في اليوم العالمي للصحة النفسية..ماهو المرض النفسي وما تأثيره؟
الأحد 09/أكتوبر/2022 - 09:50 م
حبيبة الحاكم
طباعة
اليوم العالمي للصحة النفسية
يتم الاحتفال بهذا اليوم كل عام في يوم 10 أكتوبر، لإذكاء الوعي العام بقضايا الصحة النفسية.
والغرض من هذا اليوم هو إجراء مناقشات أكثر انفتاحًا بشأن الأمراض النفسية وتوظيف الاستثمارات في الخدمات ووسائل الوقاية على حد سواء، وكان أول الاحتفالات في عام 1992 بناء على مبادرة من الاتحاد العالمي للصحة النفسية ، وهي منظمة دولية للصحة النفسية مع أعضاء وشركاء في أكثر من 150 بلدًا.
ما هو المرض النفسي؟
المرض النفسي ليس بالضرورة أن يكون إضطرابًا في العقل،فمن أمثلة المرض النفسي الاكتئاب، واضطرابات القلق، والفصام، واضطراب الشهية والسلوكيات التي تسبِّب الإدمان.
أعراض المرض النفسي
• الشعور بالحزن أو الكآبة.
• التفكير المشوَّش وضعف القدرة على التركيز
• المخاوف الشديدة أو القلق أو الإفراط في الشعور بالذنب.
• تغييرات حادة في الحالة المزاجية ارتفاعًا وانخفاضًا.
• الابتعاد عن الأصدقاء والأنشطة المعتادة.
• التعب الشديد وانخفاض الطاقة أو مشاكل النوم.
• الانعزال عن الواقع (الأوهام) أو البارانويا أو الهلاوس.
• عدم القدرة على مواجهة المشاكل اليومية أو الضغوطات.
• صعوبة في الاستيعاب ومشكلات في فهم المواقف والأشخاص والتعامل معهم.
• اضطرابات بسبب الكحوليات أو المخدرات.
• تغيرات كبيرة في عادات الأكل.
• الغضب الشديد أو العدائية أو العنف.
• التفكير في الانتحار.
عدد المصابين بالأمراض النفسية
يقول موقع الأمم المتحدة: إن نحو "مليار" شخص في جميع أنحاء العالم يعانون من شكل من أشكال الاضطرابات العقلية، فكل 40 ثانية يموت شخص ما بسبب الانتحار.
وقد أصبح من المُسلم به الآن أن الاكتئاب هو السبب الرئيسي للمرض والإعاقة، في أوساط الأطفال والمراهقين.
وكشفت إحصاءات صحية رسمية في بريطانيا أنه من بين أربع مراهقات تعاني واحدة من مشكلات المرض النفسي في إنجلترا ، وتمثل الاضطرابات العاطفية والكآبة والقلق الظواهر الأكثر شيوعا من بين هذه المشكلات.
بالإضافة إلى مراجعة جهاز الإحصاء الصحي الرقمي التي كشفت عن أن الأطفال بعمر 11 إلى 19 عاما الذين يعانون من مشكلات الصحة النفسية هم الأكثر استخدامًا لوسائل التواصل الاجتماعي.
تقول منظمة الصحة العالمية بشأن المرض النفسي
• تشكل الاضطرابات النفسية والعصبية وتلك الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان 10٪ من عبء المرض العالمي و30٪ من عبء الأمراض غير المميتة.
• تبلغ خسائر الاقتصاد العالمي من حيث الإنتاجية نتيجة الاكتئاب والقلق حوالي 1 تريليون دولار أمريكي سنويًا.
• يعاني 1 من كل 5 مراهقين وأطفال في العالم من الاضطراب النفسي.
• الاكتئاب اضطراب نفسي شائع، وتشير التقديرات إلى أن 5 في المئة من البالغين في العالم يعانون من الاكتئاب.
• حوالي نصف الاضطرابات النفسية تبدأ قبل سن الـ 14 سنة.
• يموت نحو 800 ألف شخص سنويا بسبب الانتحار، وذلك بمعدل شخص واحد كل 40 ثانية، ويعد الانتحار السبب الرئيسي الثاني للوفاة بين الأشخاص في الفئة العمرية بين 15 و29 عاما.
• يعاني شخص واحد من كل 9 أشخاص من اضطراب نفسي متوسط أو شديد في المناطق المتضررة من النزاعات.
• يموت الأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية شديدة قبل عموم السكان بفترة تتراوح بين 10 و20 عاما.
• تتراوح معدلات العاملين في مجال الصحة النفسية بين أقل من عامليْن لكل 100 ألف نسمة في البلدان المنخفضة الدخل إلى أكثر من 70 عاملا لكل 100 ألف نسمة في البلدان ذات الدخل المرتفع.
• يفيد أقل من نصف البلدان التي لديها سياسات وخطط بشأن الصحة النفسية والبالغ عددها 139 بلدا بأن هذه السياسات والخطط تتوافق مع اتفاقيات حقوق الإنسان.
تاريخ المرض النفسي
لقد ظل علم النفس لفترة طويلة مجالاً لاجتهاد الفلاسفة والحكماء ورجال الكنيسة، ثم أصبح فرعًا من فروع علم الفلسفة، ولم يستقلّ عنه إلا بعد أن أصبح له موضوعه ومنهجه الخاص به، وقد أسهم الإسلام بنظامه المتكامل الشامل المنظِّم للحياة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، في تقويم نظرة الناس إلى النفس البشرية، وأشار إلى شيء من أسرارها وخباياها.
