صورة المرأة الصعيدية في السينما المصرية.. بين الانحراف والقسوة
واجهت المرأة
الصعيدية ثمة تغيرات جوهرية لا يمكن إغفالها، لكن هل جاءت صورة المرأة الصعيدية في
السينما المصرية بنفس وقائع الصورة المجتمعية التي طرأت على الواقع النسائي المصري
خلال السنوات الماضية، بيد أن الحكومة المصرية تقدم العديد من الجهود الحكومية للنهوض
بأوضاع المرأة المصرية والتي تمضي بالتوازي مع التغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية
والثقافية التي شهدها المجتمع المصري المعاصر.
اقرأ أيضا : مراحل تطور وضع المرأة العاملة في مصر بين التحضر والأزمات الاقتصادية
بين الانكسار والوضعية صورة المرأة الصعيدية
في السينما المصرية
ظهرت المرأة الصعيدية في السينما بصورة عديدة
بين الانكسار والجهل والوضعية في شكل غير حقيقي للواقع الفعلي للمرأة الصعيدية،
تركز أغلبها في زاوية التحقير والسخرية، فقدم فيلم "عرق البلح" المرأة
الصعيدية كامرأة منحرفة سيئة الخلق اخترقت العادات والتقاليد وكسرتها بشكل سلبي
فوقعت في حب شاب بالقرية وقد نشأت بينهما علاقة غير شرعية، قدمت هذا الدورة
"الفنانة شريهان" التي كانت الشخصية المحورية في الفيلم.
وتأتي صورة المرأة الصعيدية في السينما
المصرية منافية تماما للصورة الحقيقية التي نجدها في الواقع الصعيدي، فتضرب لنا
هدى شعراوي، المرأة التي خرجت على تقاليد ومحافظة العائلات الصعيدية الأشد حزما
وصلابة، وفرضت نفسها على الحراك السياسي للنساء، فقد ولدت بالمنيا وقادت الحركة
النسائية على مدار حقب زمنية متتالية تبدأ من العشرينيات هي صاحبة الدور الأبرز في قيادة الحركة النسائية أثناء ثورة 1919، فكانت
تقود التظاهرات النسائية، وتساند زوجها وتشجع دوره بالثورة، كما كانت ترأس لجنة الوفد
المركزية للسيدات.
حتى الدراما التلفزيونية في مسلسل
"الوتد" أظهرت فيه المرأة الصعيدية كأم مصرية ترغب في استقرار عائلتها ، تتدخل الأم
في جميع اختيارات أولادها المختلفة ، تحاول هذه الأم توسعة ممتلكات وأراضي العائلة
، لكنها تسيطر على العائلة وزوجات أولادها، وإن كان مسلسل الوتد أظهر شخصية المرأة
الصعيدية، منحها التليفزيون شخصية قوية ولكنها في الواقع غير متحكمة بهذه الطريقة
التي جاء بها المسلسل، إن كان مقصد المخرج ورؤية المؤلف تتمثل في الثقافة النسائية
للمجتمع المصري، بينما إن كانت الرؤية هي احتياج الوطن العربي لآلية سيطرة متمثلة
في أم قوية فالمعنى يختلف.
طرح في 2003م،
فيلما جديدا بالسوق السينمائي يتضمن شخصية جديدة تتناول صورة المرأة الصعيدية في
السينما المصرية، وهو "عسكر في المعسكر" لبعت خلاله الممثلة "لقاء
الخميسي" دور البطولة المشتركة مع الفنان محمد هنيدي، ظهرت لقاء كامرأة
صعيدية بأنها امرأة لا تبالي ولا تهتم بما يدور حولها من أحداث، ويبدو من أحداث
الفيلم أن المرأة الصعيدية يمكن السيطرة عليها كليا خاصة بعدما تم إغوائها للعمل
كراقصة بعد أن تغيب عنها زوجها هربا من الثأر.
تتسم واقعية
صورة المرأة الصعيدية في السينما المصرية من واقع المجتمع الذكوري الذي يعاني منه
الصعيد حتى الآن والذي أخفق في منح المرأة حقوقها، وهناك العديد من الأنماط
الاجتماعية التي ساهمت في تشكيل موقع النساء في مجتمعات الصعيد لاسيما ما يرتبط
بالموروث الديني والثقافي إلى جانب ما يروجه الإعلام، وبالمثل ما ظهر في شخصية
الممثلة التونسية "هند صبري" خلال فيلم الجزيرة بجزأيه، التي أعلنت
الحرب على حبيبها عندما تزوج من غيرها.
وشكلت فيلم
الجزيرة صورة المرأة الصعيدية في السينما المصرية بأنها قاسية القلب، أنانية تستغل
نفوذها من أجل مصلحتها الشخصية، بل وأوضحت الرؤية الإخراجية أن المرأة الصعيدية
تخالف التقاليد التي يتم ترسيخها من أجل الحفاظ على النظام الأسري والمجتمعي
السائد الذي يتميز بالطابع الأبوي، وإن كان في الواقع أن المجتمع المصري كلها
يتغلغل بالأشخاص الذين يفضلون مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة إلا إذا اتفقت
مصلحتهم الشخصية مع الجميع.