تعتزم سويسرا المهددة بأزمة طاقة مثل الدول الأوروبية الأخرى، خفض استهلاكها من الغاز بنسبة 15% هذا الشتاء، كما أعلنت الحكومة السويسرية التى حذت بذلك حذو الاتحاد الأوروبى.
وقال المجلس الاتحادى السويسرى "الحكومة" فى بيان، إن "سويسرا يجب أن تساهم الآن مثل البلدان الأخرى، في تجنب حالة نقص في الغاز قدر الإمكان عبر اتخاذ إجراءات طوعية" لأن غزو روسيا لأوكرانيا هز قطاع الطاقة بقوة، حسبما نقل موقع "الشرق".
والهدف هو خفض الطلب على الغاز الذي تستورد سويسرا كل حاجاتها منه، بنسبة 15% خلال فصل الشتاء من أكتوبر 2022 إلى نهاية مارس 2023، عن متوسط الاستهلاك خلال السنوات الخمس الماضية.
وكانت المفوضية الأوروبية طلبت خلال الصيف من الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد (سويسرا ليست عضواً فيه)، خفض استهلاك الغاز بنسبة 15% لتجنب حدوث نقص وضمان إمدادات كافية الشتاء المقبل.
وتأتي ثلاثة أرباع واردات سويسرا من الغاز عبر ألمانيا.
ومع قرب موعد انتهاء العرض الأمريكي، قالت سويسرا إنه لا وقت لتنظيم استفتاء شعبي حول شراء مقاتلات أمريكية من طراز F-35 قبل توقيع العقود.
وفيما ينتهي العرض الأمريكي في مارس ، أودع التحالف اليساري الأسبوع الماضي،Stop-F35 التواقيع الـ100 ألف مقاتلة ضرورية لدى المستشارية الفيدرالية في برن لتنظيم استفتاء شعبي، وفقًا لما يسمح به القانون السويسري، إلا أنه مع ذلك فإنه على المجلس الاتحادي (الحكومة) تحديد موعد التصويت.
وقال المجلس الاتحادي في النمسا (الحكومة) إن "الجدول الزمني الذي طلبه المبادرون، لتنظيم استفتاء شعبي قبل انتهاء سريان العروض في مارس 2023 لا يمكن تحقيقه".
وأضاف: "حتى من خلال تسريع الإجراءات المعتادة للإدارة الاتحادية من المستحيل الالتزام بالجدول الزمني المطلوب؛ لأن واجب الرعاية لن يُحترم وبالتالي لا يستطيع المجلس الاتحادي والبرلمان التعامل مع المبادرة بالعناية اللازمة".
وأشار إلى أنه إذا لم يتم توقيع عقود الشراء قبل نهاية مارس 2023، فإن "مفاوضات إضافية ستكون ضرورية لتمديد سريان العرض"، مؤكدًا أن التأخير في تسلم الطائرات "سيكون له عواقب وخيمة على أمن سويسرا"،وذلك في إشارة إلى الحرب الأوكرانية.
وأثار هذا الإعلان غضب أولئك الذين يعارضون شراء طائرات F-35، فقالت بريسكا سيلر غراف النائبة الاشتراكية: "نطالب بأن يتمكن الناخبون من التصويت على أكبر عقد أسلحة في تاريخ سويسرا. لا أكثر ولا أقل".
وكانت الحكومة قررت في نهاية يونيو 2021 شراء 36 طائرة من طراز F-35A من الشركة الأمريكية لوكهيد مارتن.
وفي سبتمبر 2020 وافق السويسريون بفارق ضئيل في استفتاء شعبي على تخصيص مبلغ بقيمة ستة مليارات فرنك (5,6 مليار يورو) للسماح للقوات الجوية بالتزود بطائرات جديدة.
وبما أن المقاتلة اعتبرت منذ البداية كمنتج للتصدير يهدف إلى ضمان هيمنة واشنطن على سوق الطائرات المقاتلة، كانت الطائرةF-35 موضوع شراكة مع ثماني دول بما فيها المملكة المتحدة وحصلت كل دولة على جزء من العمل لإنتاجها وفقًا لاستثمارها، على أن يتم تجميع الطائرات التي ستسلم لسويسرا في إيطاليا بشكل أساسي.
ومؤخرا انضمت اليونان وألمانيا إلى قائمة البلدان التي ترغب في التزود بهذه المقاتلة التي اشترتها المملكة المتحدة وبلجيكا والدنمارك وإيطاليا وفنلندا والنرويج وهولندا وبولندا.
