الأفكار تراودهم والشوارع أصبحت ملجأهم.. الناجون من زلزال تركيا
لم يعد لنا مكان يا صغيري في بيوتنا لنتخذ من شوارعنا مسكنًا، فإن مشاهد الزلازل أثارت الرعب في قلوبنا، أخشى يا والدتي عليك من برد الشتاء لكني يتملكني الرعب كلما فكرت لوهلة في فراقك لذا دعيني يا أمي أخبئك في قلبي فتحتمي من البرد القارس وننجو من أثر الزلازل، كلمات لا يتصور أن تعبر عن الحال في بلدان دمرت بعد أن تعرضت لهزات أرضية أسفرت عن الكثير من الضحايا سواء بالموت أو شبح الفقد، الشباب والشيوخ، النساء والفتيات، الأطفال كلُّ مستحوذًا على ركن في أحد الشوارع عاقدًا العزم أن يكمل ماتبقى من عمره على رصيف ولا يتعرض لما رأى مرة أخرى، ملتفين بأغطية خفيفة، وهذا ما تبقى من آثار أهوال يوم القيامة كما وصف أحد المشاهدين لتلك الزلازل.
الناجون من زلزال تركيا
الكل يتملكه حالة من السكون البعض تذرف عيناه دمعًا، تدور في رأسه العديد من الأسئلة، والتي لا يجد لها إجابة كيف لنا أن نصلح ما فسد، كل شئ انتهى فلم نكن ضمن الراحلين ولا سنحيى بعدهم، الآخر يحتضن أطفاله الصغار واعدًا إياهم بأن ينفرج الأمر عما قريب، وبداخله يتمنى أن لو كان ضمن من قضى الزلزال على حياتهم، قبل أن يجد أطفاله وزوجته مستلقين على ظهورهم بدون مأوى يحميهم.
الراحمون يرحمهم الله
عندما تتعرض لصور من تعرضوا لمشاهد الزلازل من أشقائنا تجد ألاف الرسائل فأحدهم عرض نفسه للموت مقابل حياة والدته، نعم حاله كحال الجميع ساكنًا ووالدته في الشارع لكنه يقدم لها كافة الرعاية الصحية متوسًلا إلى الله أن يبارك في عمرها فهو الضعيف رغم كبره بدونها، إحداهما واضعة يدها على قلبها مخاطبة راحليها بصمت أعينها تعبر عن كلماتها، مات من كان يحميني الدهر من بعده بتحدياته يرهقني، كنت لي نعم السند فكيف لي أن يشتد عضدي وأنت لست بجواري، شابًا في مستهل عمره رسم العديد من الأحلام واستند إلى بعض الوسائل للتعلم ومن ثم مستقبل أفضل يقدم من خلاله مساعدة لذويه فأضحى وحيدًا بعد وفاتهم فكان لسان حاله: ليتني كنت معكم!.
التشبث الأخير
"أخرجني من هنا وكنت لك خادمة"، قالتها إحدى الأطفال مناجية شخص من أجل إنقاذها من تحت أنقاض خلفتها الزلازل متوسلةً إليه أن يحيي آمالها في الحياة فتكن له خادمة طيلة عمرها، ربما كانت الصغيرة لا تعلم أن والديها قد توفوا وأن أخاها الصغير لفظ أنفاسه الأخيرة تحت صخرة لا تبعد عنها بضعة أمتار، لكنها رغبت في الخروج من تحت الأنقاض لتواصل البحث عن عائلتها عندما تراها ترسم بين جبينك لمحة الحزن "فمنظر الحزن مشهود بمنظرها والبؤس مرآة مقرون بمرآها" قالها الرصافي فكانت معبرة عما شاهدنا.
شارع الجنة
متقدمًا في العمر عجوز جالس بجانب طفل رضيع وسط شوارع مدينته بعدما دمر الزلزال مأواه الوحيد ممسكًا بهاتفه ومحدثًا إحدى أصدقائه ربما كان قولة لا يؤلمكم مشاهدنا لا يغرنكم رميتنا على الأرصفة إنها الجنة، نعم هي جنة الله على أرضنا! بعدما استطعنا أن ننجوا سالمين من أهوال ما رأينا، فقط ادعوا الله لنا لعل بلادنا تعود كما كانت فينصلح كل شئ وينصلح أحوالنا".