تابعت على مدار الأيام الماضية أخبار جامعة القاهرة ورئيسها الدكتور محمد عثمان الخشت، والتي انتشرت بسرعة البرق لتصبح جامعة القاهرة حديث الساعة، بين مستنكر ومستاء، وبين مهاجم ومدافع، وبين مؤيد ومعارض، تأكدت حينها أن رئيس الجامعة قد أخطأ بكل تأكيد ولكن متى؟
أخطأ رئيس الجامعة حينما كسر الروتين وخلع عباءة الكبر والغطرسة وارتدى عباءة التواضع والإنسانية مع طلابه، أخطأ الخشت حينما تواجد على صفحات التواصل الاجتماعي بين طلابه مجيبا لأسئلتهم ومتفقدا لشكواهم حتى منتصف الليل، أخطأ حينما أدار حفلا فنيا بحضور ما يقرب من 70 ألف طالب - ضمن فعاليات الموسم الثقافي والفني للجامعة- دون وقوع ضحية واحدة من تدافع أو تزاحم، في الوقت الذي لم تستطع فيه مؤسسات ووزارات بأكملها تنظيم مباراة واحدة لكرة القدم بجمهور أقل من ذلك بكثير، أخطأ حينما أراد إدخال سرور على قلب طالب كاد توتر الامتحانات أن يقتله.
بل وزاد الخطأ أخطاء حينما دعم البحث العلمي بالجامعة وحصدت الجامعة العديد من المراكز المتقدمة في التصنيفات العالمية أثناء رئاسته، أخطأ حينما استكمل العمل بفرع الجامعة الدولي وأعلن بدء التدريس به في عام 2020، أخطأ حينما هتف معه ما يقرب من 70 ألف طالب بـ"تحيا مصر" تحت قبة أعرق جامعة في الشرق الأوسط، أخطأ أيضا حينما تخلى عن العديد من المساعدين المسنين وحرص على اتاحة الفرصة لمساعدين له من أعضاء هيئة التدريس الشباب، أخطأ الخشت حينما تواجد بين صفوف الطلاب وتخلى عن سياسة رؤساء الجامعة الحاضرين الغائبين، تحدث لطلابه واستمع لهم وجها لوجه وليس من وراء شاشات وكاميرات، أخطأ الخشت حينما أعلن "الإنسانية" سياسة عامة يُعامل بها الطلاب في الجامعة، أخطأ حينما أراد أن يبني في وقت تهاوت فيه كل المباني والقيم الفكرية والثقافية والإنسانية في الوطن العربي.
وغير ذلك من أفعال جعلت من قنوات تركيا وقطر منصات إعلامية تهدف لتشويه صورته والنيل من الجامعة، بحجة أنه أقام حفلا من أجل حث الطلاب على المشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، والمضحك في الأمر أنى تابعت الحفل بحكم عملي ولم أسمعه يتحدث عن التعديلات الدستورية من قريب أو بعيد.
والأدهى أن معظم القرارات التي أعلنها خلال الحفل لم تكن جديدة بل كانت قرارات معتادة سبقه فيها الدكتور جابر نصار رئيس الجامعة السابق منذ 4 سنوات تقريبا، وهي في الأصل قرارات اتفق عليها مجلس الجامعة مسبقا وفقا للوائح وقوانين، ومن هنا أيقنت أن جامعة القاهرة تسير وفقا لرؤية ومنهجية واضحة المعالم، يُبني فيها الطالب على الحرية الفكرية والمناقشة والاستنتاج بدلا من الحفظ والتلقين، ولكن يبدوا أن هذه الرؤية أزعجت "أئمة الكفر" وحركت أقلامهم ومنصاتهم لتشويه أعرق جامعات الشرق الأوسط بحجتهم المعتادة "حلال وحرام".
وأعلم تماما أن تلك الهجمة التي شنتها أقلام "الخبث" ضد رئيس جامعة القاهرة ما هي إلا دفعة قوية يحقق من خلالها المزيد من التقدم والنجاح والرقي.