المولد النبوي ما بين القديم والحديث.. وأُناس تحكي قصصًا من الماضي
السبت 08/أكتوبر/2022 - 12:45 م
أمل سعداوي
طباعة
في شوارعها البسيطة وأنُاسها الطيبون، تُشم الرائحة على بُعد أمتار، ترى الاستعدادات تتم وسط سعادة عارمة، ترى البسمة على وجه الكبير والصغير، احتفال ينتظرونه كل عام، ليُعيد إلى أذهانهم ذكريات كادت أن تُدفن وسط آلالم الحاضر، هنا في أرجاء القليوبية، حيث الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.
في كل خطوة تخطوها في أرجاء المحافظة تسمع أحاديث مواطنيها عن المولد النبوي الشريف، إذ يرجعون بذاكرتهم عقود للوراء، ليتذكرون كيف كان يحتفلون به.
ما بين الماضي والحاضر، تفاصيل كثيرة تغيرت في ملامح الاحتفال بمولد النبي، حكايات وقصص قصها أنُاس عاشت من الدهر عقود، عايشت تفاصيل أصبحت قصص تحكى لأطفالنا حين السؤال عن مراسم الاحتفال قديمًا.
في إحدى أحياء منطقة شبرالخيمة، تجد منزل صغير يتكون من 4 طوابق، تقطنه سيدة سبعينية، بملابس بسيطة عباءة وحجاب على الرأس، وبملامح تظهر عليها شقاء الدنيا، جلسنا بجوارها وقمنا بسؤالها عن مراسم الاحتفال بمولد النبي قديمًا.
بابتسامة صافية مثلها أجابتنا السيدة "صافية" ودون أي تفكير، فما في القلب نطقه اللسان، لتؤكد أن الاحتفال بالمولد النبوي قديمًا كان له طابع خاص فالاحتفال كان يستمر لأيام عديدة إحياءً لتلك الذكرى الخالدة.
ففي سبعينات القرن الماضي، كان المواطنين يقومون بنصب لأفتة كبيرة مكونة من مجموعة من الأخشاب في شكل مربع مزينة بعبارات تخص النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويضعوها على العربات القديمة ويقودها مجموعة من الرجال، مع وقوف رجل في متتصف العربة يحمل علم كبير عليه بعض آيات الذكر، ويقومون بطوف البلاد طولها وعرضها.
أسبوع كامل قبل يوم المولد النبوي، يقومون المواطنيين بحلقات الذكر وقرأءة القرآن في المساجد، وذبح الذبائح، وتُقام الولائم وتوزع الحلوى على الجد والأبن والحفيد والسيدات، فلا يكاد تجد أي شخص لا يتناول الحلوى فهي كشيئ مقدس بالنسبة لهم.
تتذكر السيدة السبعينية، أن قديمًا كان جدها "علي“، يقوم بالدخول في غرفة ويغلق على نفسه بإحكام من أجل تلاوة القرآن والتعبد بمناسبة تلك الاحتفالية المقدسة.
" الله حي.. الله حي".." الله أكبر".." اللهم صل على محمد".. جميعها عبارات تكاد لا تتوقف في مراسم الاحتفال القديمة، فلم يقتصر حضور حلقات الذكر على قاطني المحافظة فقط، بل كان المواطنين يهلون من جميع المحافظات، يتجمعون لتطوف في أنحاء البلاد.
فكان الأطفال يرتديون ملابس العيد، ففرحتهم بالمولد النبوي لا تختلف كثيرًا عن فرحتهم بقدوم العيد، حسب ما قالتله السيدة "صافية".
ورغم أن تلك الاحتفالات تُقام بطريقة مبهجة إلا أن هناك بعض المعتقدات الأخر غير الصحيحة، فتقول "صافية":"في يوم كنت واقفة بتفرج على الناس وهي بتحتفل ولاقيت ست خلت ابنها المريض يعدي من تحت العربية بتاعت الذكر، سألت والدي قالي هي عملت كدة علشان فاكرة أن ابنها كده هيخف".
وفي يوم الاحتفال يخرج الجميع في زفة وكأن هناك عُرس يُقام في هذا اليوم، ليرقصون على الأحصة ويتبادلون التهاني وعند الانتهاء من اليوم يعود الجميع إلي بيته.
أما عن مراسم الاحتفال الآن، فأكدت السيدة السبعينية، أنها تختلف تمامًا إذ تكتفي على تبادل التهاني وإحضار حلوى المولد فقط.