للكلمة قوة وللصورة معنى
الثلاثاء 27/سبتمبر/2022 - 01:44 م
أروى علي
طباعة
للجماهير سيكولوجية متفردة، يجدر بنا دراستها بل والتعمق فيها لنفهم هذه التصرفات التي ينجذب إليها الجمهور ويقتدي بها كالأفكار المنتشرة سواء في السياسة أو الدين أو فلسفة الحياة، الجماهير لهم طبائع مشتركة وأخرى متفرقة لكن موضوع حديثنا هو عن العوامل المشتركة التي تشكل وعي الجمهور، إن مجموعة الطباع المشتركة بفعل الوراثة تشكل سيكولوجية العرق أو الشعب الذي نتحدث عنه، فمثلا تجمع هذه المجموعات من البشر تنتج طباع نفسية جديدة مشتركة بينهم.
دراسة الشعوب
من خلال دراسة الشعوب نكتشف أن الصور هي المثير الأكثر قوة حتى لو تم إثارته بالكلمات والعبارات والشعارات، فلها قوة سحرية على روح الجماهير، ويقع ضحية لقوتها العديد من البشر، ترتبط قوة الكلمة بالصور التي تعبر عنها وعن معناها الحقيقي.
لكن مع هذا لا تملك جميع العبارات والكلمات القدرة على إثارة الصور في العقل الجمعي للأفراد والشعوب، يقول "غوستاف لو بون" في كتابه "سيكلوجية الجماهير"، "بوجود مخزون صغير من الصيغ التعبيرية والعبارات المبتذلة التي تعلمناها في فترة الشباب، لدينا كل ما نحتاجه لعبور الحياة دون الحاجة الماسة إلى التفكير في أي شيء." هذا يعني أن العبارات التي تتكون منها اللغة تتغير ببطء لكن الصور هي التي تتغير بإستمرار وتتجدد دائما لأنها تمثل المعنى الملخص لها.
ماذا عن الحرية
ماذا عن كلمة الحرية، هل كانت تعني ما تعنيه الآن منذ عقود مضت، هل كان العقل الجمعي يفهمها بنفس الطريقة ونفس المفهوم؟ لقد كانت الحرية في عصور عدة جريمة يخرج فيها الشعب عن سيطرة السلطة التي كانت مقدسة تماما كالآلهة، الكلمات لها معاني متغيرة من عصر إلى الآخر ومن شعب إلى شعب آخر، فإذا أردت ان تعرف ما تمثل كلمة لشعب ما عليك معرفة معناها بالنسبة لهم في هذه اللحظة وليس في الماضي.
فمثلا مصطلحات ككلمة ضريبة التي كانت تثير معاني مغضبة للشعب الفرنسي أثناء الحرب عندما تغيرت إلى المساهمة العقارية باتت أكثر تجاوبا مع الشعب لأن الصورة النمطية عنها تغيرت، لذا ينبغي على رجال الدولة تغيير المصطلحات القديمة التي لا تتناسب مع عقلية الجمهور ليحدث نوع من أنواع التجاوب بين الشعب والسلطة يسهل الأمور.
وكلمة ديمقراطية لها عند الأنجلوساكسون في الولايات المتحدة الأمريكية معنى حاد، فمثلا تعني بشكل واضح تطور الإرادة الشعبية ومحو دور وسلطات الدولة بالكامل، بإستثناء الشرطة والجيش والعلاقات الدبلوماسية.
تختلف الرؤية ووجهات النظر التي تعبر عن الكلمة والصورة لكن تظل كل منهما وسيط بين الشعوب والحكام ، ويظل للعقل الجمعي سلطة التغيير والتحرك إلى الأمام.