مختار حورية .. الشيخ الليبي الذي قرأ القرآن على روح موسوليني

الإثنين 12/نوفمبر/2018 - 12:31 م

وسيم عفيفي

كان على رأس جيل الشيخ مختار حورية المجاهد الكبير عمر المختار وبينما كان الأخير في ساحة الجهاد يقاتل الإيطاليين، قرر الشيخ الشاب مختار حورية أن يحافظ على وجود اللغة العربية في نفوس الشعب الليبي.

مختار حورية .. نشأة صوفية

مختار حورية

ينضم الشيخ مختار حورية إلى قائمة علماء الصوفية الليبين، حيث ولد في طرابلس عام 1888 م، ونشأ في خلوة سيدي بوكر التاجوري في محلة الظهرة، وعند بلوغه سن الـ 17 سنة حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ الفزاني.

ترك الشيخ مختار حورية خلوة سيدي بوكر التاجوري ليتجه إلى خلوة سيدي عبدالسلام الأسمر في مدينة قوس المفتي ليعمل محفظا للقرآن ومدرسا، حتى التحق بالسلك العسكري وعمل إماما وقارئا.

مختار حورية .. الموسيقى والقرآن

الملا عثمان الموصولي

بحسب ما ذكره الباحث في التراث الإسلامي الليبي مصطفى علي، فإن لقاء الشيخ مختار حورية بالملا عثمان الموصلي كان فارقا حيث اجتمع بالشيخ حورية واستمع إليه، فأعجب به واقترح عليه السفر إلى اسطنبول.

تعلم الشيخ مختار حورية في تركيا فنونا متعددة شملت القراءات والموسيقى أيضا ولما عاد إلى ليبيا كان أول شيخ يعرف العزف على آلتي القانون والعود، ولعله في ذلك تأثر بوفاة الشيخ الملا عثمان الموصولي الذي رحل بعد فترة وجيزة من لقاءه بالشيخ مختار حورية.

التجارة ومرحلة ما قبل التلاوة

سوق الرباع

في الناحية الشمالية الشرقية من مدينة طرابلس القديمة حيث سوق الرباع عمل الشيخ مختار حورية في التجارة، لكنها كانت تجارة غير مربحة فقرر أن يتجه إلى تعليم أبناء ليبيا، فترك الموسيقى والتجارة وباع دكانه واشترى بالأموال مبنى صغير عُرِف بـ سهرية زنقة الدباغ ليكون كُتَّابا يشمل الألواح والمحابر والفرش، وبدأت الكتاتيب معه في ليبيا تأخذ شكلا مؤسسياً.

اكتسب كتاب الشيخ مختار حورية شهرة واسعة بعد وضع الآليات الإدارية فيه، واشتهرت ليلة المولد النبوي بهذا الكُتَّاب الذي شجعه لتأسيس جمعية للمحافظة على القرآن الكريم بالتعاون مع القاهرة لكن ظروف الحرب العالمية الثانية حالت دون ذلك، فقرر بناء مدرسة لمحو الأمية عام 1942م بجامع الدباغ القديم، كما جعل من بيته صالونا اجتماعيا حرص على استضافة الشخصيات العلمية والأدبية والوطنية من داخل وخارج البلاد.

مختار حورية

كانت الحرب العالمية الثانية مؤثرة على كل دول العالم وكما حصدت أرواح الضباط والجنود والمدنيين حصدت أيضا أرواح القادة فقد عُثِر على هتلر منتحرا بينما حاول موسيليني الهروب إلى الشمال وفي نهاية شهر أبريل من عام 1945 م ألقي القبض عليه وأعدمته حركة المقاومة الإيطالية مع أعوانه السبعة عشر بالقرب من بحيرة كومو، أُخذت جثته مع عدد من أعوانه إلى ميلانو إلى محطة للبنزين وعُلقوا رأساً على عقب حتى يراهم عامة الناس لتأكيد خبر موته.

قراءة القرآن على روح موسوليني

موسوليني

وصل خبر مقتل موسوليني إلى ليبيا ورغم أن الشعب الليبي استقبل الخبر بالابتهاج والترحيب قررت السلطات الإيطالية إذلال الذين فرحوا فطلبوا من الشيخ مختار حورية قراءة آيات من القرآن الكريم.

كان الجميع قلقا من رد فعل الشيخ إن رفض فتبسم ورحب بالفكرة وقرأ قوله تعالى " وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ * مَا أَغْنَىٰ عَنِّي مَالِيَهْ ۜ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ * خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَّا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ".

توفي الشيخ مختار حورية في 9 ديسمبر سنة 1951 م ودفن بالجهة الجنوبية مدخل أبو مشماشة لمقبرة سيدي منيذر باطرابلس.