المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

د.خالد عرفان يكتب .. لمحات تربوية في آيات قرآنية «هل أتبعك»

الأحد 15/ديسمبر/2024 - 07:12 ص
د. خالد عرفان ..
د. خالد عرفان .. عميد كلية التربية جامعة الأزهر السابق
طباعة
"
كلما قرأت سورة الكهف وتأملتها من منظور تربوي استوقفتني هذه الجملة " هل اتبعك" وقد جاءت في سياق ذكر القرآن الكريم لقصة موسى مع الخضر، فعندما ظن موسى نفسه بأنه أعلم أهل الأرض - ولم لا ؟ فهو نبي الله ورسوله وكليمه - أراد الله أن يعلمه درسا وهو أن فوق كل ذي علم عليم؛ فأمر الله موسى بأن يبحث عن هذا العبد الصالح كي يتعلم منه ما لم يعلم، وانه سيجده عندما يفقد الحوت الذي كان معه-وقد كان- وتعد هذه القصة مرجعا للمعلم والمتعلم ولآداب العلم وتواضع العالم وطاعة المتعلم لمعلمه.. وقد سرد القرآن الكريم هذه القصة بدقة متناهية ثلاثية الأبعاد تضمنت المعلم والمتعلم والعلم، تقرأها ومأنها تعيش معهم أحداثها بجميع حواسك في تصوير لغوي رائع ، وعندما بحثت عن أهم لفظة في هذه الآيات وجدتها في قوله" هل اتبعك" ففيها آداب العلم والمعلم والمتعلم؛ حيث اشتملت على ما يلي:
- السعي للعلم والذهاب للمعلم لا العكس: فالعلم يجب أن نسعى اليه ولا يسعى إلينا تقديرا واجلالا للعلم ومكانته، وما ضاع العلم فينا إلا من بعد أن تسول المعلم والعلم بيوت الطلاب في دروس خصوصية مذلة؛ فهنا أمر الله موسي بأن يبحث عن العلم ويذهب إليه وإلى معلمه فقال؛"وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فقد عزم على عدم التوقف عن البحث والسير في طلب العلم حتى لو قضى حقبا في البحث أي سنين طويلة من عمره طلبا للعلم.
- الصحبة والجماعية في طلب العلم: فوجود أكثر من طالب يشجع المعلم على بذل الجهد في تعليم طلابه ، كما أنه يشجع الطالب على مزيد من التعلم من خلال التعاون والتفكير الجمعي مع زملائه؛ لذا اصطحب موسى معه فتاه وهو يُوْشَعُ بْنُ نُوْنٍ بن أفرانيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وقد كان نبيا من أنبياء بني إسرائيل وهو الذي استخلفه الله على بني إسرائيل بعد وفاة موسى وهارون ، وعلى يديه فتح الله بيت المقدس.
وقد أثبت علم النفس الاجتماعي أن وجود مجموعة من المتعلمين المتعاونين يحقق تعلما أفضل.
- بذل الجهد والتعب في سبيل العلم: فقد بذل موسى وفتاه جهدا كبيرا حتى وصلا إلى الخضر ، قال تعالى: فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62) والنصب شدة التعب فطريق العلم صعب ومجهد حتى على الانبياء .
- التزود بالمال والغذاء في سبيل العلم حتى يتفرغ طالب العلم لطلب العلم؛ لذا كان مع موسى حوت يمثل زاده في طريق طلب العلم؛ لذا عندما تعب قال لفتاه "فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا " أي تعبنا تعبا شديدا ونحتاج الى الطعام فأحضر لنا الطعام .
لذا لا بد من وقف الأموال والميزانيات الضخمة لطلبة العلم حتى نوفر لهم ما يحتاجونه ليتفرغوا للتعلم.
- إن النسيان من الشيطان فقال الفتى لموسى :" قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ " (٦٣) لذا كلما اقتربت من الله كنت أكثر ذكرا لله وأقل نسيانا له ولفعل الخير.
- إن عودة الحوت حيا إلى البحر معجزة من الله لموسى ليعرف بها المكان الذي حدده الله له كي يلتقي فيه بالخضر عليه السلام؛ لذا عندما فقده قال موسى :" قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَارْتَدَّا عَلَىٰ آثَارِهِمَا قَصَصًا (64)
- الصلة الوثيقة بين العلم وعبادة الله سبحانه وتعالى: وفي ذلك تشريف للعالم ورفع شأنه في كونه عبدا لله قال تعالى:" فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65)
- ان العلم مراتب اعلاها العلم الفيضي الذي يهبه الله لمن يشاء من عباده، وادناها العلم الكسبي؛ لذا قال الله: " وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) وإسناد العلم إلى الله دلالة على أنه علم عظيم، فما يسند أو يضاف إلى العظيم حتما سيكون عظيما وإلا ما بحث عنه نبي كي يتعلمه.
