بالفيديو.. الصيد بين شغف وملل الصيادين.. "المهنة هي البريمو"
رجل في منتصف الثمانينيات من العمر، ضئيل الجسم، وجه
يمتلئ بالتجاعيد، لا يوجد مكان بوجه يكاد يخلو من النمش، عينان يكاد يرى بهما معا،
بدا عليه علامات الكبر سواء في شعره الذي لا يوجد به شعره سمراء أو في حجم جسمه الضئيل
للغاية، يرتدى عباءة فلاحي تظهره ببساطة الرجل المصري الأصيل، يجلس على قارب خشبي
وسط المياه، يفرد شبكاه بيدين ترتعشان منتظرا دخول السمك لها وبعدها يقوم بسحبها
سريعا إلى القارب ثم التوجه للشاطئ الذي لا يبعد كثيرا عن منزله لبيعه مقابل بضعة
جنيهات.
إنه فضل محمد كساب، المقيم بقرية مزغونة بمحافظة
الجيزة، بدأ فضل ممارسة الصيادة وعمره لم يتجاوز 12 عاما، عندما قام زوج والدته
بأخذه معه وتعليمه إياها، مارس المهنة منذ أكثر من خمسة وستين عاما ولم يكل منها.
يبدأ فضل حديثه عن يومه في البحر قائلا: " يومى
بيبدأ إني بنزل افرد الشبكة في الميه واقعد اخبط بعصاية عشان اهجج السمك ويدخل
الشبكة وبعدها بطلع الشبكة واخرج منها السمك وبعدين أفردها تاني وأفضل اتحرك في
البحر طول النهار".
ويحب فضل، مهنته كثيرا، ففي مرات عديدة عرض عليه تركها،
والعمل في وظائف تابعة للدولة، ولكنه رفض وبشدة، وعلى الرغم من أن المهنة لم تعد
كما كانت مما جعل بعض الصيادين يتخلوا عنه، إلا أنه يكتفي بما تخرجه له، فمن
الممكن أن يصطاد في اليوم بخمسة جنيهات، نظرا لصغر حجم السمك، مشيرا إلى أنه اصطاد
أربعة كيلوات في أحد الأيام، وفي أيام أخرى لا يصطاد شىء.
وأوضح فضل، أنه قام باستخراج رخصة الصيادة من مكتب
المصايد بالجيزة، ويقوم بدفع ضريبة قدرها أربعون جنيها كل عام، إلا أن ذلك لم يشفع
له ويتركه يصطاد حيث يقوم أصحاب الأراضي التي تمتلئ بالماء بوضع حشيشة وربطها
ويمنع الصيادين من الصيد بالقرب منها، إلا في حالة دفع مبلغ مالي لهم.
أما عن المواقف التي قابلته في البحر، فيحكى فضل
" كان عمري 13 سنة وروحت لحد سيدي إبراهيم الدسوقي بالمركب".
وموقف آخر: "مرة وقعت في البحر فمسكت في المركب
لأن الخشب مش بيغرق كان عمري ساعتها يجي عشر سنين ".
أما عن المشاكل التي تواجه أثناء الصيد، فيكمل قائلا:
" ممكن تيجى شجرة مع التيار أو حشيشه تمسك في العدة في الحالة دي إنى بقطع
العدة وأسيبها في الميه لإنى ما بقدرش أطلعها وكده بخسر العدة بتاعتى، كمان ممكن
الهواء الشديد يعطلني عن الصيد، مابصطدش في الشتا خالص، كمان البحر ملأه وممكن من
مليون سمكة أجيب سمكة واحدة ".
وأكد فضل، أنه لا يهاب البحر فمنذ صغره وهو ينام عند
ركن فاروق بحلوان، مشيرا إلى أن البحر كالملك من نزله خرج منه طاهر، مضيفا أن مهنة
الصيادة كانت "البريمو"، وأي امرأة كانت تتمنى الزواج بصياد وذلك على حد
قوله.
وعبر عن معاناته قائلا "أنا كبرت في السن ومعاشي
400 جنيه، عايز المسئولين يبصوا للناس الغلابة اللي زي حالاتى".