وعلى صعيد اخر
دعا وزير الخارجية السويسري إينياتسيو كاسيس روسيا مرة أخرى إلى إنهاء الأعمال العدائية والانسحاب من أوكرانيا، بما في ذلك أراضي شبه جزيرة القرم التي احتلتها منذ ثماني سنوات.
وفي خطاب مسجل بالفيديو على منصة القرم، أدان كاسيس الغزو الروسي لأوكرانيا "بأقوى العبارات الممكنة".
قال كاسيس "يجب استعادة وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها على الفور. إنني أكرر دعم سويسرا الثابت لشبه جزيرة القرم الأوكرانية، والشعب الأوكراني الذي يواجه الآن العدوان العسكري الروسي".
منبر القرم هو عرض دولي للتضامن مع أوكرانيا تم إنشاؤه قبل عام بالضبط. وقد عُقدت القمة الثانية لمنصة القرم في 23 أغسطس، أي قبل يوم واحد من احتفال أوكرانيا بالذكرى الحادية والثلاثين لاستقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق.
وكانت سويسرا أحد المشاركين المؤسسين لمنصة القرم وقد رفضت الاعتراف بمطالبة روسيا بشبه جزيرة القرم منذ احتلالها في عام 2014.
في الشهر الماضي، استضافت سويسرا مؤتمرا رابط خارجيدولياً لدعم أوكرانيا في مدينة لوغانو بجنوب البلاد، ووافق المؤتمر حول أوكرانيا على مجموعة من المبادئ للإشراف على إعادة إعمار الدولة التي مزقتها الحرب.
وقد ألقى العديد من القادة الدوليين خطابًا أمام قمة منصة القرم، بمن فيهم رؤساء دول ألمانيا وكندا وبريطانيا واليابان، والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
توقّع كبير خبراء الاقتصاد في الحكومة السويسرية ألا تشهد البلاد ركودا هذا العام، على الرغم من مخاطر النقص في إمدادات الطاقة.
وقال كبير خبراء الاقتصاد في الحكومة السويسرية إريك شايديغر في تصريح لصحيفة "زونتاغتسايتونغ" إن الاقتصاد السويسري "بحال جيدة" على الرغم من تداعيات الحرب الدائرة في أوكرانيا على أسعار الطاقة.
وذكر "أنه يتعيّن على الشركات أن تتهيّأ لاحتمال مواجهة نقص في إمدادات الطاقة في أشهر الشتاء".
وتابع "قد يتعين علينا أن نجري مراجعة لتخفيض توقعاتنا الاقتصادية للعام المقبل. ستُنشر التوقعات المراجَعة في 20 سبتمبر. لكن لا نتوقع ركودا اقتصاديا هذا العام".
وأضاف "نواجه مخاطر نقص حاد في إمدادات الطاقة في الشتاء. إذا استمرت اضطرابات الانتاج في الاتحاد الأوروبي وعانينا نحن من نقص في الغاز، يصبح الأمر إشكاليا".
وتوقّع أن تسجّل البلاد في "السيناريو السلبي" في العام 2023 "صفر نمو بدلا من نمو بنحو 2 بالمئة".
وعلى الرغم من مخاطر النقص في إمدادات الطاقة وتداعيات الحرب الدائرة في أوكرانيا، استبعد شايديغر أن تواجه سويسرا أزمة اقتصادية خطيرة.
وقال "حاليا، الاقتصاد بحال جيدة. تظهر المؤشرات الحالية أن الاقتصاد في هذه البلاد سجّل نموا جيدا في الربع الثاني، بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا".
وأشار إلى أن "تدابير الدعم الاقتصادي على غرار المساعدات العامة والإعفاءات الضريبية هي حاليا غير ضرورية وغير مفيدة".
وشدد على أن اقتصاد سويسرا أقل عرضة لتداعيات ارتفاع اسعار الطاقة مقارنة بدول أوروبية أخرى لأن الغاز لا يشكل سوى خمسة بالمئة من إجمالي الطاقة المستهلكة في البلاد.
وفي ما يتعلق بالتضخم، اعتبر شايديغر أن سويسرا "جزيرة نعيم" مقارنة بالولايات المتحدة، متوقعا تراجع معدّل التضخم قبل نهاية العام.