عارض بعض الزملاء ومنهم أساتذة أجلاء مقالاً وصفتُ فيه إجراءات صندوق النقد الدولي لحصول مصر على القرض الذي صدعتنا به حكومة إسماعيل ودفاعها المستميت عنها، بالإملاءات والاشتراطات، وذكرنا منها تمرير قانون الخدمة المدنية المُعارَض من جُل العاملين بالقطاعين العام والخاص، إلا من وزير التخطيط، وزبانيته، بالإضافة إلى قانون الخدمة المضافة، الذي ومن دون شك، يزيد نار الأسعار اشتعالاً ليكتوي بها المواطن، حتى إن كيلو الطماطم وصل إلى 7 "لحاليح" والبقية تأتي، علاوة على ارتفاع أسعار فاتورة الكهرباء، وغيرها من الشروط التي لا تزيد معاناة الفقراء إلا معاناة ومعاناة.
ما نكّد به الصندوق على الحكومة نفسها، وإن أخفت ذلك، اشتراطه والذي لم يُعلن عنه شيءٌ من قبل، حصول مصر على 6 مليارات دولار اقتراضًا من مؤسسات دولية غير الصندوق، قبل أن يوافق سيادته على صرف الدفعة الأولى من الـ12 مليار "زرار"، مع الاعتذار عن تكرار اللفظ لعمنا الزعيم عادل إمام.
الأكثر بجاحةً أن يخرج تصريح منسوب لأحد مسؤولي الصندوق يظهر فيه حرص صندوقه على مساندة والوقوف بجوار مصر حتى تحصل على المبلغ الذي اشترطته مؤسسته.
أما الأدهى أن يخرج تصريح آخر من أحد حواريي الحكومة بأن ذلك يأتي ضمن الإجراءات الطبيعية، وربما يكون محقًا، ولكن لماذا لم يعلن عن ذاك الشرط من قبل، وما الذي يجعلنا نصدق الحكومة، وهي التي حصلت على منح بالمليارات، من دول عربية شقيقة، لم تحصل على مثلها حكومات أخرى، ورغم ذلك يقل الاحتياطي الأجنبي كل شهر؟ وهي التي خرج وزير ماليتها مصرحًا بأن مصر على شفا الحصول على قرض صندوق النقد؟ وهي التي أعلنت مرارًا وتكرارًا عن قرب الانتهاء أو الاتفاق شبه النهائي على "اللي ما يتسمى القرض"، ونسي أو تناسى الوزير أن شرط الصندوق ذلك إذا ما تم تنفيذه فسيؤخر المفاوضات بأقله شهرًا، وربما أكثر، ورغم زعم وزير المالية أن الحكومة لم تتفاجئ بذلك الشرط، وبعيدًا عن "مطْوحة" الصندوق، فإن ما يطلبه "النقد الدولى"، سيكبل المصريين أعباء أخرى، يتمثل أقلها في الفائدة على الـ 6 مليارات دولار، هذا إن ارتضيت مؤسسات إقراض حكومتنا.
المؤكد أن الصندوق بشرطه ذاك، أعتقد أنه عكنن على حكومتنا، وهي التي تعكنن علينا في كل إجراء تتخذه، فاستحقت تلك المؤسسة وعن جدارة، بأن تُلقّب بصندوق "النكد" الدولي.