأقبح أن يتوسل الأشخاص لأشخاص مثلهم بصدد العون والمساعدة وتلبية الحاجات، وهذا منطق لا يجوز عقائديا وفكريا.
أنا لا أفهم كيف لا يخجل الأفراد من أنفسهم عندما يذهبون للأموات يطلبون منهم العون والمساعدة وهم أموات، عاجزين عن كل شيء ولو بإمكانهم أن يفعلوا شيئا لبصقوا في وجه المئات الذين يحتشدون يوميا إلى أبواب تلك الأديرة وقالوا لهم كفوا عن فعلكم الأحمق هذا، فأين عقول الذين يستغيثون بالأموات والله الحي المنجي يسمعهم ويلبي دعواتهم لا يدعونه!
الغروب بين سحر السماء وعبقرية النيل
مشهد الغروب في سماء مصر
اجتمع الثلاثة كلهم في لقطة واحدة رصدها مراسل بوابتنا "المواطن" في لمحة عبقرية من نوع خرافي قد استطاعت أن تجمع بين القوارب البسيطة الرائعة في الجمال وسماء الغروب المستظلة بالأشعة الحمراء الساحرة وأضواء الشمس ترقص على أمواج النيل في براعة ودقة، كأن الثلاثة أجمعوا على أن يلتقوا في لحظة حب فارقة من عمر يوم الشمس الذاهب والمنتهي، وبقدر روعة المنظر كانت روعة لقطة مراسلنا.
أطول جسور أفريقيا
كوبري 6 أكتوبر
في حكايات مصر الحلوة الشقيانة، تجتمع الأصالة والفن ويتغنيا بالتاريخ وحضارة مصرنا الشاهدة على العصور البشرية الأولى، فها هو كوبري 6 أكتوبر، يقف واثقا على ضفتي نهر النيل الذي يعد أطول الجسور في مصر وأفريقيا ويصل طوله إلى قرابة عشرين كيلو متر، ويربط بين محافظتين من أقدم المدن التي شهدت وقائع مصر القديمة، فهو يمتد من المتحف الزراعي بالدقي بمحافظة الجيزة إلى طريق النصر بمدينة نصر بالقاهرة.
رسالة شديدة اللهجة في لقطة
الزراعة في مصر
احتضن بدفء الشمس الحميمة على مقربة من الحب المغسول بالنسائم النضرة المبهجة، يتابع نبت بذراته ويرعى أرضه تاركا أغنامه وماعزه يرقص مغردا بالنسيم، يمسك بيده منجله الحديدي ساعيا نحو تأدية مهمته، وكأن يبلغ رسالة للراعي والرعية، موصيا بحماية الأرض الزراعية وحماية التربة من التصحر والتجريف وانخفاض منسوب المياه، كأنه يقول في لهجة صارخة كفاكم بنيانا على الأراضي الزراعية وعمروا الصحاري.
حكايات مصر الحلوة الشقيانة في نظرة
فلاح مصري
حكايات مصر الحلوة الشقيانة، دائما ما تتعمق في الملامح المصرية، وتتسلل داخل نوافذ وجوه المصريون، لترصدهم تعبيرات وجوههم التي تخبئ في داخلها قصص وحكايات غير متناهية، على اختلاف أحوالهم المجتمعية وألوانهم وصفاتهم، لكنهم دائمة يكونوا في أبهة اجتماعية من نوع خاص فقط لأنهم مصريون، كما ترى في تلك الرجل الذي يخفي ابتسامته بين شيبه وشاربه الأبيض، الوقار يدب من عينيه، كأنك تشهد رأسا فأحد الفراعنة في متحف حيوي.
محطة مصر
محطة مصر
حين تنتظر صديق لك عند ميدان رمسيس، سواء قادم من الإسكندرية شمالا أو من أسوان جنوبا فإنكما لا محالة ستلتقي في محطة مصر، محطة القطارات المركزية بالقاهرة، تأملها بالنظر إلى الأعلى عندما تبلغ بوابتها ستشعر أنك تقف في متحف عريق قديم الأزل حتى أنك ستلاحظ العديد من المسافرين يلتقطون صورا تذكاريا بداخلها، ملتفين داخل دائرتها الرصينة.
ومن محطة "باب الحديد" كما كان تسمى محطة مصر قديما، تنطلق كافة أنواع القطارات سواء المكيفة أو المميزة على اختلاف درجاتها إلى جميع النواحي، في عام 1853م، تم إنشائها وجرت توسعات بناء المحطة على مرحلتين الألولى كانت في 1892م، بينما الثانية كانت في 1955م.
انعكاس الأضواء أولد حلاوة الأزرق
نهر النيل
الليل في شوارع مصر عالم أخر يغمر كل مدينة من مدنها، لكن القاهرة ليلها يمتاز بطابع خاص، لاسيما الأجواء الجمالية المنتشرة على طول شوارع القاهرة، حتى أن أعمدة الإنارة لها بصمتها في نثر جمال القاهرة، إن كانت على الطرقات أو على أو في الممرات أو الكباري، كل شبر من تلك البقعة الطاهرة، القاهرة لكل معتد ستشعر بالجمال، ستراه حتى في صفوف السفن المصطفة بعناية والأزرق يليق بها ويزينها.
مصر بلد الألف مئذنة
المساجد في مصر
تنتشر المساجد في مصر كواقع طبيعي للفطرة المتدينة لدى المصريين، وهي أرث أخذناه عن أجدادنا الفراعنة الذين كانوا على إيمان شديد بآلهتهم، وإن تعددت هذه آلهة المصريون القدماء فذلك لا يمنع أنهم كانوا على درجة عالية من احترام المقدسات التي كانوا يؤمنون بها، واحترام وحب المقدسات الدينية والمباني والطقوس الدينية، وجدناه في الطبيعة الثقافية والفكرية للمصريين.
إقرأ أيضاً