- العلاقة الوثيقة بين العلم والرحمة فمن رحمة الله بنا أن نتعلم العلم كي نسترشد به في حياتنا؛ فتخيل معي حياتنا اليوم بدون علم كيف سيكون حالها؟ هذا بالنسبة للعلم الكسبي فما بالنا بالعلم الفيضي، فالعلم رحمة من الله قال تعالى:" آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا (65) ولاحظ ضمير الجمع في آتيناه للتعظيم، والعظيم إذا أعطى أعطى شيئا عظيما ، وإذا كان العظيم أهدى علما عظيما إلى عبد من عباده؛ فهذا يعني عظمة العبد الذي يحمل هذا العلم.. وكأن الله يعلم موسى قدر المعلم وقدر العلم الذي يبحث عنه، وأنه علم يستحق العناء.. لذا لا تتعجب قدر العناء والتعب الذي كان يتحمله رسول الله(ص) عند لقاء جبريل حتى أن جبين رسول الله (ص)كان يتصبب عرقا كي يدرك عظمة هذا القرآن وينتبه جيدا ويكون القرآن في بؤرة شعوره ، ويستقبله بقلبه قبل حواسه فيطبع القران في قلبه طبعا فلا ينسى منه حرفا؛ فالنفس البشرية لا تعنى بما يأتي إليها سهلا؛ لهذا قال الله لرسوله(ص):" طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ (3) وجميعنا يعرف قصة زمليني زمليني دثريني دثريني. فكل تعلم يكون نتيجة لخبرة قوية ومعايشة تهز الاعماق لا يمكن أن ننساها أبدا؛ فمن سمع ليس كمن رأى، ومن رأى ليس كمن سمع وراي، ومن سمع وراى ليس كمن عاش الموقف.
ثم تنتقل السورة بعد ذلك إلى وضع وثيقة بين المعلم والمتعلم يحترمها الطرفان فيها ما يلي:
- الاتباع لا الابتداع: فموسى ما زال في مرحلة التلمذة التي يجب أن يكتسب فيها العلم، ويحتفظ به ويتدبره ويتأمله حتى يكون قادرا في المستقبل على الابداع؛ فالابداع لا يأتي من فراغ؛ فله مراحل ( اكتساب المعلومة- الاحتفاظ بالمعلومة- مرحلة الاختمار للمعلومة- مرحلة الاشراق والوصول للجديد) وموسى ما زال في المرحلة الاولى فعليه ان يكتسب ولا يستعجل لذا كان هذا الشرط..
- الطاعة وعدم الاستعجال في طرح الاسئلة:"قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فالعلم يحتاج الى تريث وتدبر وتأمل وإطالة نظر وعلى رأسها الصبر..
- الملازمة: حيث يلزم المتعلم معلمه فكأنهما أسرة واحدة؛ فالعلم رحم بين أهله، لاحظ التصاق الفعل بالفاعل المضمر بالمفعول به وهو كاف الخطاب في كلمة واحدة، مع اختفاء تام للفاعل فليس من حقه الظهور في وجود استاذه صاحب المقام الرفيع، وكان اللغة تعبر برسمها كما تعبر بمعناها؛ وهذا امر تتفرد به اللغة العربية عن غيرها.
- تواضع المتعلم مع معلمه: فموسى لم يقل للخضر أصحابك؛ لأن فيها ندية وتساو، وإنما قال" اتبعك" ودائما المتبوع أعلى درجة ومكانة من التابع ؛ فعلى المتعلم أن ينظر للمعلم نظرة الادنى للاعلى وليس العكس أو النظير .. والا فكيف سيتعلم منه وهو يرى انه مساو لاستاذه او أعلى منه؟!
- تحديد الهدف: فكل نشاط إنساني بلا هدف هو عبث لا طائل من ورائه؛ لذا حدد موسى هدفه مع معلمه:" عَلَىٰ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66)
وهنا قال رشدا ولم يقل علما؛ فالهدف ليس نظريا بل الهدف إجرائي؛ فالعلم معرفة الحق بينما الرشد العمل بالحق، وهذا ذكاء وطموح من المتعلم، يريد العلم بشقيه النظري والتطبيقي، ولاحظ بناء الفعل للمجهول في قوله" علمت" وهو تعبير يدل على التعظيم والتقدير الذي يكنه موسى لعلم الخضر لأنه علم من الله والبناء للمجهول يدل على التعظيم لصاحب العلم وهو الله سبحانه وتعالى .
