ماهو الحب عند الصوفية؟
للتعرف علي ماهو الحب الصوفي وفهمه
بوضوح علينا أولاً أن نعرف ماهي الصوفية ؟
الصوفية هي مذهب من المذاهب الأسلامية
الذي يقول بالزهد الأنساني والصلاح والعفة وترك الملذات، ولكن الصوفية لا تُعتبر
مذهب ولكنها من أركان الدين الثلاثة ( الاسلام، الايمان، الإحسان ) فأن الصوفيون
يقومون بتلاوة القرأن والابتهال ويتخلون عن مظاهر الترف ومن أهم ما يميز هذا
المذهب (حلقات الذكر) الذي تتشكل من مجموعات يقومون بذكر أسماء الله الحسنى ويتلون
آيات القرأن.
البعض يهاجم المذهب الصوفي بسبب وجود
بعض الأفكار التي استمدتها الصوفية من الفكر اليوناني مثل وحدة الوجود والتي تعني
إتحاد النفس مع الله ووجود بعض البدع، ولكن إذا أردنا الحصول على مرجع سليم للمذهب
الصوفي خالي من الشوائب علينا النظر إلي منهج الإمام الغزالي في الصوفية من خلال "كتاب المنقذ من
الضلال".
ماهو الحب عند الصوفية ؟
أن العلاقة بين الإنسان والله في الصوفية ليست علاقة تهديد ووعيد بل علاقة
عاشق بمعشوق فنجدهم يسمون الله بالحبيب،
يحاول المتصوفيين الإندماج مع الذات الإلهية عن طريق المرور بعدة طرق الأولي توحيد الصفات ثم توحيد الأفعال ثم توحيد الذات وهي عملية غير متكافئة لأن من الصعب التوحيد بين الذات الناقصة (الانسان) وبين الكمال المطلق (الله) فالبرغم من ذلك نجد ذلك متجلي في بعض الأقوال للمتصوفة مثل قول الحلاج في حديثه عن الله عز وجل : لي حبيبٌ أزور في الخلوات
حاضر غائب عن اللّحظات
ما تراني أصغى إليه بسمع
كي أعي ما يقول من كلمات
كلمات من غير شكل ولا نطق
ولا مثل نغمة الأصوات
فكأنّي مخاطب كنت إيًّاه
على خاطري بذاتي لذاتي
ماهو الفرق بين الحب الإلهي والروحاني
والطبيعي ؟
الحب الإلهي هو حب الخالق للمخلوق أن
من المعلوم لدينا في "نظرية الكنزية" أن وجود الكون نتج عن الحب.
الحب الروحاني يتحرر فيه المحبوب من
القيود ويحرر فيه حبيبه من الامتلاك فالحب الروحاني يسعي فيه الحبيب لسعادة
محبوبه، في الحب الروحي يتوحد الحبيب بمحبوبه
بينما نجد الحب الطبيعي هو علي عكس الحب الروحاني يسعي فيه الحبيب لامتلاك حبيبه وتحقيق ذاته فيه دون ان يأبه لرغبات حبيبه.
هل الحب الحسي ( الترابي ) يتعارض مع
الحب الإلهي (المتعالي) عند الصوفية؟
أن الحب الترابي المقصود به حب الإنسان
لحبيبه بينما الحب المتعالي هو حب الانسان لله عز وجل.
وضح إبن العربي في ديوان "ترجمان
الأشواق" أن لا يوجد تعارض بين الإثنان لأن الحب الحسي قد يرفع الإنسان إلي
فضائل عدة كالوصول إلي حب الحق بعدة طرق فالبعض يذهب إلى أن الحب الإلهي لن يتم
الوصول إليه إلا عن طريق الحب الإنساني فنجد من يوضح هذا الإرتباط بين الحب الإلهي
وبين الحب الطبيعي والحب الروحاني الشاعر الفارسي عبد الرحمن الجامي (898 ه) :
لا تصرف وجهك
عن الحب الترابي مادام الحب الترابي
سيرفعك الي الحق.
في النهاية عرف بعض المتصوفة
أهمية الحب وسعي البعض لتحقيقه في الأرض
لأن بالحب كل شيء يستمر أن الحب مطلق لا يمكننا حصره أو شرحه بمعاني بسيطة فالحب
شعور يجعل الموجود يستمر ويجعله أكثر إقبالاً على تقبل الحياة وجعله أكثر زهداً
لأنه علي دراية تامة أن الحياة زائلة ، في النهاية الأهم هو أن علينا أن نترك أنفسنا للحب سواء كان هذا الحب تعبدى لله
عز وجل أو حب لمخلوقات الله والكون وجميع الموجودات .
الناسُ موتى وأهلُ الحبّ أحياء.
(الحلاج)