يقول "جورج مورا "واصفًا مرحلة ازدهار الطب النفسي: "لقد كان موقف العرب أكثر إنسانية نحو المرضى العقليين، مِمَّا أحدث شيئًا من التأثير على نظرة دول أوروبا الغربية تجاه المرضى العقليين، وفي الواقع فإن في المعلومات الموثّقة حول موقف العرب تجاه المرضى العقليين قلة نسبية، لكن على الرغم من ذلك يُعرف كثير من القوى الدينية والأخلاقية والعلمية التي يُفترض أن هذه الاتجاهات قد نشأت عنها، إضافة إلى ذلك فلقد أُسِّسَ عديد من المستشفيات العقلية في بغداد في القرن 18ميلادي، وفي دمشق القرن 19 ميلادي، وفي القاهرة القرن 13 ميلادي.
مستشفيات الطب النفسي
في عام 93هـ، أسَّس الخليفة الأُمَوِيّ "الوليد بن عبد الملك" بدمشق أول بيمارستان للمرضى العقليين، وكانت تخصَّص لهم جرايات تُنفَق عليهم للعيش داخل المأوى وخارجه.
وفي سنة 151هـ أسَّس العباسيون في بغداد أول قسم متخصِّص للأمراض العقلية، ثم نُسِجَت على منواله أقسام أخرى في جميع العواصم الإسلامية في المشرق والمغرب، كان أشهرها مستشفى "قلاوون" بمصر.
وكانت "القيروان" في المغرب العربي في أواخر القرن التاسع الميلادي، عاصمة العلم والإشعاع الحضاري زمن دولة الأغالبة الذين شيَّدوا البيمارستانات، ثم شيَّدوا أمثالها في سوسة وصفاقس وتونس، وكانت الصدقات تُنفَق على المرضى، وتقدِّم لهم في المواسم أطيب المآكل والحلويات.
وفي القرن الرابع عشر الميلادي كان مستشفى "قلاوون" الذي أمر ببنائه الملك "قلاوون الصالحي" في القاهرة مثالاً مدهشًا للرعاية النفسية، فقد كان يحوي أربعة أقسام منفصلة للجراحة، وطب الأعيُن، والأمراض الباطنية، والأمراض العقلية.
وفي عهد الدولة السلجوقية ومن بعدها الدولة العثمانية بني العديد من المجتمعات العلاجية حول المساجد، وكانت تعرف ب" التكايا" وقد استمرت لعدة قرون، وكان مستشفى السلطان "سليمان القانوني" أبدع مستشفى نفسي في العالم في ذلك الوقت.
أطباء نفسيين
من أبرز الأسماء التي كانت قد برزت في مجال الطب النفسي "أبو بكر محمد الرازي"، أكبر أطباء العرب والمسلمين في العصور الوسطى، والذي قدم وصفا تفصيليا للمرض النفسي، و "ابن سينا" أول الفلاسفة القدماء الذين ربطوا وظائف الإحساسات والخيال والذاكرة بشروطها الفسيولوجية، وكذلك "جبرائيل بن بختشيوع".
ورغم شهرة الجرَّاح الشهير "أبي القاسم الزهراوي" في عالَم الجراحة والصيدلة، فإنه في مقالته الثانية في كتابه "التصريف لمن عجز عن التأليف" أشار إلى قواعد التربية وإلى مفاهيم العادة والطبيعة عند الصبيّ، وإلى صعوبة أو يُسْر التأديب تبعًا لما جبل الله ذلك الصبي عليه.
ولقد كتب الأديب والمؤرِّخ الفقيه والفيلسوف الإمام "أبو محمد بن حزم الظاهري" في علم النفس وماهية الأمزجة والسلوك، متأثرًا بالعوامل الطبيعية والاجتماعية، وأبرز بشكل جَلِيّ دور الدين في توجيه أفعال الفرد والتأثير على مشاعره.
ولقد قدم أبو حامد الغزالي رحمه الله عليه في كتابه "إحياء علوم الدين" بشكل خاصّ، مباحث قيِّمة في دراسة السلوك والدوافع والانفعالات والعواطف ودورها في التربية، كما اهتمَّ بإعلاء الدوافع ومجاهدة النفس عن طريق تكوين العادات الصالحة.
ويتميز الغزالي من كثير ممَّن سبقه من العلماء المسلمين، باجتماع قوة العقل والدين عنده في آن واحد، كما أنه لم يدرس النفس كما درسها كثيرون باعتبارها موضوعًا من موضوعات الفلسفة، وإنما درسها باعتبارها سبيلاً إلى زيادة معرفته بعظمة خالقه.
كما ازدهرت في "القيروان" مدرسة طبية رائدة كان من أول روادها "إسحاق بن عمران"، الذي ألف إحدى عشرة مخطوطة لم يصل إلينا منها سوى كتابه في "الماليخونيا".
و لقد قدَّم العلماء المسلمون نظرياتهم وآراءهم في مصنَّفات تجاوز عددها المئاتٍ، ولم يصل إلينا في العصر الحاضر إلا قليل منها.