- وضع شروط التعلم: وهنا يأتي حق المعلم في وضع شروط كي يقبل الطالب في ساحة علمه فقال الله على لسان الخضر:" قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَن شَيْءٍ حَتَّىٰ أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) لان الهدف ليس فقط تعليم العلم وانما اكساب موسى جوانب مهمة لطلب العلم وهي الصبر وعدم الاستعجال؛ لذا طلب منه الصمت والصبر حتى يشرح له فيما بعد؛ فكيف نتعلم العلم بدون صبر وتحمل لمشاقه وصعوباته؟! فهنا نهي عن الاستعجال المعرفي قبل استكمال الصورة أمامه وتمام الأحداث.
- قبول المتعلم شروط المعلم: فقد وافق موسى على الشروط :" قَالَ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) وأكد على الموافقة بقوله" لن اعصي لك امرا"
- ان علم الله منة من الله وليس قاصرا على الانبياء والرسل فقد علم الله الخضر ما لم يعلمه لموسى وهو نبي الله وكليمه.
- الخبرة المربية أهم من العلم النظري: فالله قادر على أن يعلم موسى ما يريد دون تعب أو شقاء ولكن أراد أن يعلمه درسا عمليا وواقعيا يشقى في سبيله؛ لذا سيكون درس العمر الذي سيشكل شخصيته وعقلية ، وهذا ما تأخذ به التربية المعاصرة الآن؛ حيث خرجت من الفصول إلى الغابات والبحار والأنهار والمصانع والبيئة المحيطة كي يتعلم الطلاب من الواقع معلومات ومهارات حية لا تنسى كما فعلت فنلندا.
- التدرج والتنظيم في خبرات ومحتويات التعلم: فقد اتفق الطرفان على شروط الالتحاق بمدرسة الخضر، ثم قام الخضر بتظيم محتوى وخبرات التعلم في تنظيم عجيب من السهل إلى الصعب، وجميعها مواقف تتحدى الصبر ولا يمكن أن يصبر عليها عاقل لا يعرف السر وراءها، وذلك على النحو التالي:
-الاول: الاساءة إلى من أحسن: فقد ركبا السفينة وأصحاب السفينة أحسنوا إليهم، ولم يأخذوا منهم أجرا وبعد انصرافهم خرق الخضر سفينتهم..!
-الثاني: الاساءة الى من لم يخسن ولم يسء: فقد قتل الخضر طفلا بريئا ؛ وهذا أشد من الموقف السابق.. في تحد جديد لصبر موسى على التعلم.
-الثالث: الإحسان إلى من أساء إليهما : وهذا ليس أصعب وإنما أغرب وأكثر عجبا؛ ففي الموقفين السابقين إساءة الى من أحسن ثم إساءة إلى من لم يحسن ولم يسىء، والثالث إحسان إلى من أساء؛ وفي كل موقف يواجه موسى تحد أصعب من الذي قبله..وهنا نتعلم تنظيم محتويات التعلم للدارسين من السهل الى الصعب حتى يسهل تعلمها، وأن يكون فيها قدر من التنوع والتحدي العلمي والعقلي كي يدرك الطالب الإنجاز في التعلم فيكون دافعا لمزيد من التعلم لان ذلك يشعره بالإنجاز.
وبناء على التدرج في الصعوبة كان هناك تدرج في تعجب موسى وإنكاره للأمر لعدم معرفته بالسر وراءه وهو العلم الذي غاب عن موسى وعلمه الله للخضر وهو الغيب والمستقبل؛ فقال في الاولى:" لقد جئت شيئا إمرا" اي منكرا ، وفي الثانية تعاظم الامر عليه فقال :" لقد جئت شيئا نكرا" اي منكرا أعظم، وفي الثالثة قال لأنه احسن في فعله فليس فعله إمر ولا نكر ؛فقال "لو شئت لاتخذت عليه أجرا "
- اتاحة الفرصة: فمن حق المتعلم أن يخطيء ومن واجب المعلم أن يصوب ويمنح الفرصة؛ لذا منح الخضر موسى ثلاث فرص ينبهه وراء كل واحدة منها، لاحظ التدرج في العتاب والتعزيز السلبي؛ في الاولى قال الخضر لموسى في الاولى:" قَالَ أَلَمْ أَقُلْ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (72) فكان الامر عاما، وفي الثانية كان خاصا بموسى فجاءت "لك" في قوله:" قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (75) وهذا انكار اشد لانه خصص موسى به، وفي الثالثة قال:"قَالَ هَٰذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ ۚ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (78)
- لا بد أن نتوقف عن إعطاء الفرص لمن لا يمكنه التعلم وعلينا أن نوجهه الى مجال آخر يستطيع أن ينجز فيه؛ فبعد ثلاث فرص قال الخضر" هذا فراق بيني وبينك"
- إن أعلى درجات التعلم هي تلك تأتي من مواقف حقيقية وخبرة مربية تفاعلية فهي تحفر في الذكرة ويصعب نسيانها؛ فرحلة علمية كتلك التي اصطحب فيها الخضر موسى افضل من عشرات الدروس والمحاضرات النظرية.
- التلمذة: فهي تقوم على تفاعل بين المعلم والمتعلم خاصة في المهارات والجوانب العملية" فمن استشيخ الصحيفة ضاع منه نصف العلم" ؛ فمهما تقدمت تقنيات التعليم والعالم الافتراضي والذكاء الاصطناعي فلا غنى عن المعلم، فهو الذي ينقل ويجسد العلم والمعرفة في ممارسات حية أمام طلابه، اضافة الى سلوكيات واخلاقيات العالم التي لا يمكن تعلمها في العالم الافتراضي، وإنما من خلال الخبرات الحية التي تختلف كثيرا عن المحاكاة؛ وانه يمكن الاستفادة بالتقنيات كنشاط اثرائي وليس أساسيا في العملية التعليمية.
- وضع المتعلمين في مشكلات تعلم حقيقية وان نطلب منهم التريث والصبر في التعامل معها من أجل الوصول الى المعلومات الصحيحة لحلها، كما فعل الخضر مع موسى؛ كي ينقل التلميذ ذلك الى كل مواقف الحياة التي تواجهه، وهذا ما طلبه موسى فقال" مما علمت رشدا" وليس مما علمت علما؛ فالرشد العلم التطبيقي الذي يمكن نقله لمواقف أخرى في المستقبل.
- تقديم المعلم الدعم لطلابه كي يفهموا حقيقة مواقف التعلم والمعلومات التي تساعدهم في حلها؛ لذا قام الخضر بالاجابة عن اسئلة موسى التي لم يصبر على تعلمها؛ فقال له-:" سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا (78) ولاحظ ان كلمة " تستطع" جاءت بالتاء لأن الأمر كان صعبا على موسى ويحتاج إلى استطاعة كبيرة كي يصبر حتى يتعلم ، وبعد أن شرح له الخضر وعلمه أصبح الامر سهلا لدى موسى لأنه علم ما كان يجهله؛ لهذا قال له الخضر بعد التوضيح " هذا تأويل ما لم تسطع عليه صبرا" فجاءت من غير التاء لأن الأمر أصبح سهلا على موسى بعد أن علم؛ ففي اللغة زيادة البنية تؤدي الى زيادة المعنى والعكس ؛ وهذا يعني أن العلم يوضح الغامض، وييسر العسير، ويسهل الصعب.
لاحظ- عزيزي القاريء- أن هذه السورة عرضت اربعة أنواع من الفتن ( فتنة الدين ويمثلها أصحاب الكهف- وفتنة المال ويمثلها الغني وصاحبه- وفتنة العلم ويمثلها موسى والخضر- والرابعة فتنة القوة والسلطان ويمثلها ذو القرنين) وأن سر النجاح في التعامل مع هذه الفتن هو العلم.
- إن هذه السورة بدأت بالكتاب وختمت بكلمات الله ؛ وما بين الكتاب والكلمات هو العلم ؛ فالكتاب وعاء العلم والكلمات ادوات العلم فلا كتاب بدون كلمات ولا كلمات بدون كتاب؛ وكلمات الله لا تنفد ؛ لذا فهي سورة العلم ، فمن قرأها يوم الجمعة كانت له نورا ، لأن العلم نور ينير القلوب فيهديها إلى الحق، كما ينير النور الحسي البصر ، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين. رواه الحاكم والبيهقي وصححه الألباني
وأخيرا - عزيزي القارئ- إذا اردت أن تعلم او تتعلم ضع " هل اتبعك" وما قبلها وما بعدها أمام عينيك؛ فقد جمعت لك منظومة التربية والتعليم والتدريس في تنظيم إجرائي بديع بلغة راقية وتصوير كأنك تراه بعينيك ..
والله أعلم
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads